Abstract
العقود إنما شرعت للحاجة والمصلحة لا لمحض العبادة، وما یدل على ذلک وجودها قبل الشرع، حیث کان التعاقد معروفاً عند العرب قبل الاسلام، فکانوا یعرفون عقود المعاوضات المالیة من بیع واجارة واستصناع ونحوها، وما یدل على أنها وجدت للحاجة والمصلحة أن الشرع أقرها على وجه جعلها کفیلة بأن تحقق للناس مصالحهم وتوفر لهم رغائبهم وحاجاتهم، کما أقر للناس أن ینشؤوا العقود بارادتهم، وجعل لهذه الارادة دوراً مهماً فی تحدید آثار تلک العقود بشرط ألا تتجاوز الحدود التی بینها ورسمها، وألزم المتعاقدین بآثارها بایجاب منه، فالعقود لیست من الأسباب العقلیة التی تترتب علیها آثاراً ترتباً لازماً بمقتضى العقل، وإنما هی أسباب جعلیة شرعیة، بمعنى أن الشارع جعلها کذلک، أو أقر مادرج الناس علیه من اعتبارها أسباباً لآثار معینة محددة أرادها الناس منها، ثم بینها الشارع وفصلها، فجعل لکل عقد آثاراً خاصة به، تتحقق به الأغراض الصحیحة التی یقصدها العاقدان من انشائه، فللبیع مثلاً آثار خاصة به، وللاجارة آثار لازمة لها وهکذا، وآثار کل عقد تسمى حکمه، ولکن ما المقصود بتلک الآثار أو ذلک الحکم على وجه التحدید والتفصیل؟ وهل أن تلک الآثار هی ذاتها الالتزامات والحقوق التی یوجبها العقد على المتعاقدین؟ وهل أن حکم العقد هذا یترتب دائماً فی جمیع العقود؟ أم أن هناک أسباب تمنع ترتبه أو تعرقله أو تعترضه؟
إن جمیع التساؤلات المتقدمة سنحاول الاجابة علیها فی محورین، الاول نتناول فیه التعریف بحکم العقد وتمییزه عما یشتبه به، أما المحور الثانی فسیکون حول حکم العقد فی الفقه الاسلامی آخذین البیع نموذجاً لدراستنا هذه فی ضوء المنهج التحلیلی المقارن.
إن جمیع التساؤلات المتقدمة سنحاول الاجابة علیها فی محورین، الاول نتناول فیه التعریف بحکم العقد وتمییزه عما یشتبه به، أما المحور الثانی فسیکون حول حکم العقد فی الفقه الاسلامی آخذین البیع نموذجاً لدراستنا هذه فی ضوء المنهج التحلیلی المقارن.