Abstract
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله, وكفى بالله شهيداً, أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, فهدى بنوره من الضلالة, وبصر به من العمى, وأرشد به من الغي, وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً, وقلوباً غلفاً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
أما بعد: لقد ترك المسلمون الأوائل لنا تاريخاً اقتصادياً مليئاً بالأفكار التي ببساطتها وجدت حلولاً عملية لمشكلات الإنسان الاقتصادية , بخلاف الفكر الوضعي المعاصر الذي رغم رصيده الهائل من الفكر والنظريات لم يقدم تصور واقعي وعملي لحل مشكلات الإنسان المعاصرة بخلاف ما يعتقده البعض, فليس المهم أن تكون هناك نظريات ومنحنيات وقوانين وإنما المهم هو إيجاد حل لمشكلة الإنسان الاقتصادية أي الاهتمام بحاجاته ومتطلبات العيش الكريم, ويبدو أن هذه القضية قد أغفلها الاقتصاديين المسلمين اليوم تماشياً مع التيار السائد.
وعلى قاعدة المغلوب مولع بتقليد الغالب يقول ابن خلدون في المقدمة إن النفس تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه, أو بما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي, إنما هو لكمال الغالب, ويأتي هنا التحدي الذي يواجهه الاقتصاديين المسلمين بكيفية استثمار تراثهم الغالب على واقعهم المغلوب ومواجه هذا التحدي لا يأتي من رفض الواقع والتغني بالماضي أو رفض الماضي وتقديس الحاضر وإنما يأتي عن طريق فهم المقاصد بتتبع الأحداث الجزئية لتكوين قواعد ومقاصد كلية في مجال الاقتصاد ومن ثم محاولة الإتيان بها بطرق معاصرة, وهناك الكثير من الأمثلة في هذا الشأن نذكر منها ظاهرة البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فمجرد رفضها لأنها بنوك وإنها جاءت من نظام اقتصادي رأسمالي هو توجه خاطئ, لأنها بكل ببساطة واقع مفروض علينا لا خيار لنا فيه, ومن جهة أخرى حاجة الناس لهذه المؤسسات اليوم لا تستطيع أن تتجاهلها, وهنا يأتي دور الباحثين عن الحلول, فكل مشروع إسلامي اليوم فيه إيجابيات وسلبيات والنظرة المقاصدية إلى هذه المشاريع توضح الأمور أكثر لدى المتعامل معها وعليه فان من المشكلات الاقتصادية الكبرى التي تواجه دول العالم على اختلافها التنظيم الاقتصادي لعرض النقود والذي إذا عدم فانه يهدد اقتصاديات كثير من الدول أو يزعزع استقرارها ويعيق نموها أو يربكه والذي رشح هذا التنظيم لهذا التأثير الواسع ما يترتب عليه من اثأر كثيرة تطال جوانب عديدة ومهمة في حياه الناس سواء الدينية منها أو الاجتماعية والسياسية والاقتصاديه ولما كان للتنظيم الاقتصادي للنقود هذه ألمكانه والمنزلة فقد ارتأيت إن اكتب في هذا الموضوع الحيوي والفعال في حياه لامه الإسلامية فكان موضوع بحثي التنظيم الاقتصادي لعرض النقود في الفقه الإسلامي وكان في مقدمة وتمهيد وخاتمة وأربعة مباحث ومنها: