Abstract
لقد حفل أدبنا الحديث بنماذج رائعة لشعراء ارتقوا بمستوى الشعر العربي بعد عهود من الجهل والتخلف ، وعبروا في شعرهم عن الآم شعبهم وأمتهم في عصر تسلطت فيه سيوف المحتلين والحكومات العميلة لهم على رقاب الشعوب العربية. ومن هؤلاء الشعراء (حافظ إبراهيم)، واسمه الكامل »محمد حافظ بن إبراهيم فهمي«(1) ولد سنة 1872م من أبٍ مصري وأمٍّ تركية في ديروط إحدى بلدات صعيد مصر(2)توفي أبوه وهو صغير فكفله خاله ، وفي مدة التعليم الابتدائي لم يظهر تفوقًا في تعلمه ، ثم انتقل إلى مدينة (طنطا) وأخذ يختلف إلى الدروس الدينية التي تلقى في(المعهد الأحمدي الديني)، وهناك كان يقضي معظم وقته مع طلاب المعهد يقرأ في بعض كتبهم، ويتذاكرون الأدب فيما بينهم، ويتطارحون الشعر)3 (.
عمل في المحاماة زمنًا ، ثم تركها واتجه إلى المدرسة الحربية في القاهرة سنة 1890م وتخرج منها ضابطا برتبة ملازم ثان ولم يستفد حافظ كثيرًا خلال هذه المدة التي قضاها في هذه المدرسة لأن مناهجها كانت ضعيفة بسبب تدخل السلطة آنذاك في برامج التعليم بل جاءت ثقافته من خلال مطالعاته الشخصية وربما كان تحوله من المحاماة إلى المدرسة الحربية بسبب تأثره بالشاعر الكبير (محمود سامي البارودي) حيث إن البارودي درس في المدرسة الحربية ، فلم يسر حافظ على خطى البارودي في الشعر فحسب ، بل حتى في المدرسة التي درس فيها)4 (.
تم استدعاء حافظ من وزارة الحربية للمشاركة في الحملة البريطانية للقضاء على الثورة المهدية في السودان عام 1896م ، ثم حدثت في السودان ثورة في الجيش المصري المشارك مع الحملة اتهم فيها حافظ مع سبعة عشر ضابطًا بالتحريض عليها فحوكم وأحيل على الاستيداع عام 1900م ، بعدها أحيل إلى التقاعد من خدمة الجيش عام 1903م فبدأ بالبحث عن عمل جديد ، ولم يكن ذلك سهلا فقد طلب تعيينه في جريدة الأهرام ، ولكن طلبه رفض مع أن أحمد شوقي توسَّط له في ذلك لعلاقته بالقصر ، فأخذ في تلك المدة يختلف إلى مجلس الإمام (محمد عبده) ، وقويت صلته به ، وقد عطف عليه الإمام وأنهله من علمه وفضله ، وتمكن من الاتصال بطبقات مختلفة من الشعب المصري ، فقد عايش حافظ الطبقة الممتازة من الشعب والتي تضم شخصيات سياسية ودينية واجتماعية مرموقة كانت تسعى إلى إصلاح أوضاع البلاد والنهوض بها أمثال: سعد زغلول ، ومصطفى كامل ، والشيخ علي يوسف وغيرهم، وعايش كذلك أقرانه من الأدباء الذين كانوا يتفاوتون في مستوياتهم المعاشية ، وعلى النحو نفسه كان حافظ يخالط عامة الشعب نتيجة فقره(5( ولعل هذا ما جعل الحس الوطني يتضح في شعره.
وفي سنة 1911م عين حافظ رئيسًا للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية ، وبقي في هذه الوظيفة حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1932م ، وقد أصيب حافظ بداء السكري عام 1922م ، وعاش الأعوام الأخيرة من عمره مترقبًا للموت إذ كان يرى أصحابه يموتون الواحد تلو الآخر ، فأيقن حافظ بأنَّه لاحق بهم عن قريب ، وكثيرًا ما عبَّر عن ذلك في مرثياته لأصحابه(6(. ومن ذلك قوله(7(:
تفرَّق أهلي وأحبابي وأخَّرت يد الله يومي فانتظرت أواني
وفي يوم الخميس 22 تموز 1932م توفي حافظ إبراهيم ، وشيِّعت جنازته بحضور العديد من الأدباء والسياسيين ، كخليل مطران ، وعبد العزيز البشري ، ومصطفى النَّحاس ، فضلا عن أقرانه من كبار الشعراء كأحمد شوقي(8( الذي رثاه بقصيدة يقول فيها(9(:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياءِ
لكن سبقت وكل طول سلامة قدرٌ وكـلّ مـنيةٍ بـقضـاءِ
الحق نادى فاستجبت ولم تزل بالحق تحفل عـند كلِّ نـداءِ
عمل في المحاماة زمنًا ، ثم تركها واتجه إلى المدرسة الحربية في القاهرة سنة 1890م وتخرج منها ضابطا برتبة ملازم ثان ولم يستفد حافظ كثيرًا خلال هذه المدة التي قضاها في هذه المدرسة لأن مناهجها كانت ضعيفة بسبب تدخل السلطة آنذاك في برامج التعليم بل جاءت ثقافته من خلال مطالعاته الشخصية وربما كان تحوله من المحاماة إلى المدرسة الحربية بسبب تأثره بالشاعر الكبير (محمود سامي البارودي) حيث إن البارودي درس في المدرسة الحربية ، فلم يسر حافظ على خطى البارودي في الشعر فحسب ، بل حتى في المدرسة التي درس فيها)4 (.
تم استدعاء حافظ من وزارة الحربية للمشاركة في الحملة البريطانية للقضاء على الثورة المهدية في السودان عام 1896م ، ثم حدثت في السودان ثورة في الجيش المصري المشارك مع الحملة اتهم فيها حافظ مع سبعة عشر ضابطًا بالتحريض عليها فحوكم وأحيل على الاستيداع عام 1900م ، بعدها أحيل إلى التقاعد من خدمة الجيش عام 1903م فبدأ بالبحث عن عمل جديد ، ولم يكن ذلك سهلا فقد طلب تعيينه في جريدة الأهرام ، ولكن طلبه رفض مع أن أحمد شوقي توسَّط له في ذلك لعلاقته بالقصر ، فأخذ في تلك المدة يختلف إلى مجلس الإمام (محمد عبده) ، وقويت صلته به ، وقد عطف عليه الإمام وأنهله من علمه وفضله ، وتمكن من الاتصال بطبقات مختلفة من الشعب المصري ، فقد عايش حافظ الطبقة الممتازة من الشعب والتي تضم شخصيات سياسية ودينية واجتماعية مرموقة كانت تسعى إلى إصلاح أوضاع البلاد والنهوض بها أمثال: سعد زغلول ، ومصطفى كامل ، والشيخ علي يوسف وغيرهم، وعايش كذلك أقرانه من الأدباء الذين كانوا يتفاوتون في مستوياتهم المعاشية ، وعلى النحو نفسه كان حافظ يخالط عامة الشعب نتيجة فقره(5( ولعل هذا ما جعل الحس الوطني يتضح في شعره.
وفي سنة 1911م عين حافظ رئيسًا للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية ، وبقي في هذه الوظيفة حتى أحيل إلى التقاعد سنة 1932م ، وقد أصيب حافظ بداء السكري عام 1922م ، وعاش الأعوام الأخيرة من عمره مترقبًا للموت إذ كان يرى أصحابه يموتون الواحد تلو الآخر ، فأيقن حافظ بأنَّه لاحق بهم عن قريب ، وكثيرًا ما عبَّر عن ذلك في مرثياته لأصحابه(6(. ومن ذلك قوله(7(:
تفرَّق أهلي وأحبابي وأخَّرت يد الله يومي فانتظرت أواني
وفي يوم الخميس 22 تموز 1932م توفي حافظ إبراهيم ، وشيِّعت جنازته بحضور العديد من الأدباء والسياسيين ، كخليل مطران ، وعبد العزيز البشري ، ومصطفى النَّحاس ، فضلا عن أقرانه من كبار الشعراء كأحمد شوقي(8( الذي رثاه بقصيدة يقول فيها(9(:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياءِ
لكن سبقت وكل طول سلامة قدرٌ وكـلّ مـنيةٍ بـقضـاءِ
الحق نادى فاستجبت ولم تزل بالحق تحفل عـند كلِّ نـداءِ
Keywords
اللغة العربية ،الادب