Surra Man Ra'a

يعد النمو السكاني من المواضيع المهمة التي تعالجها جغرافية السكان وذلك لعلاقته بالعديد من المشاكل التي يعاني منها السكان كالغذاء ، الخدمات والسكن ، ونظراً لكون معدلات السكان في محافظة صلاح الدين من المعدلات العالية جداً حيث وصلت في بعض فتراتها الى 4،5 % سنوياً وخاصة للفترة 1977 – 1987 ، مما يعطي مؤشراً على مضاعفة السكان خلال فترة لا تتجاوز 20 عاماً وهذه المعدلات تفوق معدل النمو في القطر وكذلك معدلات النمو في اغلب المحافظات وكان لأرتفاع معدلات الخصوبة السكانية والهجرة الداخلة نحوها خاص لتعدادي 1987 و 1997 اذ عدت من المحافظات الجاذبة للسكان .
اما مشكلة السكن فهي ليست في المحافظة فقط ، وانما في القطر وجميع محافظاته ، وهي ذات ابعاد عديدة ومعقدة وبدأت تتفاقم سنة بعد اخرى ، واصبحت من المشكلات التي تستحق الدراسة والبحث ، وهي ليست مهمة للجغرافي حسب وانما تقع على عاتق العديد من الاختصاصات ، ونظراً لترابط العلاقة فيما بينهما فقد تم اتخاذ هذا الموضوع عنواناً للبحث في محاولة لكشف عن اتجاهات كل من النمو السكاني والمشكلة السكنية .
وتتمثل مشكلة البحث ببيان حجم النمو السكاني للمحافظة والحجوم السكانية المستقبلية للفترة 1997 – 2007 و 2007 – 2017 . وما هو حجم الوحدات السكنية المطلوب بنائها للفترتين . ولذلك فأن هدف البحث() هو التنبؤ بحجم سكان المحافظة المستقبلي بناءً على معدلات النمو السكاني وصولاً الى تحديد عدد الوحدات السكنية المطلوبة بناءً على ذلك ،
ويفترض البحث ان تصبح المحافظة بحجم سكاني كبير للأعوام 2007 – 2017 وسيتراوح بين 1،25-1،75 مليون نسمة وان هناك عجزاً سكنياً متوقعاً لسنتي 2007 و 2017 وذلك لأسباب عديدة منها انخفاض مساهمة القطاع العام في بناء وحدات سكنية وارتفاع كبير في
كلفتها مع استمرار ارتفاع معدلات النمو السكاني المرتفعة واستخدم المنهج الوصفي والتحليلي للبيانات حيث كان ذلك ضرورياً .

الحمد لله رب العالمين خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وصوره بأفضل تصوير وجمّله بأعظم تجميل ، وجعله مكرَّماً وسخر له كل شيء بتقدير وتذليل ، والصلاة والسلام على سيد الخلق وحبيب الحق نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، وأما بعد :
فإن خير عمل يشتغل به المرء هو التفقه في الدين ، وأفضل طريق يسلكه الإنسان هو طريق الشَّرع الحكيم مصداقاً لقول النبي الكريم سيدنا محمد  : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين( ) )) .
ودراسة الفقه مطلوبة في كل الميادين وفي شتى المسائل ، ولقد ترك لنا فقهاؤنا المتقدمون ذخيرة كبيرة يندر وجود مثلها في العالم أجمع ، لأنها أساس هذا الدين الموحى به إلينا من قبل رب العالمين وهو المرتضى والمختار وكتابه القرآن والذي ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﭼ [فصلت: ٤٢] مصدر التشريع الأول ، أنزله رب العالمين وتعهد بحفظه كما قال جلَّ شأنه : ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ [ الحجر: ٩ ] ، وبرزت معظم أحكامه وتشريعاته حسب الحوادث والوقائع وشرحت آياته على أفضل تفسير واستنبطت منها كل الأحكام ، وما ذلك إلا من عناية الله  وتأييده لعباده العارفين الذين حملوا لواء الشريعة وكانوا نبراساً أضائوا طريق السالكين ، حتى أنه ما من مسألة حياتية ولها صلة بالتشريع إلا كان لها النصيب الأوفر في البحث عن حكمها وإيجاد حلٍ لكلِ ما من شأنه أن يُحل ، ولقد أخرجوا لنا فقهاً عظيماً خالداً يرجع إليه كل المسلمين في كل وقت وحين ، ومع هذا الإنجاز العظيم فإن هناك بعض المسائل التي لم تكن مطروقة في زمن الفقهاء المتقدمين قد ظهرت اليوم وبرزت إلى حيّز الوجود من خلال المستجدات الحديثة ، واشتركت القنوات الفضائية بالدعاية أو الترويج لها ، وهي تريد إيجاد حكم شرعي يتوصل به إلى مشروعية السلوك والتصرف في هذه المستجدات ، ومن هذه المستجدات – عمليات التجميل – التي أصبحت اليوم مشتهرة والإقدام عليها كثيرٌ ومن كلا الجنسين الرجال والنساء ، فما هي هذه الدوافع أو الأسباب التي تجعل من هؤلاء الناس يتسابقون إليها وبكل قوة وإقدام ، وهذه المسألة في حقيقتها من فقه النوازل والتي تبحث عن موقعها من الفقه والتشريع ، فأحببت أن أكتب في هذه المسألة وجعلتها
بحثاً بعنوان ( عمليات التجميل دوافعها وضوابطها ) وجعلته في مقدمة وخمسة مباحث ، وخاتمة واستنتاجات ، وقد سلكت في ذلك واعتمدت أسلوب البحث العلمي في كتابة البحوث مما يتعلق بها من آراء الفقهاء المتقدمين من المذاهب الأربعة إضافة إلى الظاهرية والزيدية والإمامية والإباضية إن وجدت لهم آراء ، مع ذكر بطاقة الكتاب كاملة وذكر المؤلف والطبعة والسنة والمكان والجزء والصفحة ، عند وروده لأول مرة فقط ثم بعد ذلك اسم الكتاب والجزء والصفحة حينما يرد ثانية ، مع الترجمة البسيطة لغير المشاهير من الأعلام وتخريج الأحاديث من أماكنها في كتب الحديث والإشارة إلى درجة الحديث من حيث صحته أو عدمها ، إلى غير ذلك مما يتطلبه البحث ، وأسأل الله تعالى في ذلك التوفيق والإعانة وأن يخرج البحث بطريقة شرعية منضبطة ومقبولة ، إنه على كل شيء قدير .

ما أن سيطر ابن أبي عامر على مقاليد الحكم بالدولة الاموية ، حتى باشر اهتمامه بمناطق نفوذ الامويين بالمغرب ، ولكن مما يلاحظ على سياسته المغربية انها اختلفت عمن سبقه من خلفاء بني امية بالاندلس ، فرغم انه خص مدينة سبتة عناية خاصة ، اذ عمل على ضبطها بمجموعة من الجنود الامويين ، وقلدها كبار قادته العسكريين الا انه في نفس الوقت ، اكتفى باسناد مهمة ضبط المناطق التي تلي سبتة ، إلى بعض زعماء زناتة الموالين للدولة الاموية بعد ان اغراهم بالاموال والخلع والجوائز ، وتثبيت اسمائهم في الديوان ، لكي تجرى عليهم الاموال بشكل منتظم ، فأحب رؤساء زناتة سياسة ابن أبي عامر هذه ، وجدوا في الدفاع عن مناطق نفوذ الامويين ضد قبيلة صنهاجة والادارسة( ).
ويفسر (( دوزي )) سبب اتباع ابن أبي عامر تلك السياسة انه اقتنع عندما اقام بالمغرب بصفته قاضي قضاة بأن الاحتفاظ بهذه المناطق البعيدة والفقيرة نوعاً ما ، يكلف الاندلس نفقات أكثر مما يفيدها ، وهذا ما جعله ، يقتصر على تعزيز سبتة بحامية اندلسية ويترك باقي المناطق للامراء الزناتيين ، وفي المقابل تعهد أن يغدق عليهم كل انواع السخاء ثم يعقب ( دوزي ) على ذلك بقوله : (( وهذه السياسة كانت رشيدة بالنسبة للاندلس ولكنها خطيرة بالنسبة للمغرب الذي ترك لامكانياته الخاصة

تعد الكتابة واحدة من بين أهم مستلزمات التقدم الحضاري لأي أمة تريد النهوض بنفسها وتقيم حضارة خاصة بها ، لذا ربط المؤرخون تاريخ اختراع الكتابة وجعلوه الحد الفاصل بين العصور التاريخية وعصور ما قبل التاريخ ، وحددوا البدايات الأولى لنشوء الحضارات الأولى بأنه كان مرتبطاً بنشوء الكتابة(1).
وانطلاقاً من هذه الأهمية للكتابة فإن الدولة الإسلامية كانت سباقة في هذا المجال ودعت إلى تعلمها بوقت مبكر ومنذ الأيام الأولى للإسلام في عهد النبي محمد  ثم ازدادت هذه الأهمية والحاجة لها تباعاً بعد توسع رقعة الدولة الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة وبداية ظهور ملامح مؤسساتها ، كما أخذت هذه الحاجة للكتابة بالازدياد بشكل أكثر في عهد الدولة الأموية بعد توسعها واستقرارها وزيادة مؤسساتها الإدارية إذ دعم الخلفاء الأمويون الكتابة وشجعوها حتى برز في أيامها الأخيرة العديد من الكتاب المبدعين الذين شغلوا وظيفة كاتب ديوان الرسائل للخلفاء ، وظلوا محتفظين بمكانتهم حتى سقوط الخلافة الأموية سنة ( 132 هـ / 749 م ).
غير أن هذه الوظيفة استمر الاهتمام بها بمجيء العباسيين في العصر العباسي الأول عصر الازدهار الحضاري الذي أرسى القاعدة للاهتمام بها في العصر العباسي الثاني ( 247 هـ / 861 م – 447 هـ / 1056 م ) رغم الفوضى السياسية والتدخل الأجنبي في شؤون الخلافة إذ ظلت الحاجة قائمة لها وظل كتاب ديوان الرسائل محتفظين بمكانتهم ويمارسون وظيفتهم باحترام فضلاً عن حضورهم ومشاركتهم في الحياة العامة للدولة والمجتمع الأمر الذي دفعنا لاختيار هذه الدراسة(*) هنا لتوضيح مكانتهم وأثرهم في هذه الجوانب المهمة من الدولة العباسية وفي العصر العباسي الثاني تحديداً ... آملين أن نكون قد وفقنا في الوصول إلى الهدف وإعطاء صورة واضحة عن الموضوع ... والله من وراء القصد .

الحمد لله الذي هدانا بكتابه العربي المبين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد () أفصح الناطقين بالضاد ، وعلى آله وصحبه الطيّبين .
وبعد ، فإنّه لمّا طُلِب مني موضوع أكتب فيه وهو جزء من متطلبات درجة الماجستير اخترت جهود ابن كمال باشا اللغوية ؛ فوجدت أنّها واسعة ، فلم أستطع دراسة هذه الجهود بحسب مستويات اللغة ، فاقتصرت دراستي على الجانبين الصرفي والنحوي، وبعد حصولي على الدكتوراه أخذت أبحث عن موضوعات لكتابة بحوث جديدة ، فوجدت خير ما أبتدئ به أنْ أكمل دراسة المستوى الثالث من مستويات اللغة عند ابن كمال باشا ألا وهو الجانب الصوتي ، فولجت في موضوع القضايا الصوتية ، وبحثتها تحت عنوان ( الدرس الصوتي ) عنده .
وقد دفعني البحث العلمي إلى إظهار مكانته من خلال التأمل في كتابه ( الفلاح في شرح المَراح ) الذي اعتمدته في دراستي .
لقد قامت هذه الدراسة على تمهيد وثلاثة مباحث : تناولت في ( التمهيد ) خلاصة في ( التعريف بكتاب الفلاح في شرح المَراح) .
أمّا المبحث الأول فقد عني بدراسة (المخارج)و( الصفات ) . وتتبعتها في كتابه فوجدته يعتمد آراء سيبويه غالباً .
وفي المبحث الثاني اهتمت الدراسة بالكشف عن ( الظواهر التركيبية للأصوات ) مبتدئاً بالإتباع الحركي ثم عنايته بالإدغام ، وختمت المبحث بموقفه من الإمالة ثم عنايته بالهمز .
أمّا المبحث الثالث فأخلصته للحديث عن العلة الصوتية التي اعتمدت في بيانها على آرائه في كتابه ( الفلاح ) . ثم ختمت البحث ببيان أهم النتائج التي توصلت إليها .

لا يسع الباحث وهو يقوم بتقديم هذا البحث إلا ويشعر بالفخر والاعتزاز وان هذه المشاعر تنتاب كل إنسان عربي يقرأ تاريخه المجيد فهو يطلع على ما فعله الأجداد من بناء حضاري شامخ في كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية والعلمية ما شرقت شمس العرب ليس على أوربا وحدها وإنما على العالم أجمع .
هذا البحث محاولة لاستقراء النظام التربوي من خلال المدرسة النظامية التي أسسها نظام الملك أبان العهد السلجوقي والتي استطاعت أن تستقطب الطلبة والعلماء وان تكون محط أنظار العالم من كل حدب وصوب ، ولقد تناول الباحث بحثه مبتدءاً بالإسلام دين العلم وأهمية العلم والعلماء والمؤسسات التعليمية في الحضارة الإسلامية ، وتناولت صورة للتعليم في المساجد والمجالس العلمية وكذلك المدارس وقد استمر الباحث في المدارس قبل النظامية وكانت وقفة بحثنا هذا الأخيرة هي المدرسة النظامية ( نشأتها وأهميتها ) موضحاً أسلوب التدريس واشهر المدرسين ومكتبة المدرسة النظامية .
فبذلت الجهد لإستخدام المصادر القديمة ممتزجة مع المراجع الحديثة لتوضيح الصورة بشكل مبسط وابتعدت عن استخدام العبارات غير المستعملة في عصرنا الحاضر وارجوا أن أوفق في عرض هذه المادة التربوية التاريخية مستخدماً المنهج الوصفي التاريخي ولم استخدم المنهج التحليلي وذلك نابعاً من محاولة عرض المادة لإظهار وابرازالحضارة العربية الإسلامية لما غشاها من غبار ومن الله التوفيق .

لقد استهوتني دراسة مؤسسات المجتمع المدني وهي قضايا غير مبحوثة، لذا كانت رسالة الماجستير وأطروحة الدكتوراه تناولت إحدى مؤسسات المجتمع المدني العراقي، وهي مؤسسة فاعلة ولها صوت عالٍ في مجريات أحداث تاريخ العراق المعاصر.
وكانت نقابة المحامين العراقيين هي مدار بحثي في الماجستير والدكتوراه، وقد تناولت رسالة الماجستير مواقف نقابة المحامين العراقيين القومية والوطنية من عام 1941 – 1958 أما أطروحة الدكتوراه فقد بحثت في مواقف نقابة المحامين العراقيين القومية والوطنية من عام 1958 – 1968.
ولكي أكمل المسيرة في دراسة هذه المؤسسة المهمة لذا كان موضوع بحثي قد تناول مواقف نقابة المحامين العراقيين من عام 1968- 1970م. ولا أنكر الحنين إلى الماضي، والتاريخ هو سجل الماضي إذ كنت محاميا، وعشت في كنف هذه النقابة وأدرك الكثير مما تحتويه هذه المؤسسة الفاعلة لذا تناولت هذا الموضوع، كي أوثق جزء مهم من تاريخ العراق المعاصر، وهي دراسة فريدة في منظمات المجتمع المدني.
لقد واجهت صعوبات في الحصول على سجلات النقابة، لا سيما بعد أن فقدتُ العضوية بسبب تعييني مدرسا في كلية التربية في سامراء، ولان السجلات متروكة في احد مخازن النقابة ومهملة، إلا أني وبعد مراجعات عديدة حصلت عليها، وعلى مجلة القضاء التي تصدر عن النقابة، لتوثيق تاريخها عبر هذا البحث.
لقد كان العنوان البحث مواقف نقابة المحاميين العراقيين الوطنية والقومية من عام 1968 – 1970، إذ تناول المبحث الأول القضايا الوطنية ومشاركاتها القانونية ومطالبيها الوطنية لا سيما في قضية السجناء السياسيين، وقضايا الاقتصاد، والقانون، فضلا عن دفاعها عن حقوق العراق الوطنية أمام أطماع دول الجوار وفي قضية إلغاء اتفاقية عام 1937 من قبل إيران.
وتطرق البحث في المبحث الثاني إلى القضايا القومية ولا سيما دور النقابة في اتحاد المحامين العرب، ودورها في دعم القضية الفلسطينية من خلال الدفاع عن الفدائيين الفلسطينيين في سويسرا وفي أثينا عندما قُدموا للمحاكمات في هذه البلدان.
وأيضا احتوت الدراسة على مقدمة وتمهيد وخاتمة تحتوي على نتائج البحث، وقد استخدمت بعض المصادر والكتب لا سيما كتاب حصانة المحامي في التشريع المصري، للباحث اسعد محمد فهمي وكتاب تاريخ المحاماة في العراق من عام (1900- 1972) للباحث احمد زكي الخياط، فضلا عن كتب ومصادر كثيرة أخرى، وقد استفاد البحث من سجل محاضر اجتماعات نقابة المحامين العراقيين وأعداد من مجلة القضاء التي تصدر عن النقابة.
وقد قُمت ببعض المقابلات الشخصية وتوثيقها، والبعض منها حصلت عليها في دراستي السابقة، وإذ كان بقية للقول، فلا أقول إني أوفيت الموضوع حقه، ولإكمال إلا لله العلي العظيم.

تعد مرحلة الحروب الصليبية واحدة من أبرز مراحل التاريخ الأوربي في حقبة العصور الوسطى, فقد كتب عنها الكثير ألا إن الفرنسيين تميزوا عن سواهم من الأمم الأخرى بأنهم أكثر اهتماما بهذا الموضوع وتعلقا به ، من خلال عدّهم الحروب الصليبية مغامرة فرنسية بحته. هذا الأمر أدى إلى أن يتخصص الفرنسيون بالكتابة عن الحروب الصليبية بشكل أكثر غزارة مقارنة ببقية الأوربيين , وكتبوا دراسات متعددة في هذا الاتجاه, اذ نهضت المجامع العلمية الفرنسية والهيئات الخاصة ونفر من العلماء بإصدار مجموعات علمية نفيسة عنيت بالحروب الصليبية , ولعل أشهرها مجمع الكتابات والآداب (Academic des Inscriptions et Belles-Letters ) الذي أسس عام ( 1663 م) ( ) واصدر مجموعة مؤرخي الحروب الصليبية في ستة عشر مجلدا بترجمة فرنسية واختصت مجلدات منه بالمؤرخين الشرقيين فترجمة منتخبات من تاريخ أبي الفداء (ت 732هـ /1331م), ومنتخبات من كتابي الكامل والباهر لعز الدين بن الأثير(ت 630هـ / 1232م) , كما ضم المجلد الثالث منتخبات من سيرة صلاح الدين لابن شداد(ت 632هـ / 1234م) وتاريخ مرآة الزمان لسبط بن الجوزي (ت654هـ / 1256م) , وتاريخ حلب لأبن العديم (ت660هـ/1261م), فضلا عن كتاب الروضتين لأبي شامة(ت 665هـ/ 1266م) وذيله( )
هذا إلى جانب إسهامات كلا من (ميشو Michaux) ( )و(رينو Reinaud) ( )في حقل الحروب الصليبية حيث قام الأخير بنشر كتاب باسم ( ملخص ماكتبه مؤرخو العرب عن حروب الصليبيين) سنة (1829) وكتاب (الحروب الصليبية من تاريخ الكامل لأبن الأثير ) سنة (1832) ( ). كما وجدت فرنسا لها منفذا للتدخل في شؤون بلاد الشام منذ أواسط القرن التاسع عشر على أثر ما عرف باسم الفتن الطائفية في جبل لبنان ( )هذا الحافز السياسي دفع البحث ألاستشراقي باتجاهات متقدمة كان من بين مظاهرها الاهتمام بنشر مصادر الحروب الصليبية . وتوج ذلك بقيام أكاديمية النقوش والآداب الفرنسية بنشر وإصدار العمل الضخم الذي اضطلعت به وهو(مجمـوعة مؤرخي الحـروب الصليبية



Recueil des Histories des Croisades )، الذي بذلت جهوداً كبيرة لإخراجه في أكثر من نصف قرن من الزمن ( 1844-1906) ، وهو في أصله نشر وترجمة المصادر الأساسية عن تاريخ الحروب الصليبية وقد اشتملت المجموعة على خمسة أقسام هي : أ-المؤرخون الغربيون في الحروب الصليبية في خمسة أجزاء ، ب – قوانين مملكة القدس الصليبية في جزئين ، ج – المؤرخون الشرقيون في خمسة أجزاء ، د – المؤرخون اليونانيون في جــزئين ، هـ - الـوثائق الارمنـــية في جزئين( )وقد تعمق هذا الاهتمام مع احتلال فرنسا لسورية ولبنان في عشرينيات القرن الماضي وإطلاق الدعوات لإعادة دراسة الحروب الصليبية والوجود الصليبي في بلاد الشام تحت مسمى ( فرنسا ماوراء البحار ) ( ).
وفيما يخص هذا البحث سوف يصار الى دراسة جهد المستشرق كلود كاهن في احدى محطات دراسته لمصادر الحروب الصليبية ألا وهي دراساته لمراسلات الوزير والمنشئ والأديب البارز ضياء الدين بن الأثير الجزري (558-637هـ / 1163-1239م ) الذي تدرّج في الكتابة والإدارة بخدمة حاكم قلعة الموصل مجاهد الدين قايماز ( ت595هـ / 1198م ) ( ) ثم التحق بخدمة الملك الأفضل بن صلاح الدين (589-592هـ / 1193-1196م ) ثم بأبيه السلطان صلاح الدين( ) ، وهكذا عمل لسنوات ضمن الإدارة الكتابية للبيت الايوبي . ونسعى في هذه الدراسة إلى الوقوف على سيرة كاهن وإعماله في مجال التاريخ الإسلامي عامة وفي حقل الحروب الصليبية بشكل خاص ثم الكشف عن معالجة سبل تعامله مع نصوص الرسائل من حيث أماكن وجودها وتقييمه لأهميتها وإبرازه لثمين معلوماتها وأخيرا الوقوف على مدى ركونه لإحكامها وتفسيراتها لإحداث العصر الذي كتبت فيه .

الحمد لله ربِّ العالمين ، المتفضل على عبادهِ بنعمة الإسلام ، خلق الإنسان،وأنطقه بفصيح اللسان، فأفصح بعجيب البلاغة ، وسحر البيان ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ ، إمام الهادين وقدوة المؤمنين، وأبلغ الأولين والآخرين ، وعلى آله أئمة الهدى ومصابيح التقى وعلى أصحابه نجوم الهداية وكنوز الدراية،
ومن تبعهم بإحسان ، وسار على نهجهم إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد جاء عنوان بحثي :( لمسات بلاغية من التعبير القرآني سورة المائدة أنموذجا ) ، هادفا إلى إبراز الصور البيانية والفنون البلاغية التي تمثلت في جوانب هذه السورة الكريمة ، وهي مجموعة من صور الإعجاز البياني والتصوير الفني الرائع ، ونحن إذ نقف بين يدي بعض آي الذكر الحكيم تتجلى لنا نفحات الإيمان ، وتبرز لنا صور أخرى من صور الإعجاز الرباني متمثلة بأفانين القول وأساليب التعبير وإيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة ، وهو ما يبعث في النفس الدهشة والإعجاب من جهة ، والطمأنينة والسكينة من جهة أخرى ، فضلاً عن أن الأسلوب القرآني المكون من صور مركبة ومعانٍ مختلفة صيغت بصياغة محكمة ، ووضعت بوضع مقصود ، مؤثرة في نفسية المتلقي ، تدفعه إلى التفكر والوقوف إزاء هذه الصيغ والأساليب المعبرة ليحلق في فضاء القرآن الكريم ورحابه الواسعة فتأسر له القلوب ، وتنجذب إليه النفوس ، دليلا على عظمة ما أودع هذا الكتاب .
ولأجل ذلك قام البحث على: دراسة نصوصٍ من سورة المائدة لالتماس التعابير القرآنية ، بأساليب العربية عموما ، والفنون البلاغية خصوصا ، وبيان وجه البلاغة في الإعجاز القرآني، الذي لا يأتيه الباطل، من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل العزيز الحكيم ، الذي لا تنتهي عجائبه ،ثم تُبِعَ بخاتمة سجلت خلاصة الموضوع ، وأهم النتائج التي توصل البحث إليها .
أما قائمة المصادر والمراجع فلتنوع هذا الموضوع ودقته أثرٌ في تنوع مصادره ومراجعه فقد ضمّت مجموعات : بلاغية ، ولغوية ، وكتب تفسير ، وكتب علوم القرآن ، ودواوين الشعراء ، وكتب الصحاح ، فضلاً عن المصادر الثانوية في اللغة والنحو والأدب والبلاغة وغيرها ، أخدنا منها بحسب الحاجة إليها .
وقد سعى هذا البحث – جهد الإمكان – أن يَحْظى بمكانةٍ ضمن سلسلة الخطوات التي تهدف على أن ترقى الدراسات القرآنية وتأخذ مكانها بين الدراسات عبر الأزمان ، وتضع لبنة من لبنات الفكر الإسلامي ، والبحث العلمي ، والمنهج الثقافي المنشود ، وأرجو أن أكون قد وفقت إلى ذلك ، ولا أدعي الكمال والتمام لهذا البحث ؛ لأن الكمال صفة لله وحده ، وإني إذ أعترف بالفضل والسداد لكل من سبقني في هذا الميدان ، لا أجد في مجهودي هذا سوى تتمة لجهودهم ، جزاهم الله أحسن الجزاء ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العلمين 0

تعد النظرية السياسية الاسلامية من النظريات التي قدمت نماذج مشرفة في مفاهيم الحوار والتسامح مع الأخرين لأن الدين الأسلامي هو دين منفتح على الديانات والحضارات الأخرى على عكس ممايشاع ضد هذا الدين من قبل بعض الذين يشوهون التاريخ من أنه أكثر الأديان صدامية مع باقي الحضارات والأديان الأخرى ، وسوف نستعرض من خلال جملة من الحقائق والبراهين ، صحة ماجاء به الاسلام من أفكار ونظريات وتطبيق ، صححت العديد من المسارات والافكار التي كانت سائدة في الموروث الانساني ، والتي كان يشوبها العديد من المغالطات والاهواء، وساهم الاسلام بجعلها تسير في المسار الصحيح ، كونه دين سماوي وضع الخالق عزوجل أركان نظريته القائمة على العدل والمساواة بقوله (( اليوم أكملت َلكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الأسلام ديناً)) .
- هدف البحث : يشير البحث الى محاولة ابراز المفهوم الاسلامي للحوار والدفع ببطلان الدعاوى الزائفة ضد هذه النظرية العظيمة وتبيان المفاهيم الحضارية التي يتمتع بها الاسلام كما ونوضح أنفتاح النظرية السياسية الاسلامية على باقي الحضارات .
- الحوار في الأصطلاح واللغة : يعد القرآن الكريم الدستور الأساسي الذي يسير عليه المسلمين ، فنجد الكثير من الأيات القرانية التي تحث على التعايش مع الأخرين والحوار معهم ففي قوله تعالى: (( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم سواكَ رجلاً )) (1)، وفي أية أخرى تشير الى ضرورة التعايش والتعارف بدلالة قوله تعـالـى :(( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )) (2)، حيث يقول الله تعالى مخبراً للناس أنه خلقهم من نفس واحدة وجعلهم شعوباً وقبائل ليحصل التعارف بينكم وتتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب أو الأنساب (3)، وهذا عين الحضارة فالنص حضاري بما ألزم الناس به من التعارف رغم وقوع الخلاف بين شعوبهم وقبائلهم وفيه أشارة لأفهامهم بضرورة أن تشيع بينهم روح التعاون والتعايش وقبول الأخر (4)، وفي أية كريمة أخرى يشير الباري عز وجل في قوله تعالى (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدةً ولايزالون مختلفين )) (5)، حيث يخبرالله تعالى الناس بأنه جعلهم أمة واحدة من أيمان أوكفر لكنهم مختلفون في أديانهم ومعتقداتهم وأرائهم ولو شاء لجعلهم متوحدين وهذا يوضح لنا بأن سنة الأختلاف هي ملازمة لبني البشر لكن لاتصل الى حد الأقتتال والقطيعة (6).
أما في اللغة ُيعرف الحوار بالمحاورة وحاوره جاوبه او جادله وتحاوروا تراجعوا الكلام بينهم والحوار الحديث الذي يجري بين شخصين او اكثر(7).