Journal of Jurisprudence Faculty

لا يخفى على أحد أن القرآن الكريم كان ـ ولا يزال ـ الينبوع الثر الذي تستمد منه العلوم والفنون مادتها في سبيل تيسير فهم القرآن الكريم وبيان علومه وإيضاح إعجازه ,أودع فيه سبحانه وتعالى علم كل شيء, وأبان فيه كل هدى وخير.
لقد امتاز تفسير السيد عبد الاعلى (قدس) باهتمامه الواسع بالجانب البلاغي فضلا عن الجانب اللغوي وقد تكفلت بعض الدراسات بتناول الجانب اللغوي والجانب الفقهي فضلا عن الامور الشرعية في هذا التفسير الجليل .

الخطاب ليس مجرد كلمات تُلقى، إنما هو رسالة ذات مضمون فكري بيِّن له أهدافه ودلالاته المؤثرة، باعث على التشكل في الفعل الإنساني لدى المخاطب أو المخاطبين، سواء كان صادراً عن الفرد أو الجماعة.
والتعريف المتداول للخطاب في المراجع الحديثة هو: كل نطق أو كتابة تحمل وجهة نظر محددة من المتكلم أو الكاتب، وتفترض نيّة التأثير على السامع أو القارئ، مع الإهتمام بمجمل الظروف والملابسات التي تمّت فيه.
والخطاب إذا أخذ نمطاً تقليدياً فإنه يصبح خطاباً خَلِقاً بالياً،الأمر الذي يستدعي صقله وإعادة صياغته في إطار يتناسب مع الزمان والمكان ومختلف الجماعات البشرية. هذا هو المقصود بـ( تجديد الخطاب).

لا يخفى على كل ذي لبٍّ أن القرآن الكريم قطعي الصدور ظني الدلالة فلزمت الحاجة إلى السنة النبوية المطهرة لإيضاح ذلك الظني منها، وليست كل سنة صالحة للبيان وأخذ الأحكام منها والاعتماد عليها، لان ما وصل منها فيه الصحيح وفيه السقيم، والاعتماد في تحرير الأحكام وإفادة المعاني ووجوب العمل على صحيح الحديث دون سقيمه، وإنما تبتني صحة الحديث على وثاقة الرواة، قال ابن الصلاح(643هـ) (أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على انه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلاً ضابطاً (1)) فلزمت الحاجة إلى الميزان الذي يُعرف به العدل الضابط فكان هذا الميزان هو علم الرجال الذي احتل مكانة مهمة في حقل العلم والمعرفة فبه يُعرف ثقات الرواة وضعفائهم؛ ومرسلهم ومدلِّسهم؛ ومستقيم الحديث ومتروكهم، فالمرويات الحديثية فيها من النقلة من يعتمد على نقله وفي بعضها من طعن فيه وفسد ما نقله، ومن بين هؤلاء الرواة من وصف بالجهالة فلا يُعرف فيه جرح ولا تعديل، والجهالة بالراوي أحد أسباب الطعن في الرواية(2).قال النووي(676هـ) لا تقبل رواية المجهول و يجب الاحتياط في أخذ الحديث فلا يقبل إلا من أهله وانه لا ينبغي أن يروى عن الضعفاء(3). وقال الذهبي : ما علمت من النساء من اتهمت ولا من تركوها وجميع من ضُعِّفَ منهن إنما للجهالة(4). فإذا هذا حال الراويات مع قلة عددهن فالأمر أشدّ خطورة بالنسبة للرواة، ومن أجله لحق الغمز والنكارة بالرواة الثقات إذا رووا عن المجهولين؛ قال يحيى بن معين(232هـ) واحمد بن حنبل(241هـ) بقية بن الوليد لا بأس به إذا روى عن المشاهير، فإذا روى عن المجهولين فيجيء بأحاديث مناكير(5). من أجل ذلك لزم الكشف عن هؤلاء المجهولين وتتبع أحوالهم وإيجاد القرائن ليُعرف حالهم وبالتالي يُقرر هل يمكن الاعتماد عليهم في نقل الرواية أم لا. وقد درس علماء نقد الحديث هذا الصنف من الرواة فوجدوا أنهم يندرجون تحت ثلاثة أقسام: مجهول العين ومجهول الحال (المستور) ومجهول العدالة(6)

التيسير مفهوم اختلف فيه اصحابه ، فكل منهم يراه ويفهمه بحسب اعتقاده بنوع العسر أو الصعوبة الموجودة في المنهج أو المادة النحوية أو طرائق تدريسها .
محاولات التيسير دعوات قديمة بدأت منذ وقت مبكر ولكنها دعوات متفاوتة من حيث جدية الدعوة وطبيعة الموضوعات الميسرة .
تعالت اصوات الميسرين كلما تقادم العهد على البحث النحوي ولعل القرن العشرين الميلادي هو من اثراها دعوة للتيسير واستطيع انْ اصطلح عليه قرن التيسير النحوي ؛ لكثرة المحاولات الجادة كمية ونوعية.

لا شك أنَّ النجف الأشرف بيئة الدرس القرآني منذ أيام الشيخ الطوسي الذي اتخذ من هذه المدينة موطنا له ، و مكانا للدرس من سنة 448 هـ . و ينبغي ألا يغيب عنا في هذا السياق أنَّ الكوفة كانت مدرسة القرآن الكريم منذ أن سكنها المسلمون ، و اتخذها الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) عاصمة للدولة الإسلامية . و غير بعيد أنَّ النجف الأشرف امتداد علمي و حضاري للكوفة ؛ فهذا الاهتمام بالدرس القرآني لعله امتداد لذلك الدرس ، و لعل الشيخ الطوسي قصد النجف لهذا أيضا ، فضلا عن وجود ضريح باب مدينة العلم ( عليه السلام ) لما له من أثر في استقطاب الدارسين و العلماء .