Journal of Al Imam Al-Adham University College

فانَّ السنّة النبوية في شريعتنا الاسلامية لها مكانة عظيمة، اهتمَّ بها
المحدثون فتعلّموها وعملوا بها، ونشروها بين الناس، كيف لا، وهي تعدُّ المصدر الثاني
من مصادر ديننا الحنيف فقد جاء عن الصادق المصدوق قوله: ] تركت فيكم امرين لن
تضلّوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه [.) 1( والسنة جاءت لتوضيح القرآن؛ تبين
ما أبهم منه، وتفصل مجمله، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون﴾.)

فإنَّ أعظم ما من الله به على هذه الأمة أن بعث فيها خاتم أنبيائه ورسله
محمدا صلى الله عليه وسلم، فهداهم به من الضلالة وأنقذهم به من الهلكة ﴿لَقَدْ مَنَّ
ا عَ ا ؤْملُمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَا كْحلِْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾) 1(، وأنزل عليه أشرف كتاب
قرآنه العظيم وحبله المتين ليهديهم على صراطه المستقيم ﴿قَدْ جَاءكُم مِّنَ ا نُورٌ
وَكِتَابٌ مُّبِينٌ دَهيِْي بِهِ ا مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَ رُخيِْجُهُم مِّنِ الظُّلُ تَامِ إِ النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ دَهيِْيهِمْ إِ اِرصَطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾)

نص الفقهاء في القواعد مثل: «الضرورات تبيح المحضورات » وكذلك لم يجعلو
باب الضرورة مفتوح على مصراعيه فقد وضعوا قاعدة )الضرورة تقدر بقدرها(
فكانت الوسطية في قواعد الضرورة واضحة جلية ، ولم يكن الاكراه على الكفر قد
توقف عند العصر للنبوة بوجود المعارضين للأسلام والملحدين من اعداء الدين.

فالسَّنة النبوية التي هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم تمثل المنهج
العملي التفصيلي لدين الإسلام، من حيث العقيدة والعبادة والمعاملة والسلوك؛ ولولا
السَّنة النبوية لما فهمنا الكثير من هذه الأمور؛ ولذا كان ديدن أهل الأهواء والبدع
والضلالات قديماً وحديثاً الطعن في السنة النبوية بشتى الطرق مثل رد السَّنة مطلقاً، أو
رد أحاديث الآحاد، أو التأويل الفاسد، أو القاء الشبهات الباطلة جزافا.

فقد تضافرت جهود العلماء لخدمة السنة النبوية والعناية بها حفظًا ونقلاً
وتعلي وتدوينًا وتصنيفًا وتطبيقًا، وكان لعلماء العراق النصب الوافر من هذه الجهود،
إلا أن بعض الطعون وجهت لرواية العراقيين للحديث النبوي الشريف، وهذا أمر لا
يسلم منه بلد من البلدان، إلا أن بعض النقاد والمحدثين بالغ في الطعن بحديث أهل
العراق لأسباب شتى.

إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وبعد .
ان منهج نقد الرجال عند المحدثين يتعامل بحساسية متناهية مع كل ما يمكن ان
يشوش على اثبات الرواية وثبوتها وقدكان أئمة الجرح والتعديل من أشد الناس حرصا
على هذا الدين، ومن أكثرهم غيرة على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولذا
فقد أفنوا الأعمار في كتابة الأحاديث وجمعها ونقدها، وجمعِ أسماء الرواة مع النظر في
أحوالهم وأحوال مروياتهم، وذلك لتمييز ما صح من الروايات عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وعما لم يصح

فإن الصراع بين الحق والباطل وبين المسلمين وأعدائهم لن يتوقف بل يزداد مع مرور الوقت ضراوةً
ويتسع أفقاً ويتعدد مجالاً ويتنوع أسلوباً وسيستمر قال تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ
النصََّارَى حَتىَّ تتَبَّعَِ مِلتَّهَمُْ قلُْ إنَِّ هُدَى اللّه هُوَ الهْدَُى وَلئَنِِ اتبَّعَْتَ أهَْوَاءهُم بعَْدَ الذَِّي
جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللِّه مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) البقرة: