Abstract
بصورتها التي تبدو عليها اليوم , إلَّا إن ذلك لا يعني أنها ظاهرة جرمية مستحدثة , بل يمكن القول إن لها جذوراً تاريخية تعود إلى قرون مضت من الزمن .
وساهم التطور الحاصل في وسائل الحياة بشكل عام إلى درجة كبيرة في توظيف هذه الوسائل لتنفيذ الأفعال والسلوكيات المخالفة للقانون, واستخدامها كطرق لنشر الفكر التحريضي, يضاف إليه استمرار نجاعة الوسائل التقليدية بأثرها الكبير والفعال , وزامن ذلك انقسام المجتمع إلى جماعات وفرق كنتيجة لعوامل عديدة تضافرت من اجل تحقيق ذلك , مما كون بيئة مناسبة لتزايد وتيرة التحريض ضد الغير من الطوائف والمذاهب الأخرى والتحريض ضد الأديان أيضاً.
وبات التحريض الطائفي من أكثر ما تستخدمه الجماعات الإرهابية والمتطرفة , مستعملة تعابير ومفردات رنانة لها وقع في النفوس , لتحول الكثير إلى مشاريع لتنفيذ عملياتها التفجيرية وإقصاء الغير تارة , وتارة أخرى كمصادر تمويلية لتحقيق أهدافها.
وإزاء هذه المخاطر نجد إن التشريعات العقابية قد عالجت هذه الصورة الفتاكه بنصوص قانونية , إلا إن ذلك لم يحد منها بل شهدت تزايداً ملموساً , مما دفع المشرع العقابي في الكثير من الدول إلى إصدار تشريعات متخصصة تناولت فيه هذه الظاهرة ضمن قوانين لمكافحة الإرهاب وعَدِّها من صور الجريمة الإرهابية , وهو ما نجده جليا في قانون مكافحة الإرهاب العراقي رقم(13) لسنة 2005 , والاتجاه أيضا نحو عقد اتفاقيات إقليمية ودولية والتصديق على المبرم منها لتجريم الإعمال الإرهابية ومن ضمنها هذه الجريمة.
وأمام كل هذه المحاولات نجد إن خطر هذه الجريمة لازال في تزايد مستمر , إذ إن الكثير من الدعوات التحريضية لا يطالها القانون لاعتبارات عديدة منها إنها لا تنهض إلى مستوى الصورة التي أوردها المشرع العراقي في قانون مكافحة الإرهاب , لذا يكون الأجدر بالمشرع الإحاطة بهذه الأفعال بنصوص قانونية مجرمة لها , يضاف إليه تعديل القانون المشار إليه سلفاً بإيراد تعريف لجريمة التحريض الطائفي , حتى لا تختلط بصور الجرائم الإرهابية التي أوردها المشرع وهو ما يؤثر سلباً على تكييف المحكمة للواقعة المعروضة أمامها.
Keywords
صور السلوك الاجرامي ، جريمة التحريض الطائفي.