Abstract
يعد عقد المقاولة من العقود الواردة على العمل المستمرة التنفيذ, وهذا يدل على إن أداء الالتزام لا يمكن القيام به مرة واحدة وانما يحتاج برهة من الزمن لغرض إتمام العمل, وبهذا يمكن أن نستنتج إن إكمال العمل لا يتم إلاّ بواسطة فترة معينة , وبالتالي فلا يمكننا أن نغفل دور المدة في هذا العقد وإنما لا بد أن تؤخذ بنظر الاعتبار منذ باكورة العقد وتنفيذه وصولاً إلى نهايته بإتمام العمل وإنجازه .
ومن هذا المنطلق كان الأجدر أن يكون عقد المقاولة ذا تفصيلاً وافياً ومتضحاً لطرفي العقد من كافة جوانبه خاصةً في الأمور التي تتعلق بالمدة و بيان طبيعتها ومدى دورها الفعال في ذلك العقد , كونها الركيزة الأساسية التي من الممكن أن يشترطها ويحددها كل من المقاول ورب العمل أثناء عملية الأبرام, إلا أن المشرع العراقي لم يبين الطبيعة القانونية للمدة في عقد المقاولة في نص قانوني مستقل, وما اذا كانت ركناً أو شرطاً , وبالتالي فإن هنالك فراغاً تشريعياً يصطدم بالواقع العملي, الامر الذي من شأنه ان يؤدي الى فتح باب الاجتهاد أمام القضاء في تكييف الواقعة المعروضة وتباين الأحكام الصادرة بهذا الخصوص, وان هذا النقص بدوره أدى إلى ضرورة إيجاد الحل القانوني الأمثل الذي من شأنه أن يناسب الحالة المعروضة , فظهور الاختلاف في آراء فقهاء القانون بهذا الجانب, إذ نجد ان هناك رأيا فقهيا يذهب الى ان المدة ركن في عقد المقاولة شأنها شأن الأركان الأخرى الواجب توفرها عند نشوء العقد ويتوقف انعقاد العقد على ذكر المدة ومعرفتها لدى طرفي العقد "المقاول ورب العمل", و إن عدم ذكر المدة وتحديدها في العقد من شأنه أن يؤدي إلى إبطال العقد, ودليلهم في ذلك أن للمدة الاهمية التي تضاهي أو تعالي منزلة الركن في العقد, على اعتبار أنها الجوهر الاساسي فيه والتي من خلالها يقوم المقاول بتنفيذ التزامه الملقى على عاتقه.
أما الرأي الآخر فقد أشار إلى أن المدة في العقد الآنف الذكر تعد شرطاً فيه , يتفق عليها كل من المقاول ورب العمل, وانها قائمة على أساس التقدير والتأمل حسب طبيعة العمل المراد إنجازه فتجري مجرى الشرط وبالتالي فأن غاية ذكر المدة هنا عندهم للتعجيل فقط , أن الشرط الذي يقترن به العقد يعد بمثابة النافذة التي يطل النظام القانوني من خلالها وهذه الاطلالة جسدت الزمن المضاف الى المستقبل, بمعنى آخر إن الالتزامات الملقاة على كلا طرفي العقد لا تقتصر فقط على فترة تكوين العقد, وإنما بدورها تمتد الى المستقبل عن طريق فترة زمنية محددة تشترط من قبل الطرفين , وما دام تنفيذ العقد يمتد إلى المستقبل؛ فبالتالي يستطيع طرفي العقد التحكم بأمور التعديل والتغيير والإضافة حسب المقتضيات التي يمكنها أن تستجد في المستقبل وبهذا يمكننا القول أن العقد وتنفيذه يعد من قبيل التراخي لحين تحقق الشرط المتمثل بانتهاء المدة التي تم الاتفاق عليها من قبل الطرفين.
واننا يمكن أن نستنتج أن المدة تعد شرطاً في عقد المقاولة لا ركناً فيه والسبب في ذلك يعود إلى كون الشرط المقترن بالعقد يكون الأقرب والأكثر توافقاً مع طبيعة عقد المقاولة خاصةً من ناحية الواقع العملي لتنفيذ هذا العقد هذا من جانب , ومن جانب آخر لا يخفى على القانوني الفرق الجوهري بين الركن والشرط وما يترتب عليه من حكم في حال فقده بين طيات ذلك العقد ومضمونه .
لذا نقترح على المشرّع العراقي أن يورد نصاً قانونياً صريحاً يحمل بين دفتيه طبيعة المدة في عقد المقاولة ويكون النص القانوني على النحو الآتي ( ملازمة المدة لعقد المقاولة واقترانها به من شأنها أن تؤكد مقتضى العقد وعمره الزمني بالشكل الملائم مع محل العقد المراد تنفيذه ).
Keywords
الطبيعة القانونية، المدة ، عقد المقاولة