Journal Dawat

سؤال جوهري ينطلق منه هذا البحث هو: هل يمكن أن نعدّ المقتل الحسيني جنساً أدبيّاً، وأن كان مغلقاً من حيث بنيته ونظامه العام، وذا خصّوصيّة شديدة في توجّهه إلى مجموعة إنسانية ( إسلاميّة ) معروفة، فضلا عن أن له ميزاته واشتراطاته وموجباته التي تجعل منه خطابا له مضمون محدّد يسعى من خلاله لنقل واقعة إبلاغيّة معيّنة، وللتأثير بمتلقّيه متجاوزا مقصد الإبكاء والتذكير بفاجعة الواقعة إلى مقاصد وغايات أخرى تقتضيها ظروف بثّه واستقباله في مناسبات دينيّة معيّنة.
تحاول هذه الدراسة الموجزة الإجابة عن هذا التساؤل من دون ان تدّعي امتلاك الرأي الأخير والنهائي فيما أبرزته، أو توصّلت إليه من نتائج قد تبدو مغايرة للواقع الأدبي بعض الشيء.

الدراسة الحالية هي عبارة عن تحليل مقارن بين اللغتين الانكليزية الفصحى الحديثة واللغة العربية الفصحى الحديثة فيما يتعلق بافعال الربط الانكليزية وما يقابلها من الافعال التي لها نفس الدلالة والتركيب في العربية. تتطرق الدراسة الى حصر الافعال التي تدل على معنى الربط في كلتا اللغتين لتتم مقارنتهما حسب طريقة (كارل جيمز) المستخدمة للتليل المقارن لمعرفة أوجه التشابه والاختلاف في هذا الجانب من اللغة

تعد التوقيعات أحد الفنون النثرية التي اقتصرت على الأدب العربي ، فالمؤشرات التاريخية تشير الى انه ولد من رحمه ثم نما وتطور فكانت الولادة في العصر الإسلامي والصبا في العصر الإسلامي ثم الرشد والنضج في العصر العباسي ،والحجاج في التوقيعات من المعايير الأساسية للتوقيع الأدبي الذي حاولنا في هذا البحث استكناه بعض آلياته متمثلة بـ (الروابط الحجاجية ) من خلال مدونة تراثية عريقة تنتمي الى نصوص آل البيت عليهم السلام وهي( توقيع الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام الى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري) وفي ضوء ذلك قسم البحث على شقين : الأول : الإطار النظري اشتغل على فقرات عدة الأولى :حاولت مقاربة التوقيعات الأدبية لغة واصطلاحا ،والثانية :ترجمة إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، والثالثة : مهاد نظري للروابط الحجاجية ، والثاني : الإطار التطبيقي وفيه خطوات إجرائية لمنهج الحجاج في نص التوقيع ،وقسم على :
1/ روابط التعارض الحجاجي
2/ روابط التعليل الحجاجي
3/ روابط العطف الحجاجي ،
ثم ختم البحث بخاتمة عرضت أهم نتائج البحث ، وأخيرا ثبت المصادر والمراجع .

يُراد من هذا البحث الكشف الموضوعي عن التواشج القائم بين كل من اللغة، والهوية، والانتماء، وتأكيد أن الانتماء هو انتماء لغوي في المقام الأول، وأن افتقاد الوعي بأهمية هذا الترابط بين هذه العناصر الثلاثة يعني خسارة الهوية؛ ذلك أن الحقائق تثبت أن اللغة من الروابط المهمة بين حاضر أبناء الأمة وماضيهم ومستقبلهم.
يُضاف إلى ذلك السعي إلى الكشف عن ملامح الواقع اللغوي وتوصيفه توصيفا موضوعياً بعيداً عن التباكي على رسومه، ومن ثم سعى البحث – وفق الطاقة والجهد-إلى تلمس سبل تجاوز هذا الواقع وتحسينه.

راجت أفكار منذ ما يسمى عصر النهضة في البلاد العربية بأنَّ أيَّ محاولةٍ لإصلاح أوضاع اللغة العربية، ولاسيما مشكلاتها الجوهرية، تُعدُّ إضعافا للغة القرآن الكريم، وخيانة للغة الفصحى، واتسعت رقعة الاتهامات الموجهة لأيِّ محاولة لتبسيط اللغة، وإبعاد الوحشي عنها، والتساهل مع ما ينطقه الناس، ممّا ليس محليًا صرفًا، أو نشازًا لا تقبله أبنية العربية، بأنَّها من محاولات الدعوة إلى العامية وإبعاد الفصحى. وأصبحت القضية سجالًا بين مؤيدٍ، لمسايرة طبيعة اللغة والحياة، ومعارضٍ يصم أذنيه عن كلِّ ما يقال من منطقية المواءمة، وضرورة التجديد، ويصر على التمسك بالقديم بلفظه ومعاييره.
وإذا استلهمنا الحقيقة العلمية التي لم تعد تقبل الجدل، وهي أنَّ اللغة كائنٌ حيٌّ، يتطور متلائمًا وحاجات المجتمع الذي يستعمل تلك اللغة، فإنَّنا سنجد أنَّ أكبر عوائق نضج الفكر العربيّ الحديث تتمثل في النظر إلى اللغة بوصفها فقهًا تصح عليه الأحكام المطلقة، وينبري له من ينصبون أنفسهم سدنة اللغة، ليوزعوا معايير الصحة والخطأ، والقوة والضعف، ولو أدركنا كم المعلومات الاجتماعية ونوعيتها، والأفكار التي يمكن أن نحتاج إليها بوصفها مهادًا لعلم النحو، لتجنبنا التصورات الخاطئة، بأنَّ اللغات أنظمة محكمة كاملة من القواعد المغلقة على ذاتها.
من هنا انقسم اللغويون المحدثون على فريقين: فريق تكونت لديه القناعة بأنَّ لغتهم الرسمية دخلت أرشيف التاريخ، فهي ليست في حالة وهن أو مرض، بل في حالة ميؤوس منها، وليست لغة قابلة للحياة، فالاهتمام بها يُعدُّ تخلفًا، وتعلقًا بأشياء ليست من العصر، ولا تفيد في شيءٍ من السمعة الحسنة لدى المجتمع، ولا الفائدة المرجوة في عمل أو معاش.
أما الفريق الآخر فيؤمن بسياسة الأقفاص التي توضع فيها اللغة تحت شروط المشروعية الأربعة:
1 - التجميد التاريخيّ.
2 - التعليب وجاهزية القوالب.
3 - الإقفال وعدم السماح بالإضافة.
4 - المصادقة بالختم من الجهات المخولة.
فمن يتصف بهذه الصفات الأربع؛ فهو سليمٌ وعربيٌّ ومقبولٌ، وما ينقصه شرط من شروط المشروعية الأربعة؛ فهو فاسدٌ وغيرُ مقبولٍ. فالتجميدُ مرتبطٌ بتاريخية النصوص موضع المحاكمة، والتعليب مرده إلى جاهزية القوالب الموضوعة من قبلُ، التي لا يقبل الاجتهاد فيها، والإقفال يعود سبب وضعه إلى عدم الرغبة في السماح بإضافة شيءٍ إلى اللغة من العناصر، أو البنى الصرفية، أو الهياكل التركيبية،، بوصفها لغة كاملة يجب أن تبقى على حالها (بمعنى أن تموت)، أما الختم عليها فيعني الفتوى من جهة مخولة، بأنَّ ما تجمد تاريخيًا في هيكل معلب ومقفل هو نفسه الأصل القديم، حتى لا توجد نسخ مزورة منه، لا تتمتع بمباركة صاحب الفتوى. ومن هنا تطلب من البحث في حلِّ هذه الإشكاليات تقسيمه على ثلاثة مباحث، هي:
المبحث الأول/ إشكالية التفكير اللغويّ (أسبابٌ وشواهدُ).
المبحث الثاني/ إشكالية الوافد والمولّد (ضرورةٌ ومعالجةٌ).
المبحث الثالث/ إشكاليّة العنف اللغويّ (واقعٌ وإجراءٌ).
وبعد محاكمة النصوص ومناقشة الآراء، خرج الباحث بعدة نتائج، منها:
1- إنَّ مجموع القيم التعبيرية التي تشكل مصدر تأثير اللغة في طرائق التفكير، تمثل في الوقت نفسه جزءًا كبيرًا من ثقافة المجتمع؛ وهو ما يسميه فوكو (منظومة الحقيقة)، فكلُّ مجتمع لديه منظومة للحقيقةِ، ما يشكل سياسته العامة إزاء الحقيقة، وتتضمن هذه المنظومة أنواع الكلام المقبول، الذي يصلح أنْ يصبح حقيقة، كما تشتمل على الآليات التي تمكِّن المرءَ من اختيار المقولات الصائبة، وتستبعد الخاطئة، والأدوات التي يعاقب بها كلُّ مَنْ يخالف تلك المعايير؛ بمعنى أنَّ مهمة هذه المنظومة إبراز ما يصلح أنْ يُعيد حقيقة إلى الوجود.
2- تُعدُّ حماية اللغة من واجبات الناقد اللغويّ المهمة، فضلًا عن أنَّها من وظائف الدولة المهمة؛ لأنَّ التفريط فيها، وفتح الباب على مصراعيه تُجاه عوامل التغيير معناه القضاء على اللغة، وأنَّ هذه الحماية لا تتم بتحجير اللغة وتجميدها، ومنع أيِّ دمٍ جديد من أن ينساب في عروقها، وإنَّما تتمُّ بضربٍ من المحافظة المعقولة التي تسمح بقدر من التطور؛ إذا كان حسنًا، وقائمًا على أسس ومسوّغات.
3- إنَّ المخرج من دائرة التحجر والجمود؛ لإنقاذ اللغة، يتطلب عملًا جماعيًا كبيرًا ذا شقين، أحدهما: يتعلق بالحاجة إلى غربلة كلِّ الجهود اللغوية التراثية في مؤسسات غير متهرئة، وبروح العصر، وميزانيات كبيرة، وقوة دفع قومية. والآخر: اعتماد القياس في تنمية اللغة العربية.
4- يُعدُّ العنف اللغويّ سببًا رئيسًا للعنف الجسديّ، ومن ثمَّ الإخلال العام بالأمن الثقافيّ.
5- إنَّ كثيرًا من أسباب العنف الجسديّ تعود إلى لغة التراث الدينيّ، التي كُتِبَ جزءٌ كبيرٌ منه بأقلام وعّاظ السلاطين، فهي بمنزلة القنبلة الموقوتة التي وضعتها قوى الاستكبار العالميّ قديمًا: (البيزنطينية) في ذلك الحين، بنحوٍ غير مباشر؛ لإثارتها في أيِّ وقتٍ تشاء.
وفي ضوء نتائج البحث، أوصى الباحث بعدة توصيات، منها:
1- تتحمل وسائل الإعلام الجزء الأكبر من المسؤولية للحفاظ على اللغة العربية؛ لأنَّ اللغة ليست أداة للتواصل حسب، بل هي وسيلة مهمة لحلِّ الاختلافات الإشكالية داخل بنية النصِّ، لا لإثارتها عبر التلاعب بالكلمات والمشاعر، ومن ثمَّ الإخلال العام في البنية الاجتماعية.
2- تتحمل الهيئات القطاعية في وزارتي: (التربية، والتعليم) جزءًا من المسؤولية في ضوء تهيئة الأجواء الملائمة، وتوافر السبل والإمكانات، ومن ثمَّ تضافر الجهود للبدء بحركة تجديد المناهج التربوية على وفق المعادلة بين قيمة البنية اللغوية وحرفيتها، في ضوء العودة إلى نقاوة الخطاب الدينيّ، المتمثل بكتاب الله العزيز، وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) وآله الأطهار، المتفق عليها، والابتعاد عن أيِّ نصٍّ يثير حفيظة الآخر، ولاسيما في المناهج التعليمية، ضمن مشروع: (التخطيط اللغويّ في سياسة العراق الجديد).

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وبعد :

إن دراسة الظواهر اللغوية والدلالية المشتركة لألفاظ اللغات الأكدية والعربية وآرامية الحضر ، تعكس موروثا حضاريا قيما ، يفيدنا في استيعاب وفهم هذه اللغات وفهم ما فيها من تأثر وتأثير وإمكانية معرفة الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع آنذاك واستنتاج نتائج تاريخية لمجريات العقود الماضية وفهم غوامض التأريخ وكشفه . وكان للغة الآرامية عمر طويل ، وما تزال تستعمل في بعض نواحي بلاد الشام والعراق إلى يومنا هذا . وكانت السريانية والنبطية والتدمرية ثمرة من ثمار الأبجدية الآرامية ، وقد دام العهد الذهبي للآرامية في ظل حكم الكلدانيين ثلاثة قرون .
قسم البحث على مباحث منها : الكتابات المعمارية ، وقد شغلت حيزا كبيرا من البحث ، والكتابات الفلكية والكتابات الدينية ، والكتابات اللغوية ، والكتابات الاقتصادية ، وقد تَّم تصنيف الكتابات في هذه المجالات الدلالية ، واستخراج ما فيها من معجميات مشتركة ولغات عراقية أقدم مثل الأكدية امتداداً إلى العربية .
وقد اعتمد البحث على مصادر ومراجع قديمة وحديثة منها للسيوطي والمعرّب للجواليقي ، وكتب اللغة الأكدية مثل كتاب قواعد اللغة الاكدية للدكتور عامر سليمان وكتب اللغة العربية مثل كتاب الفلسفة اللغوية جرجي زيدان والمراجع الأجنبية مثل معجم شيكاغو الاشوري الذي رمز له (C.A.D ) وكتب فقه اللغات السامية ، ومعاجم اللغة وبحوث جمة للراحل الأستاذ الدكتور فؤاد سفر وغيرها من بحوث مجلة سومر الغراء .

انفتح العربُ في جاهليتهم وإسلامهم، وما بعد الإسلام على حاضرات الأمم الأخرى، ولاسيما عند انفتاحهم للأخذ والاقتراض من الحاضرات الأخرى، ولغاتها التي سبقتهم، أو اتصلوا بها، فاقترضوا من اللغات السامية ومنها:- الآرامية، والسريانية، وكذلك الفارسية والرومية، وهذا ما يدل على عمق الثقافة في عصر ما قبل الإسلام مقدار سعتها، وحاجة العرب إلى مثل هذه الألفاظ الدخيلة، لتعد هذه الظاهرة من أسباب نمو اللغة العربية وتنوع أدواتها.
والناطقون العرب أيام ما قبل الإسلام لم يألفوا مثل هذا الدخيل، خوفاً من الخلط بينها وبين ما هو عربيّ في الأصل، وحرصاً منهم على سلامة لغتهم قاموا بإضفاء التعديلات على أوزان كثيرة من هذه الكلمات لتتواءم مع طبيعة نطقهم العربي، وأوزانهم الأصلية.
على أن أكثر ما اقتبس العربُ قبل الإسلام من الألفاظ ما أخذوه عن اللغتين الفارسية والسريانية، وذلك لمجاورتهم الفرس، والحضارة السريانية أو الرومية البيزنطية. ونظراً لاتصال العرب بالفرس لفترات زمنية طويلة فقد فاق أخذهم عن الفارسية ما أخذوه عن السريانية من بلاد الشام.
وكان سبب هذا الاقتباس يعودُ إلى عوامل حضارية واجتماعية، وسياسية وعسكرية. ففي الجانب الحضاري كان احتكاك الفرس بالعرب شديداً في عصر ما قبل الإسلام، لأنّ الإمبراطورية الفارسية قد شيدت بنياناً ضخماً من الحضارة خلال سيطرتهم على أجزاء واسعة من البلاد العربية، ومن الطبيعي أن يقتبس العرب في المناطق التي سكنها الفرس أو امتدّ نفوذهم إليها مما كان يعوزهم في بواديهم و حواضرهم.
نستخلص من هذه الدراسة النتائج الاتية:-
1- عُرف الإعراب أو التعريب أو الاقتراض منذ القدم ابتداءً من عصر ما قبل الإسلام لاختلاطهم بحاضرة الفرس للتعبير عن حاجاتهم واغراضهم المختلفة بأسلوب عربي مبين.
2- كثرة ورود الألفاظ الفارسية عند شعراء ما قبل الاسلام وما بعده ،إذ لم يكن ورودها عرضاً أو من أجل التعمية أو المباهاة، بل لأنهم تأثروا بمثل هذه اللغة لقرب بلاد فارس مع وجود العلاقات المختلفة التي ربطت العرب بالبيئة غير العربية. كما قد يكون مثل هذا الإقحام لمثل هذه المعربات مظهراً من مظاهر الكمال والفخار والرغبة في التقليد حين يصبح عنده ذلك اللفظ على نسج لغته أو قريب الشبه بألفاظها من ناحية الأصوات أو من ناحية الصيغ والأوزان.
ومن الممكن أن أرجح سبب انتشار مثل هذه المعربات في شعر العربي على وجه العموم هو شيوعها بين ظهرانيهم، فضلاً عن الظروف النفسية والبيئية والاجتماعية التي تحيط بالشاعر، بدليل أن امرء القيس على سبيل المثال الذي عرف بلهوه وخمرته ومجونه وترحاله كانت تشيع مثل هذه المعربات ولكن الرومية كانت أكثر دوراناً عنده.. .
فضلاً عن الأعشى الكبير الذي عرف بالظروف ذاتها لكن الفارسية قد شاعت في شعره بسبب حاجته لمثل هذه الألفاظ كسباً للعطاءات حتى وجدناه أكثر استعمالاً من غيره من الجاهليين لهذه المفردات ،ويأتي بعده عدي بن زيد العبادي في كثرة وذيوع مثل هذه المفردات في شعره لقربه من البلاط الفارسي.
3- اكدتُ الرأي في وجود المعرّبات في القرآن الكريم إذ لا داعي من وجود أراء متعددة في مثل هذه المعربات في القرآن الكريم، فلا توجد في القرآن ألفاظ أعجمية البتة ولا داعي للقول بعكسه أو الموازنة بين القولين: لأن هذهِ الألفاظ وان كان ذات أصول أعجمية لكنها بحلية عربية وضمن النسيج العربي، فهي إذن عربية ولا اعتراض مع قوله تعالى (إنْا أنزلناهُ قرآناً عربياً...) وهذا ما يدل على أن القرآن كان وما يزال يواكب تطور الحياة ومسيرتها بعلم من الله تعالى ومشيئته وحكمته.
فوجود ذلك اصلاً لا يعد منقصة في فصاحة القرآن ومكانته بل يزيده رفعة وفخراً على طريق الإعجاز والبيان والفصاحة.
4- إن التأثير الفارسي بدا واضحاً في لغتنا العربية ولكن مثل هذا الكم من المعربات لا يشكل نسبة كبيرة إذا ما قارناها بالكم الهائل واللامحدود من الألفاظ العربية الأصلية، وذلك لا يشكل خطراً على سلامة لغتنا وصفائها بعدما حوّر العرب ما حوروا في تراكيب واوزان هذه الكلمات.

برز في العراق جيلٌ من الباحثين والأكاديمين لا يمكن ان نغفل عنه أو أن نتتبع خطواته البحثية والمعرفية، فكلنا في أقسام اللغة العربية درسنا البلاغة العربية بكتابٍ طالما حملناه معنا هو كتاب (البلاغة والتطبيق) للأستاذين الفاضلين أحمد مطلوب والدكتور كامل حسن البصير، فالأول منهما معروف وشهرته فاقت شهرة الثاني، ولكن الدكتور كامل حسن البصير لم يكن أقل شأناً من غيره بل هو عضو المجمع العلمي العراقي واستاذ البلاغة والنقد والدراسات القرآنية في الجامعة المستنصرية، وما هذا البحث إلاّ تعريف بجهود هذا الرجل العلمية في وقت ندر الوفاء للأساتذة، وقد وضعت هذا البحث على تمهيد وثلاثة مباحث للتعريف بحهود الدكتور كامل حسن البصير رحمة الله ولعلي هنا أعرّف به وبدراساته للأجيال الجديدة من الباحثين التي لم تعاصره أو لم تتعرف عليه عن قرب.

تعد اللغة كيان الامة وهوية ابنائها والمحافظ على ديمومتها ومعيار ثقافتها فكلما رقت اللغة رقت حضارة الامة وعلمها ، وضعفها تراجعاً للامة بل قد يجعلها تابعة لغيرها من الامم والسير في ركبها ،واللغة العربية من اسمى اللغات واشرفها واوفرها حظاً اذ اختارها الله جل وعلا لغة لكتابه المجيد وتعهد بحفظها ،واخطر ما تتعرض له الامة عندما تتعرض للهجر والاغتيال على يد أبنائها عندما يبتعدون عنها ويهجرونها بحجج واهية وتحت مسميات مختلفة لا تصمد أمام المنطق والدليل ، فضلا عما تتعرض له من اغلاط ما انزل الله بها من سلطان في القراءة والكتابة ،من قبل الدارسين لها والمختصين في اللغة العربية وهذه هي المشكلة الكبرى ، ومن المشكلات التي يعاني منها دارسو اللغة العربية والمتخصصون بها هي مشكلة كتابة حرفي (الضاد والظاء) اذ يَصعب على الكثير من طلبة قسم اللغة العربية وهم المتخصصون بها متى يكتبون الكلمة بحرف ( الضاد او الظاء ) فهم يجدون صعوبة في التمييز بين هذين الحرفين . فجاء هذا البحث لمعرفة أبعاد هذه المشكلة ومستوياتها عند الطلبة ووضع المعالجات التربوية المناسبة لها والتي يمكن لها ان تحد من وقوع الطلبة في هذا الاشكال الكتابي لحرفي الضاد والظاء ،وقد تكون مجتمع البحث من جميع طلبة قسم اللغة العربية والبالغ عددهم (439 ) طالباً وطالبة ، وبطريقة قصدية اختار الباحثون طلبة المرحلة الرابعة والبالغ عددهم (70) طالباً وطالبة عينة اساسية للقيام بإجراءات البحث ، ولتحقيق اهداف البحث تم بناء الاختبار التشخيصي (القطعة الكتابية) من خلال الرجوع الى القرآن الكريم وتحديد بعض الآيات القرآنية التي تتضمن كلمات تحوي حرفي (الضاد والظاء) بلغ عددها عشر آيات قرآنية تضم (36) كلمة فيها حرفا الضاد أو الظاء . وبعد تطبيق الاختبار على العينة تم التوصل الى النتائج الاتية :-
1- أن مستوى الغلط الكتابي في حرفي (الضاد والظاء) لدى طلبة قسم اللغة العربية في كلية التربية للعلوم الانسانية كان بدرجة متوسطة.
2- أن اكثر الاغلاط الكتابة تقع في حرف (الضاد) اذ ان اغلب افراد العينة يكتبون (الضاد) (ظاء) لعدم القدرة على التمييز بينهما في اللفظ او ايجاد وسيلة تجعلهم يميزون بينهما عند الكتابة.
3- عدم وجود فروق ذات دلالة معنوية في مستوى الغلط الكتابي بين حرفي الضاد والظاء لدى طلبة قسم اللغة العربية في كلية التربية للعلوم الانسانية تعزى لمتغير (الجنس).
4- وضع مجموعة معالجات تربوية يمكن لها ان تحد من الوقوع في الغلط الكتابي بين حرفي ( الضاد والظاء ) بلغ عددها (20) معالجة.
وفي ضوء تلك النتائج اوصى الباحثون بـــــبعض التوصيات منها :-
1- اهتمام اعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة العربية من غير الاختصاص بكتابة الطلبة وعدم تجاوز الاخطاء الكتابية التي يقعون فيها دون التنبيه عليها.
2- ان يتصف من يقوم بتدريس الطلبة بسمات وخصائص لاسيما الصفات الشخصية ومنها سلامة النطق لما له من تأثير كبير في سلامة الكتابة .
3- اعداد كراس يتضمن اكثر الكلمات استعمالاً وشيوعاً والمتضمنة لحرفي الضاد والظاء .