AL-MUBEEN

عكفَ هذا البحث الوجيز لتسليط الضوء على عملية بناء المجتمع وتحقيق الأمن المجتمعي، والتي تُعد من الأمور الرئيسة والمهمة؛ إذ يُعدُّ الأمن الاجتماعي مرتكزًا مهمًّا وضرورة مُلحة لا يمكن التخلي عنها إذا ما أُريد بناء مجتمع آمن يرفل بالعيش الرغيد، فإذا ما شعر الفرد بعدم الأمان والطمأنينة انعكس ذلك سلباً على أداء الفرد، فالأمن حاجة نفسية مُلحة ينشدها الفرد منذ بداية حياتهِ، الأمر الذي أدركه النبي الأكرم (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلّم) وأولاه أهمية كبرى وعدّ الأمن دعامة مهمة لبناء المجتمع، وحينما آلت الخلافة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهِ السلام) سار على خُطى النبي الأكرم وعمِلَ جاهداً على أن لا يحيد ولا يخرج عن نهج النبي وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف؛ لبناء مجتمع سليم ناجح، معتمداً في تحقيق ذلك على قراءته الواقعية للمجتمع الإنساني، ساعياً لتحقيق الأمن وحفظ كرامة الإنسان مهما كان دينه وشريعته، مؤمناً بأنَّ الإنسان يتأثر بالعديد من العوامل المحيطة بهِ في مسيرة حياتهِ، لذا فقد كتب عهداً يُعدُّ الأطول في التاريخ، عُرف بعهد أمير المؤمنين (عليهِ السلام) لواليهِ مالك الأشتر (رضوان الله تعالى عليهِ) يوصيهِ باحترام الرعية والرأفة بهم والعمل بمبادئ الشريعة الإسلامية والالتزام بها؛ لأن في ذلك ضماناً واضحاً يتحقق عن طريقه الأمن الاجتماعي وتنعم الرعية بالعيش الرغيد.

الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع تلبية احتياجاته بمفرده ومن دون رفقة أعضاء آخرين في المجتمع. يشير السلم الاجتماعي إلى السلام الموجود في النظام الاجتماعي بين أفراد المجتمع، من أجل تحقيق التعاطف والرفقة مع الآخرين، ويجب على الشخص قبول السلام كقاعدة وقيمة في علاقاته مع الآخرين. يُزاد على ذلك، فإن وجود حياة آمنة ومتنامية للبشر يتطلب سلوكًا اجتماعيًّا سلميًّا مع اتباع الأعراف الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية. وبناءً على نتائج هذا البحث وبحسب تعاليم نهج البلاغة، فإنَّ دعم الحقوق والحفاظ على كرامة الإنسان وحسن الارتباط وتقوية العلاقات الطيبة والاهتمام بالقاعدة الذهبية من الأمور التي تساعد على تحقيق السلام الاجتماعي. وفي هذا البحث جُمعت المكونات المذكورة ورُتّبت بطريقة المكتبة ودراستها وتحليلها بطريقة وصفية تحليلية.

يعتمدُ البحثُ الموسوم (الاستلزام الحواري في خُطب الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة وأثرهُ في الوعي المُجتمعي/ دراسة لسانية تداولية). على قراءة بعض النصوص للإمام علي (عليه السلام) الواردة في نهج البلاغة، ودراستها دراسةً لُغوية حديثة على وفق مناهج الدراسات اللسانية التداولية المُعاصرة، واستنطاق تلك النصوص وبيان مفاد الاستلزام الحواري وأثرهِ البالغ على المُتلقي اعتماداً على مبدأ التعاون الكلامي بين المُنشئ والمُتلقي، وبدايةً تمَّ التعريفُ بمعنى الاستلزام الحواري وإيراد بعض التعاريف له، ثم قُسِمَ البحثُ إلى فصولٍ أربعة اختص كُلُّ فصلٍ بقسمٍ ونوعٍ من أنواع الاستلزام الحواري، وتضمّنَ البحثُ الاستشهاد بآراء العُلماء اللغويين في بعض المعاني المُعجمية وبيان دلالة بعض الجُمل الواردة في البحث الذي خُتِمَ بنتائج وقائمة للمصادر المُعتمدة.

جاء البحث ليؤكّد حقيقة تاريخيَّة تتمثَّلُ بأنَّ أميرَ المؤمنين عليَّ بن أبي طالبٍ (عليه السلام) هو رائدُ عِلمِ العربيَّةِ، وواضعُ أُسُسِهِ، وأعني به (النَّحو) بعد أن أملَى على تلميذِهِ أبي الأسودِ الدُّؤليِّ أهمَّ مفاتيحِ ذلك العلمِ. وممَّا ارتبطَ بعِلْمِ العربيَّةِ موضوعُ التصويبِ اللغويِّ، فهو مِنَ الموضوعاتِ اللغويَّةِ القديمةِ، وتمتدُّ جذورُهُ مع تأسيسِ قواعدِ اللغةِ العربيةِ، بلْ إنَّ مظاهرَ اللحنِ والخطأ بين الناسِ كانت سببًا في وضعِ تلكَ القواعدِ، ولا سيَّما بعد تأثّرِ العربيَّةِ بما يُجاورُها من لُغاتٍ، أو بعدَ اختلاطِ العربِ بغيرهم مِنَ الأقوامِ. من هنا رَصَدَ البحث أهم مظاهر التصويب اللغوي في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقبل ذلك تناولنا نشأة النَّحو ونسبته إليه (عليه السلام).

هذا بحثٌ يسلِّط الضوء على الاتّساق النَّصيّ الدلاليّ في الخطبة الغراء، وهي نصٌّ من نصوص مدونة الإمام عليّ (عليه السلام) نهج البلاغة.
كشّف البحثُ النقاب عن العلاقات الدلالية في الخطبة، كالعلاقة التقابلية، وعلاقة الإجمال والتفصيل، والعلاقة المنطقية التي بُنيَت على السبب والنتيجة، وبيَّنَ التَّكرارَ الدلاليَّ بجميع أنواعه من تكرارٍ بشبه الترادف، وإعادة الصياغة، والتضمين، والاشتمال، والكلمات العامة.
وخَلُصَ إلى أنَّ النَّصَّ العلويّ يشتملُ على جميع العلاقات الدلالية التي تمكَّن صاحب المُنجَز بما يمتلكه من ثراء لغويّ ومعجميّ من توظيفه في تحقيق الاتساق النَّصيّ الدلاليّ.
إنَّ تعدُّدَ الوسائل التي قامت عليها العلاقاتُ الدلالية أسهمت جميعُها في اتّساق النَّصِّ من جانب، ومن جانبٍ آخر تمكَّنت من إقناع المتلقي والتأثير فيه.
استطاع الإمامُ (عليه السلام) أن يوظِّفَ العلاقات الدلالية في النَّص بصورةٍ زادت من خصوبته، وعمَّقت التعالق بين وحداته.

هذا بحث عنوانه الجملة الاعتراضية في نهج البلاغة، وقد اهتم بتوضيح مفهوم الاعتراض عند النحاة بوصفه صيغة يجوز أن نفصل بها بين متلازمات الجملة، كما ناقش البحث الاعتراض بين النحويين والبيانيين واتضح أنَّ ضابط هذا النوع من الجمل هو ضابط معنوي يصح سقوطها دون أن يؤدي ذلك الى اختلال في المعنى والتركيب معاً.
وقد حدث تداخل بين مصطلح الاعتراض وطائفة من المصطلحات النحوية والبلاغية، فوجب علينا توضيح مصطلحات الاعتراض والاستئناف والاعتراض والحال، ثم تتبعنا أنماط الجملة الاعتراضية في نهج البلاغة، وقد وردت على خمسة أنماط: الاسمية، والفعلية، والشرطية، والقَسَميَّة، والندائية، مع توضيح مواضع اعتراضها، وبذلك خرجنا بمجموعة من النتائج، فإن وفقت بها فذلك من فضل ربّي، وإن كانت الأخرى فلقصور بي، ولله الحمد أولًا وآخراً.