Abstract
يعتبر الاستجواب من اخطر وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة , فإذا كانــت الحقــــوق الثلاثــــة ( السؤال , طلب المناقشة العامة , او التحقيق ) , تحمل معنى " طلب المعرفة " او تبادل الرأي " او " الوصول الى الحقيقة " , فأن هذا الحق يتضمن اتهام الحكومة كلها او احد اعضائها , وتجريح سياستها , ومن ثم فأن هذا الحق يعقبه عادة طرح الثقة بالحكومة أو ببعض اعضائها , بعكس الوسائل الثلاثة , التي قد يكون استعمالها مقدمة مفيدة وتمهيد لاستعمال سلطة الاستجواب .وتقدم الاستجوابات للحكومة في نظم الحكم البرلمانية وشبه الرئاسية , ولا توجد في النظم الرئاسية الخالصة اذ ينتفي في هذه الاخيرة مبدأ المسؤولية الوزارية وقد ظهر الاستجواب مع بداية الثورة الفرنسية سنة 1791 , واختفى بعد ذلك في دستور السنة الثالثة مع الثورة , وعاد مجدداً في مايو سنة 1831 , وفي عام 1848 استعمل اعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية الاستجواب بصورة واسعة وعلى الرغم من ان فرنسا كانت مهد الاستجواب فأن الدستور الفرنسي الحالي الصادر سنة 1958 , لم يأخذ بنظام الاستجواب .كما ان التقاليد البرلمانية في بريطانيا لم تعرف الاستجواب بمفهومه الحالي . الا ان هذا لا يعني انتهاء دور الاستجواب في الانظمة السياسية المعاصرة والتي تطمح الى تنظيم نوع من التوازن بين الحكومة والبرلمان ( فأفول نجم الاستجواب في الانظمة الديمقراطية الحديثة يرجع الى اسباب كثيرة , لعل اهمها , ان وظيفة الاستجواب في مثل هذه الدول قلت اهميتها وذلك لفاعلية المؤسسات السياسية بها , وعظم تأثير الرأي العام فيها , حتى صار المسؤول يتخلى عن السلطة طواعية ويستقيل . اذا ما أخطأ في ممارسة سلطاته , أو حتى إذا ما اتى تصرفاً شخصياً معيباً يؤثر على مركزه الوظيفي او تبين فشل سياسته أو نتيجة أخطاء مرؤوسيه والامثلة على ذلك كثيرة .واذا كانت الاعراف البرلمانية في انجلترا لم تعرف الاستجواب كما ذكرنا , فأن الاستجواب في مصر والعراق استند منذ بدايته الى النصوص الدستورية في النظامين . فحينما صدر دستور سنة 1923 في مصر تضمن نصاً خاصاً بالاستجواب في المادة (107) منه , في حينت منحت المادة (54) من القانون الاساسي العراقي لسنة 1952 لسائر اعضاء مجلس النواب حق توجيه الاستيضاح ( الاستجواب ) للحكومة , وتولي النظام الداخلي للمجلس تنظيم احكام .وفي الدساتير الحالية , نص المشرع الدستوري صراحة في كل من العراق ومصر على حق اعضاء مجلسي الشعب والنواب في توجيه الإستجوابات الى الحومة برمتها أو الى احد الوزراء بشأن أي أمر من الامور العامة التي تدخل في اختصاصاتهم وذلك وفقاً لما هو منصوص عليه في اللائحة الداخلية أو النظام الداخلي للمجلس وإعمالاً لنص الدستور تضمن النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي واللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري تنظيم هذا الحق تفصيلاً موضحا شكل الاستجواب وموعد مناقشته وكيفية الإجابة عليه , والأثر المترتب على إجابة الموجه اليه الاستجواب .أشارة لما تقدم سنتناول بالدراسة موضوع الاستجواب البرلماني , كواحد من اهم وأخطر الوسائل الرقابية الفعالة التي يمارسها البرلمان في مواجهة السلطة التنفيذية وذلك من خلال ثلاثة مباحث , نوضح في الأول ماهية الإستجواب , ونبين في الثاني إجراءات الإستجواب ونختم الثالث بالآثار المترتبة على الاستجواب .