JOURNAL OF HISTORICAL & CULTURAL STUDIES an academic magazin

تُعَدُّ الشهادة إحدى أهمَّ وسائل الإثبات في القضاء الإسلامي ، وإنَّ عدالة الشهود شرطٌ لقبول الشهادةِ حسبما جاءت بهِ النصوص في القرآن الكريم والسُنَّة المُطهرة ، ولا بُدَّ للقاضي من التأكُّد من وجود هذهِ العدالة في الشاهدِ سواءً كان ذلك بالمعرفة المسبقة بحال الشاهد أو التحرِّي عنها بواسطة مختصِّين بمعرفة أحوال الناس جرحاً أو تعديلاً وهم ما يسمُّون بالمُزكِّين وذلك كلَّهُ في الوضع الطبيعي الذي هو وضعُ الإقامة والإستقرار حيثُ تكون فيه معرفة عدالة الشهود أمرأ مُستطاعاً ، أمّا في وضع السَّفرِ حيث لا يُمكن معرفة أحوال الناس من حيث عدالتهم ونزاهتهم فإنَّ شهادة المسافرين لا تُقبل على الوقائع والقضايا التي تحدث فيهِ لعدم إمكان التأكد والتثبت من تلك العدالة كما ذكرنا وهذا مذهب أكثر الفقهاء من غير المالكيَّة ؛ أمّا فقهاء المذهب المالكي فإنَّهم قالوا بقبول شهادة المسافرين بعضهم على بعضٍ بناءً على توسُّم العدالة فيهم دون التحقق منها ؛ وهذا القبول يكون في مجال المعاملات الماليَّة حصراً دون الجنايات في جرائم الحدود والقصاص التي لا يشهد عليها إلاّ مًن تثبتُت عدالتهم ، ووجه قولهم بقبول الشهادة على التوسُّمِ هو ضرورة إثبات حقوق الناس وصونها من الضياع ولو كان ذلك بتلك الوسيلةٍ البديلةٍ ، وفي هذ البحث المكوَّن من مقدمة وثلاث مباحثٍ وخلاصةٍ نحاول التحقق من صلاحية وجدوى الشهادة على التوَسُّم في ظرف السَّفر الإستثنائي كوسيلة إثباتٍ بديلة عن شهادة من ثبتت عدالتهم ، ومن خلال دراستنا لهذه الشهادة نحاول أيضاَ بيان أهميَّة إخضاع أدلَّة الإثبات المستنبطة بطريق الإجتهاد الفقهي للضوابط والقيود الموافقة لمقاصد التشريع الإسلامي في حفظ الحقوق وصيانتها من الضياع والتجاوز .