Abstract
القرآن الكريم محورٌ لعدّة دراسات , وأساسٌ لانطلاق كثير من العلوم العربيّة والإسلامية. ولسان العرب هو ذلك المعجم اللغوي المشهور الذي ألّفه ابنُ منظور (ت:711ه) في القرن السابع الهجري؛ لحفظ أصول اللغة وضبط بنيتها, إذ عليها مدار أحكام الكتاب العزيز والسنة النبوية. وهذا البحث محاولة لإبراز قيمة الشواهد القرآنية في لسان العرب, وبخاصة ما يتعلق منها بالجوانب البلاغية .
المقدّمة
يُعدّ القرآن الكريم المصدر الاساس لصحة اللغة العربية, ودليل أصالتها ورمز عظمتها, وهي خالدة بخلود هذا القرآن, ولولاه لماتت في مهدها كما مات غيرها من اللغات. إنه للمسلمين موئل وسند, وللعرب عزه وافتخار, وللإنسانية كنز وذخر .
ولهذا كان القرآنُ الكريم محورًا لعدة دراسات وأساسًا لانطلاق كثير من العلوم العربية والإسلامية .
ولسان العرب هو ذلك المعجم اللغوي المشهور الذي ألفه ابن منظور في القرن السابع الهجري لحفظ اصول اللغة وضبط بنيتها , إذ عليها مدار أحكام الكتاب العزيز والسنة النبوية .
ويتميز هذا المعجم باعتماده الكبير على الشواهد فيما يقدمه لنا من دلالات اللغة وقواعد النحو وبلاغة التعبير .
ولا يكاد المرء يطالع بضعة سطور في لسان العرب حتى يجد منتصباً أمامه , يستخدمه ابن منظور للتدليل على ما يقول كي لا يترك للقارئ مجالاً للاعتراض على ما يورده من معان أو قضايا , إذ إن شواهده تعبير عن مصادر اللغة الاولى وجذورها العميقة .
وهذا البحث محاولة لإبراز قيمة الشواهد القرآنية في لسان العرب وخاصة ما يتعلق منها بالجوانب البلاغية .
ومن هنا كانت عناية ابن منظور بالشاهد القرآني, يورده ليستدل به على صحة قاعدة نحوية أو توليد صرفي, أو يورده مقروءاً بالقراءات المختلفة كي يجيز به كلمة أو جملة تحمل معنى إضافيًّا غير معناها الأول أو تشير إلى مغزى بلاغي جميل .
وهذا البحث محاولة لإظهار أثر الشاهد القرآني واستظهار جانب التذوق الجمالي في المعجم اللغوي , وكيف تحقق ذلك بقدر يسير لابن منظور فيما أورده من شواهد بلاغية منتشرة في أرجاء لسان العرب .
اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي ذا الرؤية التحليلية للكشف عن إشكالية المصطلح البديعي فيما توافر عليه معجم لسان العرب لابن منظور من شواهد قرآنية وبلاغية .
واحتوى البحثُ مقدّمةً تلاها مدخلٌ ثُمّ محوران, عُني الأوّل بـ(المحاكاة والاتباع والازدواج), والآخر بـ(المقابلة والمشاكلة والتذليل), ثُمّ خاتمة ضمّت شيئًا من النتائج .. .
مدخل
لاحظ الباحث أن ابن منظور يعرض _ على قلة لبعض مصطلحات علوم البلاغة من معان وبيان وبديع ويستشهد عليها بشواهد قرآنية , ولكن المسميات عنده لا تنطبق غالباً على ما استقر في علوم البلاغة الثلاثة .
وقد عرض البحث لهذه الشواهد بالتحليل الفني لإبراز وجه الجمال فيها , وسنقتصر في هذا البحث على شواهد البديع كالمحاكاة والاتباع والازدواج .
إذ يطلق علم البديع على العلم الذي يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقيه على مقتضى الحال ووضوح الدلالة . وتلك الوجوه ضربان :
ضرب معنوي : كالمقابلة والطباق والازدواج والتورية .
وضرب لفظي : كالسجع والجناس والقلب ورد العجز على الصدر. (1)
لقد عني المتأخرون بعلم البديع وفنونه , واستحدثوا منه فروعاً وعدة تقسيمات , حتى أنَ عالماً كابن أبي الاصبع العدواني (ت654 ه ) ألف فيه كتابين مهمين هما :
( تحرير التحبير ) و ( بديع القرآن ) , وقد جمع في الأول ألوان البديع وجعل منها اصولاً وفروعاً .
فالأصول : هي ما أتى به ابن المعتز (ت 296 هـ ) (2) قبله وحواها كتابه ( البديع ) ليعرف الناس أن المحدثين لم يسبقوا المتقدمين إلى شيء من أبواب البديع .(3)
والفروع : ما أكتشفه العلماء بعد ذلك .(4)