Abstract
انّ إغفال المشرع الضريبي النص على حكم معين وهو الذي يلزمنا بالعودة إلى أحكام قانون المرافعات لمعرفة هذا الحكم لكون قانون المرافعات هو المرجع لكافة قوانين الإجراءات وبالنسبة لكل ما لم يرد به نص خاص في قانونه , ولكننا في هذه الحالة لا يمكننا ان نأخذ هذا الحكم على علاته وبالشكل الذي يعمل به في نطاق القانون الخاص , بل ينبغي ان نجعله يتجانس ويتوافق مع أحكام القانون الضريبي حيث ان هذا الأخير محكوم بمبادئ لا يمكن تجاوزها , وتظهر هذه المسألة بشكل جلي في الطعون الدستورية الضريبية وحيث تختلف الدعوى الدستورية عن الدعوى العادية في بعض الخصائص الأمر الذي كان له اثره في وجود هذه الخصوصيات المرتبطة بقواعد المرافعات المطبقة عند نظر هذه الطعون والتي منها ان أساليب تحريك الدعوى الدستورية تختلف عن أساليب تحريك الدعوى العادية , إذ تحرك الدعوى الدستورية في العراق بأسلوب الدعوى المباشرة او الدفع الفرعي, او الإحالة من محكمة الموضوع , في الوقت الذي تحرك فيه في مصر بأسلوب الدفع الفرعي , وأسلوب الإحالة والتصدي التلقائي , كما ان الدعوى الدستورية هي دعوى عينية لأنّ الغرض من إقامتها إقرار حق عيني او إحالة قانونية معينة , والدعوى الدستورية من هذا الجانب هي دعوى ذات طبيعة عينية كون الخصومة فيها متجهة الى النصوص التشريعية بمعنى ان الخصم فيها هو النص التشريعي المخالف لأحكام الدستور , بعكس الدعوى العادية التي تكون ذات طبيعة شخصية , وتمثل رقابة التصدي في التشريع المصري والتي لم يأخذ بها المشرع العراقي خروجا على مبدأ (ان القضاء مطلوب, وحيث لا مصلحة لا دعوى , وانّ القاضي لا يقضي بأزيد مما يطلبه الخصم). والملاحظ أنّ شرط المصلحة في الطعون الدستورية الضريبية أخذ بعداً أوسع مما هو موجود في القوانين غير الضريبية إذ أنّ المحاكم الدستورية اكتفت بالقول بتوفر شرط المصلحة لمجرد كون الطاعن بعدم دستورية نص ضريبي ( من المخاطبين بأحكامه ) ولو لم يكن قد تمت بحقه إجراءات ضريبيه . وعلى الرغم من خلو دستور جمهورية العراق لسنة 2005 من نص يحدد الأثر القانوني المترتب على الحكم بعدم دستورية قانون او نظام لمخالفته لأحكام الدستور مع ذلك فأن حكم الإلغاء للقوانين والأنظمة للدستور ثابت بحكم المادة ( 4- ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم ( 30 ) لسنة 2005 الذي بقي ساري المفعول في ظل دستور جمهورية العراق لسنة 2005 . كما يظهر أنّ المحكمة الاتحادية كانت قد حجمت نطاق حجية قراراتها وجعلتها محددة بتقرير عدم دستورية القانون الطعين فقط من دون إزالة آثاره , وقد بالغت في تضييق حجية قراراتها عندما جعلتها مرتهنة بإقامة دعوى جديدة امام مؤسسة قضائية ثانية وكأن قراراتها لا تسمو الى مصاف القرارات القضائية التي يجب تنفيذها طوعا او كرها وان الممتنع عن تنفيذها يعد مرتكبا لجرم بموجب احكام قانون العقوبات متناسية ان قراراتها تعد حجة في مواجهة السلطات كافة والأفراد بمقتضى الدستور والقانون وبموجب المبدأ القضائي القاضي (بحجية الشئ المقضي به).