Abstract
يرتكز المشرع الجنائي وهو بصدد أحداث التوازن بين حماية الحقوق والحريات من جهة وحماية المصلحة العامة من جهة أخرى, الى محددات أهمها, الألتزام بالضرورة والتناسب في التجريم, فأذا ما تدخل المشرع بتجريم سلوك ما, من دون ضرورة تبرر ذلك التدخل, او إذا تعسف بتقدير عقوبة للفعل المجرم, يوصم تدخله حينئذ بعدم المشروعية, و يستند معيار الضرورة والتناسب في التجريم الى اساس دستوري, وهذا الاساس تارة يكون صريحاً وتارة أخرى يكون ضمنياً, كما أن الضرورة الأجتماعية التي تلجيء المشرع الى تجريم سلوكيات الافراد, والتناسب المرتبط بها, هي فكرة متطورة بتطور القيم والمصالح الاجتماعية التي يسعى القانون الجنائي الى حمايتها والحفاظ عليها من الاعتداء, بمعنى ان هذه القيم والمصالح التي تحدد الضرورة في التجريم, هي نسبية من حيث الزمان والمكان, فقد يؤدي تطور الظروف الى تطور تلك القيم والمصالح بحيث يصبح الاعتداء عليها تصرفاً مضراً بها أو خطراً عليها, وبالتالي يتدخل المشرع بحكم الضرورة لتجريم ذلك التصرف, والعكس صحيح قد يؤدي ذلك التطور الى انتفاء الضرورة في تجريم سلوكيات الافراد.