Abstract
فمن خصائص القرآن الكريم، دستور الدعوة الإسلامية قديماً وحديثاً، أنه كتاب حياة. حياة للنفوس، حياة للعقول، حياة للفرد وحياة للأمة. موكب حياة يسير البشرية في الطريق إلى الله تعالى. أنه كتاب موضوعه الحياة فإذا ما تحدث عن الكون، وإذا ما ضم بين دفتيه الكثير من الآيات العلمية فإنما يريد أن يفتح قلوب المؤمنين إلى ما يحيط بهم وما يستقر منهم من آيات الله. لتكون حياتهم كلها عبادة وكلها صلة بخالق هذه الآيات وخالق الإنسان. أنه لا يرضى أن تكون صلة الإنسان به عن طريق طقوس محدودة يؤديها ولكنه يريد أن تكون هذه الصلة كل الحياة. ومن خصائص هذا الكتاب الكريم أنه وحده معجزةُ الإسلام. إن الإسلام ليس رسالة وقتية محدودة بزمان ومكان حتى تكون معجزته من النوع الحسي الذي يراه فقط أهل زمان ومكان محددين. أنه رسالة عالمية إنسانية، ولذا كانت معجزته عالمية خالدة. كانت لهذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه وكلما تقدم البشر وكلما ارتقوا سلم المعارف كلما وجدوا في هذا الكتاب معجزة لم يكتشفها من كان قبلهم. إن الإسلام لا يقف خلف البشرية ولكنه دوماً سابق لها آخذ بيدها دافع إياها على الطريق السوي الذي لا عوج فيه. إن الآيات العلمية في القرآن الكريم لا تهدف إلا أن تزيد من المعرفة النظرية لبني البشر. فالقرآن كتاب حياة وإعجاز يسير البشرية في رحلتها في هذا الكون الفسيح. إنها عناصر إعجاز هذا الكتاب الذي لا يخلق على كثرة الرد لأنه قرآن كريم كما وصفه الله تعالى فكأنه كما شبهه الله حكيم يتجاوب معك، يأخذ بيدك على طريق الحكمة. ففي كل مرة تقرؤه تجد فيه آيات ولفتات لم تكن قد انتبهت إليها في المرة السابقة. وكل جيل يكتشف فيه من المعاني ما يبهره ويجعله يعيش في مهرجان دائم من المعجزات. ولعل من الملائم بعد هذه المقدمة أن أشير إلى نقطتين هامتين. الأولى: إن الآيات التي سنعرضها في هذا البحث (النبات في القرآن الكريم) ليست كل ما ورد في القرآن من آيات علمية ولكنها مجموعة من الآيات نعتقد أنه أصبح بإمكان العقل البشري أن يفهمها على ضوء العلم الحديث. الثانية: إننا لم نربط آيات القرآن بنظرية من النظريات لأن النظريات تختلف في التفاصيل ولفتات القرآن الكريم عامة.