TASLEEM JOURNAL

الاستدلالُ بالقراءةِ القرآنيَّةِ علَ تحليلِ النَّصِّ القرآنيِّ نحويّاً - باب الأدواتِ
أنموذجاً
يهدفُ هَذا البحثُ إلَ رصدِ ظاهرةٍ مهمَّةٍ أثبتتْ حضورَها فِ ثنايَا الكتبِ والمؤلفاتِ
القرآنيَّةِ تقومُ علَ علاقةٍ جدليَّةٍ بينَ ثنائيَّةٍ قرآنيَّةٍ ، الطرفُ الأولُ لهَا هُو النَّصُّ القرآنيُّ
الذِي كانَ فَهمُه وتفسيرُهُ مطلباً يشغلُ الأذهانَ ، وطرفُها الثانِ هُو قراءاتُ ذلكَ
النَّصِّ التِي استُعمِلَتْ دليلاً وطريقاً لتأييدِ فهمِ ذلكَ النَّصِّ علَ المستَوى النحويِّ
التركيبيِّ .
ولمَّا كانتْ وشائجُ الاتِّصالِ وثيقةً بينَ الاثنينِ - القرآنِ وقراءاتِهِ - كانتْ هذهِ
الظاهرةُ جديرةً بالدراسةِ ؛ لكونِ القراءَات هِي الوجوهُ اللغويةُ للقرآنِ الكريمِ ،
فهِي الأقربُ إلى بيانِ معانيهِ وتراكيبِهِ .
وقَد اقتصرَ البحثُ علَ دراسةِ بابِ الأدواتِ ومعانيهَا النحويَّةِ ، وتأثيرِ ذلكَ علَ
تراكيبِ النُّصوصِ ، فاختارَ بعضَ النماذجِ التِي تبيَّنَتْ مِن خلالِا كيفيةُ تحليلِ
الآياتِ القرآنيَّةِ بدلالةِ القراءاتِ التِي قُرِئَتْ بهَا تلكَ الآياتُ ، وكيفيةُ توظيفِ تلكَ
القراءاتِ كشواهدٍ نحويَّةٍ استعانَ بهَا المفسِّونَ واستدلُّوا بهَا للوصولِ إلى المعنَى
القرآنيِّ .

الإِعْرابُ إِظْهارٌ وبَيانٌ، كما أَنَّ تَفْسِيرَ القُرْآنِ الكَريمِ إِظْهارٌ لِمَعانِيهِ وبَيانٌ، ولَكِنَّ
بَيَْ التَّفْسيرِ والإِعْرابِ عُمومًا وخُصوصًا؛ فالتَّفْسيرُ أَعَمُّ مِنْ جِهةِ اقْتِضاءِ تََقُّقِهِ عِدَّةَ
آلاتٍ، والإِعْرابُ واحِدٌ مِنْها، وَالإعْرابُ أَخَصُّ مِنْ جِهَةِ انْحِصارِهِ في المُفْرَداتِ،
والتّاكيبِ عَلى وِفاقٍ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ في كَلامِها، وقَدْ لاحَظَ عُلَماءُ التَّفْسيرِ، وأُصولِهِ،
قُصورَ الإِعْرابِ عَنْ أَنْ يُيطَ بالتَّفْسيرِ، كما تَفَطَّنوا إِلى أَنَّ الأَعارِيبَ قَدْ تَزيدُ في العَدَدِ
على التّاكِيب؛ لأَنَّ النَّسَقَ اللُّغَوِيَّ يُيلُ على أَكْثَرَ مِنْ دَلالةٍ خارجَ الِاسْتِعْمال، بما أَنَّ
الأَعاريبَ فُروعٌ لِلْمَعاني، وأَنَّ هذا يَقْضي بأَنَّ مِنْها ما لا يَْدُمُ التَّفْسير، فعَمِلوا، مِنْ
ثَمّ، على صِياغَةِ قَواعِدَ تَأْصِيلِيَّةٍ تُشْفُ على ضَبْطِ صِلَةِ الإِعْرابِ بالتَّفْسيرِ؛ فَتَعْمَلُ
عَلى تَوْسيعِ الدَّلالةِ الإِعْرابِيَّةِ الضَّيِّقةِ بِمُراجَعَةِ مَصادِرِ التَّفْسيرِ الأُخْرى، وعَلى
تَرْجيحِ الدَّلالةِ الإِعْرابِيَّةِ المُتَعَدِّدةِ بتَوْجيهٍ مِنْ مَصادِرِ التَّفْسيرِ الأُخْرى، كَذَلِك، ثُمَّ
إِنَّهُ ما دامَ الإِعْرابُ إِجْراءً تَفْسيرِيًّا فإِنَّهُ –لا محالَةَ- واقِعٌ تحتَ تَوْجيهِ أُصولِ التَّفْسيرِ،
وقَواعِدِه، ويَْصُلُ مِنْ هذا أَنَّ المُعْرِبَ يجبُ عَلَيْهِ مَعْرفةُ المَعْنى قَبْلَ الإِعْرابِ عَمَلً
بفَرْعِيَّةِ الإِعْرابِ عَنِ المَعْنى، ومِنْ آصَلِ الأُصولِ في مَعْرِفَةِ المَعْنى مَعْرِفةُ سَبَبِ
النُّزولِ، وقِصَّتِهِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ سَبَبَ النُّزولِ مِنَ السُّنَّة، والتَّفْسيرُ يَقَعُ بالسُّنَّة، ولَمّ
كانَتِ السِّيرَةُ النَّبَوِيَّةُ العَطِرَةُ مَرْجِعًا أَساسًا لِظُروفِ النُّزول، وأَسْبابِهِ، وقِصَصِهِ، فَقَدْ
تَعَيَّ، أَنْ يَكونَ للسِّيرةِ مَدْخلٌ واسِعٌ لِتَأْصيلِ إِعْرابِ القُرْآنِ بِتَوْجيهِهِ، وتَصْحيحِهِ،
أَيْ: ]أَنَّ للسِّيرةِ أَنْ تُمَرِّرَ الإِعْرابَ، أَوْ تُوقِفُهُ[.

تناولت الدراسة فاعلية الوصف، وصوره البلاغية في التأثير والإقناع إلى جانب
وظيفته الجمالية في كلام الإمام موسى بن جعفر الكاظم ) عليه السلام (، وإن رجحت
كفة الإقناع ، فلأنها تضطلع بمهمة إقامة الحجة في التأثير، واستمالة المتلقي، كي
يستوعب المفهوم الحقيقي للصورة المرسومة عبر شحذ الذهن ، واستثارة المدركات
الحسية ، وذلك بما يتناسب مع الدور الرسالي للإمام سلام الله عليه ، فكلامه نور يبين
ظلمة السبيل إلى الحق تعالى ، يتبارى إلى عروجه المريدون ، والمتعطشون إلى الحكمة
، والطالبون الحق إينما كانوا ، كيف لا وهو سليل النبوة وامتداد الإمامة وكلامه
حجة على العالمين ، فهو أحد الأنوار المحمدية التي اغدقتنا بنورها المشع مجداً وسمواً
وارتقاءً معرفياً، فهو مثل تلك الأنوار، يستمد ألقه وضياءه من الفصاحة المحمدية
والبلاغة العلوية التي افحمت الدارسين، وروت ظمأ المتعطشين للكلمة البليغة
المشعة جمالاً شكلياً ومضموناً معرفياً.
كان تجلي الوصف واضحاً عبر الأساليب البلاغية التي وظفها الإمام لتبيان الحق
وإقامة الحجة ، فكان التشبيه ، وهو أكثر الاساليب البلاغية التي وظفت في كلامه
سلام الله عليه ، لذا كانت هناك وقفة للباحثة معه ، وإلى جانب التشبيه كانت هناك
الاستعارة ، والكناية ، والطباق،وايضا السجع الذي وظفه الإمام لاستمالة القلوب
والتأثير فيها ، وإقامة الحجة على المتلقي .
حاولت الباحثة القاصرة تبيان ذلك عبر محورين ، تناول المحور الأول الوصف
بمعناه الاصطلاحي عند بعض النقاد العرب القدماء والمحدثين، بهدف إيضاح
المصطلح والوقوف عليه قديماً وحديثاً، أما المحور الثاني فتناول الإقناع من حيث المفهوم ، أما المحور الثالث استعرضت فيه الباحثة أهم الأساليب البلاغية المتبعة في
الوصف ، في محاولة لرصد الجانب الإقناعي في كلام الإمام موسى بن جعفر عليه
السلام ، فقد كانت هناك الموعظة والدعاء والمحاججة ، سبقت إلى ذلك مقدمة ،
وختمت بخاتمة ، تضمنت أهم النتائج التي توصل إليها البحث .

هناك ترابط عميق بين القرآن والعترة حسب حديث الثقلين، حيث قيل إنّ
في الحياة والتفسير b فهم أيٍّ منهما يتوقّف على فهم الآخر، وأسلوب الأئمّة
يؤكّد الحقيقة المذكورة. g ولاسيّما أسلوب الإمام الرضا
إنّ وجه الترابط بين القرآن الكريم والعترة الطاهرة واضح، إذ لايمكن تفسير
القرآن عبر العترة، حيث إنّ التفسير لا يعني التعريف والتوضيح والتبرير
والتأويل بل يعني كشف القناع، ولكل من الكلمات المذكورة معنى يخصّها
فالتفسير يعني كشف القناع ليس عن اللّفظ؛ لأنّ كل لفظ يدلّ على معنى
خاص فلا غموض في اللّفظ حتى يكون بحاجة إلى التوضيح وكشف القناع
عنه، فكشف القناع يختص بحقيقة محجوبة مستورة تستحيل معرفتها ما دام
القناع موجوداً، وفي الحقيقة كشف القناع هو الكشف عن مراد المرسل وهو
الله عزّ وجلّ فليس المقصود هو الشيء المفهوم من اللّفظ وإنّ كان اللّفظ كاشفاً
عن مراد المرسل إلى حدٍّ ما.
ولكن، إذا كان في اللّفظ شيء من الغموض أو الالتباس، فلا يعبّ عن مراد
المرسل فيختفي مراده في ستار من اللّفظ، فالهدف من تفسير القرآن هو فهم
مراد المرسل وليس الهدف فهم الدلالات اللّفظية في القرآن بل أحياناً يخفى
المعنى عن السامع، هذا هو التفسير، ولا أحد يستطيع كشف القناع عن
لذلك أنّ تفسير القرآن منحصر في أهل ،b مراد ربّ العالمين إلا أهل البيت
البيت)عليهم السلام(، ولا أحد دونهم يستطيع تفسير القرآن.في تناول القرآن الكريم g إنّ هذا البحث يتحدث عن أسلوب الإمام الرضا
وتفسيره فقد كان القرآن رفيق الإمام في حله وترحاله، وفي يقظته ومنامه، وفي حياته
وقبيل وفاته، وفي أكله وشربه فهو ترجمان من تراجمة القرآن؛ لذا تراه مفسّاً القرآن
في كثير من مناظراته وحواراته مع المأمون والزنادقة وأهل الكتاب، وكذا في الأسئلة
التي توجه من بعض الشخصيات، لذلك فهو يدور في محورين هما:
.g الأول: القرآن الكريم والإمام الرضا
الثاني: من مأثوراته في التفسير.
أما أسلوبه في التفسير فقد تنوع فتارةً يفسّ القرآن بالقرآن، وثانية يفسّه بالتأويل
لا يعتمد فيه على ظاهر الألفاظ، وثالثة يفسّه تفسيراً فقهياً، وهكذا بحسب المقام
إذ تجد مناهج التفسير كلها عند الإمام )صلوات الله عليه( واضحة جلية ينوّع في
استخدامها.
كتاب في التفسير، وإنما هي آيات يُسأل عن معناها، وقد g ولم يكن للإمام الرضا
اعتمد على مبدأ الحوار في تفسيره للآيات.

الملخص:
أصغر الائمة سنا، فقد تقلّد الإمامة والزعامة الدينية بعد g يُعدّ الإمام الجواد
وكان عمره الشريف فيما أجمع عليه المؤرخون لا يتجاوز g وفاة أبيه الإمام الرضا
السبع سنين، وهذا العمر في مطلق الأحوال لا يسمح لصاحبه بالنظر العقلي والجدال
قد تجاوز هذه النواميس وخرق المعتاد بمناظراته g العلمي الا أن الامام الجواد
معجزة g العلمية التي أذهلت كبار العلماء في ذلك العصر فكان الامام الجواد
من السماء في الارض التي خرقت الألباب وابهتت العقول، وجعلت الناس يقفون
الذي شكّل خزانة معلوماتية لا تنضب ، ومحطة g حيارى أمام هذا الفتى الإمام
للإجابة عن الأسئلة تحير في كشف كنهها أفذاذ العلماء ولهذا كله ،كان لهذا الإمام
الاهمية القصوى في مختلف ميادين البحث في العلوم العقلية وعالم المناظرات g
والبحوث الجدلية وغيرها ، ومن خلال هذه الأوراق البحثية سنحاول أن نستظهر
بعضا من أحاديثه التي يغلب عليها الطابع العلمي وهي موشحة بإيحاءات جمالية
أسلوبية .
وفي ضوء ذلك اقتضت خطة البحث أن تقسّيم على مدخل وثلاثة مباحث ، أشتغل
المدخل على الأحاديث الفنية لغة واصطلاحاً ، وتحدث المبحث الاول عن المستوى
التركيبي للأحاديث الفينة والمبحث الثاني المستوى الصوتي ، بينما المبحث الثالث
المستوى الدلالي واخيرا الخاتمة التي تضمنت أهم نتائج البحث.

في بداية القرن الثالث الهجري اختلفت الطوائف في قضية خلق القرآن أو صيرورته
أو قدمه، وأدت به إلى التشتت والفرقة بين بعض المذاهب الإسلامية.
و هذا الخلاف له علاقة بقوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾
.) )الزخرف/ 3
وسؤال البحث هو، هل )جعل( في هذه الآية الكريمة يفيد دلاليا معنى الخلق
أم الصيرورة، فهذا الخلاف لم يكن بين المفسرين فحسب بل كان بين اللغويين
والنحويين، وذكرت المعاجم أكثر من سبعة عشر معنى ل )جعل( منها الخلق
والصيرورة وهذا هو أصل الخلاف.
أما السؤال الثاني فهو يتعلق ب )جعل( الذي يفيد التحويل، فإن كان قوله تعالى
)جعلناه قرآنا عربيا( يفيد التحويل فهذا يعني أنه تحول إلى هذه اللغة فمن ماذا
تحول؟.
وكان التركيز في هذا البحث على الجانب اللغوي دلالة ونحوا، لعلنا في هذه المحاولة
نستطيع أن نتلمّس دور اللغة في توضيح مسألة وقع فيها الخلاف عقائدياً.
وقد أكد علماء اللغة أن الفعل )جعل( يصاحب معنى التحويل في أغلب استعمالاته،
و لمحنا من اللغويين إصرارهم على وجود والتصيير والتغيير والحركة مع هذا الفعل،
فحقيقة الجعل تغيير الشيء عما كان عليه وحقيقة الخلق, الإحداث الإيجاد.
وقد اتفق النحاة على أن الفعل )جعل( على نوعين الأول ينصب مفعولا واحدا ليقترب من معنى الخلق والثاني ينصب مفعولين وهو الدال على التحويل.
وقد ذكر سيبويه الفعل )جعل( المتضمن معنى الصيرورة ضمن أفعال الشروع ولم
يقل بترادفها، وذهب إلى عدم جواز الاقتصار على أحد المفعولين دون الآخر في
الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين.
ونلاحظ أنه حتى في حالة حمْل الفعل )جعل( معنى الظن فإنه مشربٌ بمعنى
التصيير.
وقد تباينت أقوال المفسرين في تأويل هذه الآية الكريمة فمنهم من يرى أن هذا
القرآن نُسخ من أصل عليّ عظيم عند الله وهو أم الكتاب وهذا يعني أن القرآن
نسخة منه فهو يرى أن أم الكتاب هو القرآن وأن قوله تعالى )علي عظيم( وصف
.) لمنزلته وشرفه) 1
وذكر الزمخشري المعتزلي العقيدة باحتمال المعنيين )صيّ وخلق(.
أما الرازي الأشعري العقيدة فعدّ هذه الآية دالة على أن القرآن مجعول، واختار
آخرون معنى صيّ وسمّى.
وذكره المفسر الطباطبائي )رحمه الله( رأياً سديدا وهو الأقرب للغة والعقل، وهو
وقد g يوافق مذهب أهل البيت وقد حصلت هذه المحنة في عصر الإمام الهادي
ذكر رأيه ليمثل رأي الثقل الأصغر الذين لا يضلُّ من تمسك بهم بعد القرآن الكريم.
إن مسائل الخلاف التي تؤدي إلى الجدل مضرّة بالمؤمنين، لكن هذا لا يعني غلق باب الحوار بين المسلمين في عقيدتهم، مع أخذ الحيطة والحذر من الفتنة، والرجوع
إلى العلماء وذوي الاختصاص، ومع أن المسألة في خلق القرآن الكريم وعدم خلقه
مسألة عقائدية لكنا سنتناولها من جانب لغوي له علاقة بالفعل )جعل( دلالة
ونحوا.
وفي آخر المطاف فقد اتفق عدد كبير من مفسري القرآن الكريم من مختلف المذاهب
على أن كنه القرآن الكريم في اللوح المحفوظ لا نعرف عنه شيئاً لأنه كلام الله واللغة
وجدت للبشر لتبادل الأفكار فهي حاجة والله تعالى غني عن الحاجة وكلامه كبقية
صفاته ليس كمثله شيء فالقرآن متحول من شيء لا يدركه العقل البشري محفوظ
في اللوح مع بقية الكتب المنزلة على أنبياء الله عليهم السلام ثم تحول إلى لغة ليبين
) لهم قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيَِّ لَُمْ﴾)إبراهيم/ 4
لا بدَّ أنْ « : وكذلك فإن القرآن الكريم صيّه عربيا لعلهم يعقلون، يقول الشعراوي
)3(.)2(» يكون الرسول بلسان قومه ليفهموا عنه ولتتم عملية البلاغ

تعدُّ الصور البيانية من الأساليب التي لها مقدرة إبداعية خاصة، وهي تضفي جانباً
جمالياً واضحاً على النصوص التي توظف فيها، وتسمح بالتعبير عن الأفكار بحرية
واسعة موفقة بين الأشياء البعيدة خالقة صوراً جديدةً ممَّا سنتبينه في توظيف الإمام
في خطابهما هذه الأساليب البيانية على سبيل تحقيق دلالات مقصودة g العسكري
في سياقها.
وفي ضوء ما تقدم انقسم البحث إلى مقدمة وثلاثة مباحث، تضمن المبحث الأول:
الصورة التشبيهية والمبحث الثاني: الصورة الاستعارية، والمبحث الثالث: الصورة
الكنائية، وقد تمخض عن البحث نتائج نوجزها على النحو الآتي:
-1 شكَّل التشبيه دلالة واضحة في إظهار جمالية استعمال الخطاب من جهة، وتعضيد
المعنى من خلال إيراد أكثر من صورة تشبيهية في النص. فكان وسيلة من وسائل
الكشف الدلالي، بما يحمله من إيحائية، إفهامية، تنبيهية، وعظية، تلج النفس، وترصد
مواطن القوة والضعف فيها فتلمسها ناشدة التأثير.
-2 كان للاستعارة حضورٌ متميزٌ في إثراء مجازية النص، بالخروج من الدلالة الحرفية
إلى الدلالة الإيحائية، بتوظيف المدركات الحسية في تصوير المعاني، فهي تخرق المألوف
بتصويرها، وترتقي بالمستوى الدلالي للنص الذي يعج بالشحنات الدلالية العميقة.
-3 كشفت الدراسة عن الطاقة الكنائية بوصفها توظيفاً إشارياً يدفع المتلقي للتأمل
وشدّ الانتباه، فتمارس الكناية بذلك تأثيراً نفسياً على المتلقي، وتحفزه لإنتاج دلالات
يتقبلها العقل والشعور، فيصل إلى إدراك المعنى المقصود ويكتشف مجاهيل الدلالة
والقصدية التي تحملها.

إنَّ لعلاقة الدَّلالة بالنَّحو فائدة في فهم معاني الكلام، إذ الجملة العربية تحتّم ترتيباً
خاصاً لو اختلّ يكون المعنى صعبَ المنالِ، وقد أشار ابنُ جنِّي إلى هذا المعنى إذ
قال في بابِ القول على الإعراب )) هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ ، ألا ترى أنك
إذا سمعت : أكرم سعيد أباه، وشكر سعيداً أبوه ، علمت برفع أحدهما ونصب
الآخر الفاعل من المفعول، ولو كان الكلام شرجاً) 1( واحداً لاستبهم أحدهما من
صاحبه(() 2( ، فلولا الإعراب بين الأبواب النَّحوية لكان إدراكُ المعنى صعباً وليس
مُتناولاً، فمن هذا الكلام يتوضح لنا مدى ترابط النَّحو بالدَّلالة، إذ إنَّ العلاقة بينهما
نشأتْ منذ ولادةِ الدَّرسِ النحويّ العربيّ وكان الارتباط وثيقاً لاحتياج كل منهما
الآخر فالنحو والدّلالة متعانقان عناقاً حميماً ينتج من خلاله الفهم الدقيق والصحيح
للنص) 3(.

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسَّلامُ على سيِّد الأنام، النبي المصطفى محمد
o، وعلى آله الطيبين وأصحابه الغرِّ الميامين .
وبعد:
حظيت خُطبة السيَّدة زينب بنت علي b باهتمام كبير من لدُن الباحثين والنقاد
على مرِّ العصور، وحاولوا دراستها وتحليلها في ضوء مرجعيات نقدية وبلاغية
مختلفة، بوصفها إحدى الخُطب المحوريَّة في التراث العربي الإسلامي، فهي آية من
آيات البلاغة والفصاحة والبيان، لما فيها من تِقانات لغويّة مُكمة الصِّياغة، مُتقنة
النَسج.
وفي ضوء القِرآن المنهجي بين البلاغة العربية والدرس الأسلوبي اللساني،
كان لا بُدَّ من مراجعة لهذا التراث العملاق، فوقع اختيار الباحثة على هذا النص
المتماسك المتلاحم الأجزاء، لقراءته من خلال فتوحات اللسانيات النصية، التي
فسحت المجال أمام علوم البلاغة العربية للنهوضِ من جديد، ونفض غبار المتراكم
عليها بفعل الدراسات الجزئية والنظرات المبتسرة.
إذ تسعى هذه الوريقات إلى كشف فاعلية علم البديع وأثره في إحداث
التماسك النَّصي، مستمدةً شرعيتها من دعوة الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح،
الذي وجد فيه من الثراء والخصوبة ما يعين على إعادة تشكيله من منظور نصي) 1( .
وللباحثة، دراسة سابقة) 2( حاولت فيها إعادة النظر في علم البديع من منظور
اللسانيات النصيِّة، مكملة ما بدأ بهِ الدكتور جميل عبد المجيد في كتابيِّه، البديع بين
البلاغة العربية واللسانيات النصية، وبلاغة النص. والدراسة هذه، باتخاذها نصاً نثرياً، تسعى لتأكيد فكرة أهمية أساليب البديع
بوصفها أدوات رابطة بين أجزاء النص، وليست محسنات لفظية ومعنوية بالإمكان
الاستغناء عنها في الكلام البليغ. ولذا اقتضت وريقات هذا البحث تقسيمه على
مدخلين:
المدخل الأول: نظري، حاولت الباحثة فيه تقريب بعض أساليب البديع من
منظور اللسانيات النصية، وبيان أثرها في التماسك النصي، وتوضيح التصورات
والإجراءات.
وأما المدخل الثاني: تطبيقي، حاولت الباحثة فيه، تطبيق تلك التصورات
والإجراءات على خطبة السيدة زينب )عليها السلام( في الكوفة والتأكيد على أهمية
بلاغة النص في النظر إلى أساليب البديع.
وأخيراً أقول: إنَّ مسألة الانتقال بالبلاغة العربية من بلاغة الجملة إلى بلاغة
النص، تستلزم تضافر الجهود، والنهوض بالهمم وشحذها، وما هذا البحث إلاّ
خطوة أُخرى باتجاه هذا المشروع.

الإعجاز مصطلح ظهر متأخرا في بيئة المتكلمين، وقد التبس بالبحث في الدليل
والعلة فنتج عن هذا أن انتاب المصطلح قلق واضطراب وتردد، وقد ناقشت
الدراسة هذه المظاهر ثم خلصت إلى أنه بحث في مظاهر خصوصية القرآن
وأوصت بأن بحثا تحليليا وصفيا في مظاهر إحكامه.

البحث مقاربة أدبية لنصوص السياب الشعرية،؛ بغية استخلاص السمات الفنية
للغتها الشعرية، ومراعاةً لمنهج البحث العلمي، رأى الباحث أن يقسم البحث على
مبحثين، الأول: يتضمن مفهوم الشعر عند السياب، يسبق ذلك الإشارة إلى ما
حصل لشعر السياب من تطور ورقي بين مرحلتي التكون والنضج الفنيين.
وتكفل المبحث الآخر بإبراز الخصائص الفنية لشعره على مستوى الصوت
والتركيب والصورة والدلالة.

يقدم المقال الموسوم ب" تشكّل الهوية السردية في رواية باب الشمس لإلياس
خوري"، إشكالية تعد محور جدل في أغلب أعمال الفيلسوف الفرنسي "بول
ريكور" وهي مسألة الهوية السردية؛ حيث يعرض هذا المصطلح جسرا رابطا بين
التاريخ، السرد والزمن، تم تحديد وجوده داخل النصوص السردية انطلاقا من
معاينة الأشكال السردية.
لقد اخترنا رواية باب الشمس للروائي إلياس خوري لنختبر إمكانية تحقق هذه
الرؤية الانقلابية لمفهوم السردية، موضحين كيف يمكن أن تبني هوية القصة – من
خلال حبك الأحداث- الهوية السردية للذوات الموجودة بداخل النص السردي،
ثم حددنا الهوية الفردية والجماعية في الرواية المدروسة.

من السنن العلمية السائدة في العلوم عامة سنّة الانتقال عبر الثقافات نتيجة الترجمة،
ومن أهم معوِّقات الترجمة التعامل مع المنظومة الاصطلاحية لتلك العلوم المنقولة،
وإذا ما أمعنّا النظر في ثقافتنا العربية وكيفية تعامل الباحث العربي مع الوافد من
المصطلحات لنجد ما يمكن أن أطلق عليه "فوضى مصطلحية خلاقة"؛ إذ تتعدد
المصطلحات الموضوعة بإزاء مفهوم واحد بتعدد الباحثين؛ الأمر الذي يخلق فوضى
لا بد من تنظيمها والاحتكام في عملية التنظيم هاته يكون باللجوء إلى معايير علم
المصطلح ومراعاتها في عملية إيجاد المقابل الأدق للمصطلح الوافد، ومن سبل الحد
من تلك الفوضى تفعيل المؤسسات العلمية المعنية بهذا الشأن.
قد وقف البحث على مصطلح cognation راصدًا مقابلاته العربية ، وأهم
المسوّغات التي ساقها أصحابُا لما اختاروه من مقابلات؛ محاكمً إياها في ضوء
معايير علم المصطلح، التي قادت إلى أن يكون مصطلح المعرفة هو المقابل الأدق
لهذا المصطلح.

تعدّ التّداولية إنجازًا لسانيًا وأنّ مهمّتها معالجة اللّغة في بعدها الاستعمالي
)التّواصلي( بالاستناد إلى ما هو داخل النّظام اللّساني وخارجه،بل تعدّ التّداولية
تخصّصًا لسانيًا تدرس كيفية استخدام النّاس للأدلة اللّغوية في صلب أحاديثهم
وخطاباتهم، لذلك اتّذت التّداولية مسارها المتميّز في سياق الإنجازوالإنجازية، ،
ورشّحت الأفكار المجرّدة في قيمتها إلى أن تقاس بمدى مطابقتها للواقع وصياغتها
عمليا، إلا أنّ مثل هذه الخاصية لا يمكن تطبيقها على كلّ شيء، لأنّ فهم طبيعة
اللّغة تستدعي الاهتمام بالجانب التّواصلي، وبالخصوص الجانب الاستعمالي أو
علاقة العلامات بمستعمليها، وهنا إحالة إلى مسؤولية ظروف الاستعمال في تحديد
طبيعة البنية وتشكيلها .
وبهذا حين يتم قراءة القصيدة من المنظور السميو- لساني ينبغي الانطلاق من
التّصوّر الذي يتّخذ القصيدة على أنّا نتاج متميّز بدقّة لغوية عالية، وعلى أنّا تأليف
راق من أوضاع مختلفة، والذي يفترض أيضا أن يُعرف بها على أنّا تمتلك هذه
الخواص، ولذلك على القارئ امتلاك فضلاً عن الكفاءات اللّسانية )الخاصّة باللّغة
التي كُتبت بها القصيدة( الكفاءة الخطابية التي تُدّد له القصيدة وتكشف له المعنى.

اتخذ التفكير الاسلوبي أشكالا مختلفة من التوجهات الحداثية فهناك الاسلوبية
الاحصائية وأسلوبية الانزياح والأسلوبية السياقية وأسلوبية السجلات.
ولما كانت البلاغة بمعياريتها والأسلوبية بصورها ونصيتها قد أشاحت اهتمامها
عن المتلقي ودوره الإنتاجي في التحليل وتلمس مواطن الجمال؛ لذلك فإن الناقد
الفرنسي هنريش بليت قد ابتكر في كتابه الموسوم) البلاغة والاسلوبية نحو نموذج
سيميائي لتحليل النص( عام 1999 أسلوبية جديدة سماها الاسلوبية السيميائية
كنموذج بلاغي جديد للتحليل يقدم صورة تقريبية للأسلوبية البلاغية جامعا
الأسلوبية بالسيميائية في تداوليتها ودلالاتها، وسنحاول تطبيق هذا الأنموذج من
الدراسة الاسلوبية على خطبة الأشباح للإمام علي عليه السلام، بناءً على المحاور
الاتية:
1. البلاغة بين المعيارية والوصفية
2. الأسلوبية ومرجعية التأثير في الخطابة
3. الأسلوبية السيميائية في خطبة الأشباح
• انزياح في التركيب
• انزياح في التداول
• انزياح في الدلالة