Abstract
فقد خلق الله الإنسان وغرس في نفسه أنواع الاحتياطيات، فهو يحتاط لبقاء نوعه فلا تطمئن نفسه إلا إذا رزق بعدد من الأولاد، ويحتاط لحياته بإيجاد ما يقيه تقلبات الجو وخطر الكوارث الطبيعية والغرق والأعاصير ودمار الحروب والحريق، ويحتاط لماله فيحفظه ويحرص عليه ولو كان له جبل من ذهب لتمنى أن يكون له آخراً..... ولو تأملنا في موضوع الاحتياط لوجدنا أنه مرتبط بجميع مرافق الحياة وله أصل في مختلف الاختصاصات، فالطبيب يحتاط لصحة الناس فيرشدهم للوقاية من المرض قبل وقوعه ويبتكر اللقاح ضد بعض الأوبئة. والمهندس يحتاط في بنيانه لمقاومة أسوأ الاحتمالات. والمصنع يحتاط للمستهلك بتزويده ببعض قطع الغيار التي يتوقع إستهلاكها مبكراً، ويحتاط المسافر في زاده ومتاعه وهكذا. وقد وجدت بعد البحث والتأمل إن موضوع الاحتياط واعتباره والأخذ بالأحوط له أساس كبير في الشريعة الإسلامية، وأصّلت عليه قواعد شرعية ومسائل فقهية كثيرة. ولا غنى عنه في مختلف علوم الشريعة، فقد استعمله علماء العقيدة والحديث والأصول والفقه مسترشدين بهدي القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين. لذلك فقد عقدت العزم على دراسة الاحتياط في الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة لأهمية هذا الموضوع بالنسبة لطلبة العلوم الشرعية- من أمثالي- لمعرفة معنى الاحتياط وأنواعه وقواعده للعمل بما يجب أو ينبغي أن نحتاط له وإجتناب ما يكره أو يحرم من أنواع الاحتياط فمن الاحتياط ما هو مذموم كما سيتبين.