AL Ghary Journal of Economic and Administrative Sciences

لاستثمار دور مهم في الاقتصاد العالمي المعاصر، والبيانات الصادرة من جهات عالمية أو محلية مختلفة تبين حركة واسعة وسريعة لرأس المال، من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، ومن الدول النامية إلى الدول المتقدمة، ومن الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وفي جميع الاتجاهات، فهو لا يعرف وطن أو قومية ولا يقيد بحدود، ولا يرتبط بعناصر اللغة والدين، فهو دائم البحث عن الأرض والفرص المناسبة، وعلى هذا الأساس تتنافس الدول المختلفة للحصول على الإستثمارات المناسبة، من خلال تقديم العديد من الحوافز لجلب واستقطاب رؤوس الأموال المختلفة، سواء كانت محلية من داخل البلد أو أجنبية من خارجه، ولتحقيق ذلك تتبنى الدول المختلفة سياسات عامة وبرامج مختلفة لجذب وتوطين الإستثمار وذلك من خلال إصدار العديد من القوانين والتشريعات والنظم التي تتضمن امتيازات وحوافز مختلفة للمستثمرين.


ووحدات الإدارة ألعامة كونها تمثل الذراع الإداري للحكومة والمسؤولة عن توفير الجوانب المساعدة على جذب وتوطين رؤوس الأموال وذلك من خلال توفير البيئة القانونية والإدارية المناسبة لجذب ونمو الاستثمار، وذلك من خلال ما تصدره من قوانين ونظم وتعليمات، أو من خلال الوحدات المتعلقة بتنظيم الاستثمار، أو من خلال الإجراءات والخطوات التي تسير وفقها عملية الاستثمار، وأخيرا من خلال توفير النظم القيمية الداعمة للاستثمار.

وعلى هذا الأساس جاءت هذه الورقة لتتناول بالوصف والتحليل هذا الدور المهم لوحدات الإدارة العامة في جذب وتوطين الإستثمار في العراق الحديث بدءا من العهد الملكي مرورا بالعصر الجمهوري، وإنتهاءا بالاحتلال وتشكيل سلطة التحالف، ومن ثم تشكيل الحكومات الوطنية المؤقتة، محاولين تقييم دور الإدارة العامة بوحداتها المختلفة في تشجيع الإستثمار بأوجهه المتباينة.

ضحى الاهتمام بالصناعة بشكل عام والصناعة التحويلية بشكل خاص أحد الأهداف التي وردت في جميع خطط التنمية الاقتصادية منذ بداية عهد التخطيط وبشكل خاص بعد تصحيح أسعار النفط عام 1973 وبعد استكمال السيطرة على إنتاج وعائدات النفط. فالاهتمام بهذا الفرع من فروع الصناعة يتصل بأهداف خطط التنمية الاقتصادية كونه يتصل بالمستهلك بشكل مباشر من خلال ما يوفره من سلع لسد الطلب النهائي وكذلك الوسيط، حيث توفر احتياطات قطاع الأعمال من السلع الوسيطة .

كما أن الاهتمام بهذه الصناعة يقول عليه في تنويع الدخل وتصحيح هيكل الاقتصاد، فقد أكد كلاً من هيرشمان وفرانسوا بتيرو على أهمية ودور الصناعة التحويلية في قيادة عملية التفسير الهيكلي باعتبارها تمثل قطب النمو الذي يتجمع فيه تأثيرات الاستقطاب وتنطلق منه تأثيرات الانتشار إلى باقي الأنشطة الإنتاجية والخدمية في الاقتصاد الوطني كما أن حجم التغييرات الهيكلية في الاقتصاد تتوقف عن حجم وأهمية هذه الصناعات، فنموه يمثل حافزاً لنمو الأنشطة الاقتصادية الأخرى والمتكاملة مع الصناعة (1) .

في ظل تطور العلاقات الاقتصادية الدولية وزيادة حدة التنافس الاقتصادي بين مختلف دول العالم، ظهرت تغيرات جذرية في المفاهيم والسياسات الاستثمارية. فبعدَ إن كانت الاستثمارات الأجنبية تمثل عاملاً من عوامل الشك ومصدراً من مصادر القلق لدى الدول النامية، أصبحت الآن ساحةً للتسابق المحموم نحو اجتذابها. ولعلَ المسببات التي أحدثت هذا التغيير تعود إلى سلسلة الإجراءات التي اتخذتها دول العالم المتقدم ذات الفوائض المالية والتي هدفت إلى تضيق مجالات الدعم المباشر والمساعدات التي كانت تقدمها للدول الفقيرة والناشئة بسبب أنهيار الكتلة الشرقية. كما أن تراكم الديون على هذه الدول جعل الحصول على المزيد من المساعدات والقروض أمراً في غاية الصعوبة. كما أدت التغيرات في كلفة الاقتراض من المؤسسات الدولية وصعوبة الحصول عليها إلى لجوء الدول إلى وسائل أخرى للحصول على ما يسد فجوة رأس المال والاستثمار. وفي ظل هذه الأوضاع تحولت السياسات الاقتصادية في الدول النامية من مهمة تمويل العجز المزمن في موازناتها إلى مهمة توفير الظروف الاستثمارية الملائمة وغيرها لتحقيق التنمية الاقتصادية، الأمر الذي يتطلب التركيز على تشجيع الاستثمارات الأجنبية لتوظيفها داخل الحدود الوطنية بعد توفير كافة التسهيلات والحوافز الممكنة لهذه الاستثمارات.

برز مفهوم التنمية البشرية كرديف لمفهوم الأمن القومي الذي كان سائدا" أبان الحرب الباردة وأصبح أكثر انتشارا" عندما تبنى البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة هذا المفهوم في تقرير التنمية البشرية لسنة 1994 في تأكيده على محاولة إشراك الناس في عملية التنمية لوجود الرابط القوي بين الأمن والتنمية، وقد حدد ثمانية أبعاد للأمن البشري هي ( الاقتصادي، المالي، الغذائي، الصحي، البيئي، الجندري، الشخصي، المجتمعي، السياسي).

ولهذا الرابط فقد تبنت كثير من الدول هذا المفهوم وضمنته في تقاريرها الوطنية. ولم تقتصر الحكومات على الأبعاد المارة الذكر بل هناك قائمة من الموضوعات تختلف من دولة إلى أخرى حسب وجهة نظر الدولة إلى مفهوم الأمن البشري وللتهديدات والعقبات التي تواجهها فقد ادخل، حظر الألغام ضد الأشخاص، منع التجنيد العسكري ضد الأطفال، تعزيز القانون الدولي.... ، لذا فان مفهوم الأمن البشري ليس مفهوما" ساكنا" بل مفهوما متجددا وديناميكا" مما يجعل مناقشته وتحديد آلياته أمرا" لابد منه.

عد التنمية الشاملة كمدلول عام هي مجموعة من التدابير التي تلجأ إليها الدول للتخلص من التخلف. هذا المفهوم انتشر وراج في البلدان النامية بعد الحرب العالمية الثانية. منذ ذلك الوقت وخطوات التنمية تتعثر مقابل اقتصادات السرعة. لقد اكتسبت التنمية الشاملة دلالة الحل السحري لحل مشكلات المجتمعات البشرية. لقد تمت مقارنة تنميات البلدان المتقدمة بتنميات البلدان النامية، فكان الفرق بينهما هو نجاح منهجية الأولى وفشل الثانية. السبب هو درجة ونوعية التنمية. ونظرا لتفاقم وتعاظم ثالوث التخلف (( فقر- أمية- مرض )). وتراكم الثروة لدى القلة من الناس ليصبح المال دولة بين الأغنياء. وتزايد الأعباء المالية التي يتحملها المواطن لأجل تعويض العجز في الميزانية لتغطية سوء التصرف في المال العام. مما يثير السخط والإحباط. نحن الاقتصاديين يساورنا شعور بالقلق حول قضايا التنمية. في وضع تسود فيه ظاهرة التخلف المستدام وبإصرار وعناد وفقر واسع النطاق. وضع يسيطر عليه عدم الاستقرار والأمان، واستشراء الأمراض الاقتصادية وغير الاقتصادية. وتدميرها لمعالم وجهود التنمية البشرية والاقتصادية.

وعلى الرغم من الجهود العالمية في مجالات التخطيط التنموي والتي مضى عليها أكثر من نصف قرن وإصرار المؤسسات الدولية جديدها وقديمها لمعالجة المشاكل الاقتصادية خاصة في مجال التنمية الشاملة.

ومما تقدم. مثلنا كمثل كثير من الاقتصاديين نرى أمامنا عالما سريع التعقيد والتغيير يعج بالمشكلات. وللتعبير عن ذلك بأقصى حد ممكن من التفاؤل، نقول أن هناك مجموعة مذهلة من التحديات، تجعل حتى وصفها المجرد أمرا صعب المنال. كما يندر معها استخلاص تصورات شاملة ومستقبلية وما تؤول إليه التنمية البشرية في ظل الظروف والمستجدات التي تزخر بها الأحداث المتسارعة. إن التنمية الشاملة لا يمكن إنجازها إلا وفق تنمية رأس المال البشري وتنمية رأس المال المادي وهكذا وعلى ضوء مسيرة التنمية الشاملة،خاصة فيما يتعلق بركنها الأساسي والمتمثل برأس المال البشري. فقد كان العامل البشري سببا (أو\و) نتيجة لتخلف وقصور التنمية الاقتصادية. مما انعكس في قصور الموارد البشرية في أداء دورها السليم والفاعل في التنمية الشاملة. وان من أسباب قصور الموارد البشرية في أداء دورها التنموي ضمن فعاليات التنمية الشاملة كان وما يزال يتحدد في الأمراض الخفية التي تصيب بشكل مباشر أو غير مباشر جسم وكيان التنمية البشرية.

ملية التنمية البشرية تحتاج إلى تسخير كل الطاقات المادية والبشرية، ولعل أهم عملية استثمارية تقوم بها أي دولة نامية على الأخص هي تنمية مواردها البشرية.

وعملية التنمية عملية متكاملة تهدف للارتقاء بالعنصر البشري دون تمييز بين فئاته لذلك ينبغي إن تستوعب في خططها كل فئات المجتمع ومن بين هذه الفئات المرأة.

ولا نبالغ إذا ما قلنا بأن المرأة في وطننا العربي هي أكثر الطاقات المهمشة في عملية التنمية،وظلت النظرة الأكثر انتشاراً هي تلك التي تنظر إلى المرأة بوصفها كائن لا يصلح سوى لإنتاج الخام البشري، ولا سيما في العراق وبسبب الوضع الأمني الحالي وتفشي المحاصصة والمحسوبية والفساد الإداري، استخدمت المرأة كأداة لتكملة نصاب التشكيلات السياسية ودعاية اجتماعية،مما اثر سلباً على حقوق المرأة.

وعلى الرغم من التطورات الحاصلة في العالم ودخول التكنولوجيا، فلا زالت المرأة تعاني من اكبر معوقات مشاركتها في التنمية البشرية، ألا وهي العادات والتقاليد الجاهلية المتخلفة، التي يرفضها الإسلام جملة وتفصيلاً، والتي استغلها أعداء الإسلام لإعداد بحملة ضده فيما يتعلق بحقوق المرأة، لان أعداء الإسلام انطلقوا في دراسة واقع المرأة في الإسلام من التطبيقات، والتطبيقات قد تختلف عن النظرية، علماً إن القانون الإسلامي يساوي الذكر مع الأنثى وهي مساواة حقيقية لأنها تراعي الفروق الطبيعية عند وضعهم أمام القانون.