Al-Qadisiyah Journal For Humanities Sciences

disapproved in Islam whose preaching of open-mindedness and acceptance of the non-Muslim Other remains a distinctive attribute throughout its history. From the very advent of the Islamic Prophet, he started arguing with the religious scholars of opposing sects, mainly Jews and Christians, and some of these controversies are documented in the Holy Quran.
So, whoever argues with you concerning him, even after (such) knowledge as has come to you, then, say: \"Come! We should call our sons and your sons, and our women and your women, and ourselves and yourselves; thereafter we should imprecate, (and) so lay the curse of Allah on the liars.\"

لقد تشرفت مدينة البصرة بأن وطئ ترابها أقدام خمسة من أئمة أهل البيت(ع) وهم أمير المؤمنين وولديه الإمام الحسن والحسين والإمام موسى بن جعفر وولده الإمام علي بن موسى الرضا عليهم السلام، فقد كان لخروج اصحاب الجمل ونكثهم بيعة أمير المؤمنين(ع) وما قاموا به من سفك الدماء ما اضطر أمير المؤمنين للتحرك صوب البصرة والقضاء على تمردهم، وقد صحبه ولديه الإمامين الحسن والحسين (ع) ( )، أما الإمام الكاظم (ع) فقد قدم البصرة سجينا إذ أمر الخليفة العباسي هارون الرشيد بسجنه فيها، وبقي في سجنها ما يقارب سنة كاملة، ثم نقل إلى سجون بغداد حتى استشهاده سنة 183 هـ( )، أما الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، فقد قدم البصرة مرتين، الأولى بإرادته لمواجهة تيار الانحراف، والثانية رغما عنه حينما استقدمه المأمون في قضية ولاية العهد، وهذا البحث يسلط الضوء على تينك الزيارتين .

كان استيلاء العباسيين على مقاليد الحكم مفاجأة لكثير من العلويين وأنصارهم الذين اعتقدوا أن الأمر صائرٌ إليهم ، لاسيما وأن الدعوة قائمة باسمهم ؛ إلاّ أن العباسيين كانوا يرون أنَّ الله اصطفاهم للخلافة دون سواهم ، وأنَّ وصولهم إلى سدّة الحكم إنّما هو ثمرة سيوفهم التي قتلوا بها أعداءهم من الأمويين .
أدرك العباسيون أنّ استيلاءهم على السلطة بالقوة يعني أنّ الأمور لن تستتبّ لهم ، ولن تسير على وفق ما يريدون ، ما دام هناك من العلويين من يعارض حكمهم ، ولدعم موقفهم السياسي ، واثبات حقّهم الشرعي في الخلافة بما يوجب لهم الطاعة من الرعية ، ويضمن لهم عدم الخروج عليهم ؛ فإنّهم لجأوا إلى نظرية الحقّ الإلهي التي تمنح الخليفة حقّ ممارسة السلطة المطلقة ، وإن من يخرج عليه يعد خروجاً عن الملّة .
ومن هذا المبدأ الفاسد لجأوا إلى اضطهاد العلويين وملاحقتهم ، والتنكيل بهم ، ولم تعقب هذه السياسة الظالمة منهم غير النتائج السيئة ، ولا نكاد نصل إلى خلافة المأمون حتى تشتد موجة الثورات العلوية التي كادت أن تعصف بعرش الخلافة ، وتزعزع أركانها .

إذا كان التفسير هو الإجراء الأدائي الذي يُمارَس بلحاظ مجموعة من الضوابط التأسيسية وجملة من الأسس الضابطة لاستحصال المبتغى الدلالي الأوفى للنص القرآني؛ فإنَّه يمكن أنْ يقال إنَّ المسار الأدائي الذي يسعى مُقاربةً إلى فهم مَكمنِ الإعجاز المضموني في النص المقدس؛ لايسير – وإنْ كان مُقيَّداً بمنظومات تنظيرية- على خُطىً واحدة لينتهي إلى نتيجة مُوحَّدة بالمحصلة النهائية؛ ذلك بأنَّ المنطلقات التفسيرية للنص الواحد قد تتباين من قارئ للنص إلى آخر يقرأ النص نفسه؛ فقد تتقارب المحصلة الدلالية لهما وقد تتباعد؛ ويحدث أحياناً أنْ تتباينَ تناقضاً وتقاطعاً؛ من هنا كان لابدَّ من وجود مَخرج توثيقي يُستَندُ إليه ويُركَن له من اجل استظهار المنطق المضموني الأصح من النص موضع النظر والاختلاف أو الخلاف أحياناً.
من هنا ظهرَ ما يسمى بـ (النقد التفسيري) وهو عملية قراءة المعطيات التفسيرية للنص الواحد بحيثية (التضعيف والترجيح) او (المناقضة والتأسيس)؛ وذلك على وفق قوة المنطق ورجاحة المنطلق ومتانة الدليل وصلابة السند؛ ذلك بأنَّ التراث التفسيري بلحاظ الوافد والمتراكم لايسلم من مؤاخذات أو منافذ تسمح للقاريء أو المتلقي بالولوج منها إليه لإغلاقها أو لإحالتها على نطاق الصواب والرؤيا الأوفق أو بتعبير أدق إحالتها على ميدان الأوفق رؤيةً والأجود إدلاءً.

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحه أحد ، ولا ينتهي إلى وصفه إلا هو ، حمدا كثيرا لا انقطاع له ، والصلاة والسلام على من بعثه رحمة للعالمين المصطفى محمد وآل بيته أعلام الهدى وسفن النجاة ، ومن شايعهم إلى يوم الدين .
وبعد ، فإن الله تعالى بعث أنبياءه ورسله ، لإنقاذ الناس من الشرك والضلالة ، وجعل المصطفى حبيبه خاتمهم ، فاستحق منا المحبة والسمع والطاعة ، واتباع نهجه القويم بالقول والفعل ، فناجز المشركين وأعداء الدين ووصّى بآل بيته ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وجعلهم قادة العباد من بعده ، فحري بالمسلمين أن يقدموهم ولا يتقدموا عليهم تطبيقا لإيصاء الرسول بهم ، وهو لا ينطق عن الهوى .

يحفظ لنا تاريخ الشيعة الإمامية _من جملة ما يحفظ _بعض مناظرات جرت في عهد الدولة العباسية , منها تلك التي قامت بين أهل الأديان من غير المسلمين , ممن كانوا يعيشون بين ظهراني المسلمين وتحت ظل دولتهم متـرامية الأطراف , وبين الإمام الرضا (عليه السلام ) من جهة أخرى . ولا يخفى أن تلك الحوارات إنما تمت صناعتها ؛ لأجل اختبار معرفة الإمام ومدى إحاطته بأمور دينه , ولعلها في وجهها الحقيقي القبيح محاولة بخسة للاصطياد في وحول المياه , ودمغ الحجة البالغة , التي كان الإمام الرضا (عليه السلام ) وأهل بيت النبوة يحتكمون عليها .
إن تلك واحدة من أمثالها كثر كان يتبعها المأمون وأهل السلطان من خلفاء العباسيين , الذين لم يحتفظوا ببعض ماء وجوههم للتاريخ , ولاسيما المأمون الذي وصف لجبروته وطغيانه بأنه عفريت مستكبر .

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين.
وبعد: إن الاطلاع والتأمل على الثروة العلمية الكبيرة والهائلة التي بلغها الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام لرواة عصره بل للعالم الإنساني قاطبة.قد شملت أنواع مختلفة من المعارف والعلوم شتى من العقائد والدفاع عنها، والتفسير والقرآن الكريم والحث عليه والفقه والأخلاق والتربية ونحوها.ولا يمكن الإحاطة بعلومهم التي يكون مصدرها الوحي عن جدهم ومنها حديث السلسلة الذهبية.وقد انتهز الرضا (ع) الفرصة الزمنية لظهور علومه على مختلف المعارف والاتجاهات والساحة الاجتماعية والسياسية وكيف تحدى العلماء في وقته والحركة العلمية مع الفرق والمذاهب وأهل الأديان.والنصوص التي جمعت عنه متعددة ولابد من الالتفات أن الإمام يدخل الاحتجاج مع غيره بكل ثقة واعتزاز بما وقف جده يوم المباهلة مع النصارى، وهو يعلم ما يحيط به، وبشيعته من مخاطر، ولكن يتقدم في سبيل المبدأ ،ولنتعلم من تلك الدروس التي رفع رايتها هؤلاء الأولياء لندافع عن عقائدنا وديننا بكل قوة، (وما هذا المؤتمر إلى خطوة ترضي الأمام علي بن موسى (ع) وتسر أهل البيت (ع) لأحياء تراثهم المنير بالهدى).

ولد الإمام الرّضا(عليه‎السلام) ثامن السّلالة الطّيبة للأئمّة المعصومين فـي المدينة المنوّرة يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة 148 هـ. ، ووالده الجليل هو الإمام موسى بن جعفر(عليه‎السلام)، وأمّه هي العابدة العفيفة «تكتم» أو «نجمة» أو «طاهرة» أو «سلامة». اسمه الكريم «علي»، وكنيته «أبو الحسن»، ومن ألقابه «الرّضا»، و«الصّابر»، و«الفاضل»، و«الوفـي» و«الرّضي»، و«الولـي»، و«الزّكي».
بدأت فترة إمامته الإلهية سنة 183هـ.، وكانت دفّة الحكم السياسىّ يوم ذاك تدار بيد هارون العباسي فـي بغداد. وكانت سياسته قائمة على ممارسة القسر والإكراه، إذ كان عملاؤه يقهرون النّاس على دفع الضرائب، ويضطهدون الشيعة الفاطميّين وأبناءهم ويذبّحونهم، كما زجّوا نقيبهم وسيّدهم وعميدهم الإمام موسى بن جعفر (عليه‎السلام) فـي سجون البصرة وبغداد سنوات عديدة ثمّ قتلوه بالسمّ.

الحمد الله الذي بعث إلينا رسلا مبشرين ومنذرين تفضلا منه ورحمة , لكي تكون له الحجة البالغة على خلقه , والصلاة والسلام على عبده المنتجب , ورسوله المصطفى وخاتم أنبيائه وعلى الأئمة من ولده حجج الله والشهداء على خلقه والإدلاء على صراطه القويم .
جاء هذا البحث بناء على دعوة كلية الآداب / جامعة القادسية في مؤتمرها عن الإمام الرضا( u) بعنوان (قراءات في فكر الإمام الرضا) وتحت شعار (صديق كل امرئ عقله , وعدوه جهله)للمدة من 14ــ 15/1/ 2012م .
لماذا الحديث عن عصمة الأنبياء بالخصوص؟
وهل يحتاج الأنبياء (عليهم السلام) إلى من يدافع عنهم فعلا !! أفلا يكفي في ذلك ماكتب عنهم في بطون السير والتاريخ , فلقد تحملوا في سبيل نشر الدعوة والحفاظ على مبادئ العقيدة المقدسة التي بعثهم فيها الله عز وجل صنوف العذاب وأنواع التنكيل , حتى وصل الأمر بهم إلى القتل و السلب والتكذيب .
وعليه فإن البحث ليس دفاعا شخصيا عن الأنبياء بقدر ماهو توضيح لما عُرِفَ عن وقوع الخطأ منهم , فالحركات الإلحادية والزنادقة جاهدوا بكل قواهم في سبيل تدنيس عصمة الأنبياء منطلقين من الآيات القرآنية كي يضللوا الرأي العام .وقد تصدى الإمام الرضا ( u) لتلك الزمر المضللة وفند الشبهات والشكوك التي أثاروها في الدين الإسلامي .
ومن هذا المنطلق سوف نبحث في عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مستدلين بالنص القرآني والآيات التي أُشكل فيها, ونقف على توضيح الإمام الرضا (u) لها وكيفية المعالجة من قبله بعد أن ذكرنا مسألة العصمة والنصوص الواردة فيها من خلال القران الكريم. وبداية تناولنا العصمة لغة واصطلاحا ومراحل العصمة وشروطها حتى يكون ذلك مدخلا مناسبا لتسليط الضوء على عصمة الأنبياء مستضيئين في تحقيق ذاك بالمنهج التحليلي القرآني والوقوف على أهم المحاور والأدلة القرآنية موثقين ذلك بالأحاديث النبوية المتواترة.

القرآن الكريم تميّز من باقي الكتب في كونه المعجزة ومصدرَ التشريع خلاف باقي الكتب السماوية، فلكلّ نبيٍّ رسالة ومعجزة إلاّ الرسول الاكرم(صلى الله عليه واله) فمعجزته عين رسالته، ورسالته عين معجزته، وهما القرآن الكريم.
وبحسبان هذا الأمر أصبحت المَهمة مضاعفة على المسلمين، بمدارسته وتدبّره، وتفسيره وتأويله، وعلى الاقل تجويد تلاوته .
وتعدّ البذرة الأولى لتفسير القرآن الكريم زمن الرسول الكريم (صلى الله عليه واله)، فهو المفسّر الاول للقرآن الكريم.
وقد تميّز ذكر النصّ القرآني عند الامام الرضا( عليه السلام) بأمور وهي أربعة:
1- إنّهم يذكرون مصداقا لما يُسألون عنه في القرآن الكريم، نحو هذه الرواية(عن سورة بن كليب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة فيلقاه رجل أو يستقفيه فيضربه ويأخذ ثوبه قال: أي شيء يقول فيه من قبلكم ؟ قلت: يقولون هذه دغارة معلنة وإنما المحارب في قرى مشركية فقال: أيهما أعظم حرمة دار الإسلام أو دار الشرك ؟ قال : فقلت: دار الإسلام فقال: هؤلاء من أهل هذه الآية (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(المائدة: من الآية33) إلى آخر الآية .
2- إنّهم يُسألون عن تفسير آية من القرآن المجيد مثل هذه الرواية (عن سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسين( عليهما السلام)، عن قول الله عزوجل:(وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً )(الزخرف: من الآية33) قال: عنى بذلك أمة محمّد ( صلى الله عليه وآله ) أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم،( لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ)(الزخرف: من الآية33) ولو فعل الله ذلك بأمة محمّد( صلّى الله عليه وآله) لحزن المؤمنون وغمهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم).
3- أو يستدلون بآية من القرآن الكريم وهو كثيرٌ عندهم نحو قوله: (عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: قال رسول الله( صلى الله عليه وآله): لا كذب على مصلح، ثمّ تلا:( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)(يوسف: من الآية70)، ثمّ قال: والله ما سرقوا وما كذب، ثمّ تلا:( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ)(الأنبياء: من الآية63)، ثمّ قال والله ما فعلوه وما كذب) .
4-أن يقوموا هم بالسؤال، وهو نادرٌ كهذه الرواية (عن عبد الله بن سليمان الصيرفي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لسفيان الثوري: ما تقول في قول الله عز وجل:( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ )(البقرة: من الآية196) أيّ شيء يعني بكاملة ؟ قال: سبعة وثلاثة، قال: ويختل ذا على ذي حجا! ؟ أن سبعة وثلاثة عشرة، قال: فأي شيء هو أصلحك الله ؟ قال: انظر قال: لا علم لي فأي شيء هو أصلحك الله ؟ قال: الكامل كمالها كمال الأضحية سواء أتيت بها أو أتيت بالأضحية تمامها كمال الأضحية، ومن أقام بمكة فليحفظ مدة مسير أهل بلده إلى بلده ثم ليصم الأيام السبعة).

ابن عساكر هو علي بن أبي محمد الحسن بن هبة الله أبي الحسن بن عبد الله بن الحسين الدمشقي ( 499-571هـ ) , كان عالماً حافظاً للحديث متقناً , نشأ نشأة علمية بين ذويه وأفنى حياته في طلب العلم وجمع الحديث , فقد سمع في دمشق وبغداد والكوفة ونيسابور وغيرها حتى بلغ عدد من سمع منهم الف وثلاثمائة رجل وثمانين امرأة , فتمكن من جمع ما لم يتمكن غيره من جمعه من الأحاديث ووضع كتابه الشهير تاريخ دمشق الكبير الذي ترجم فيه لكل من حلها أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها , انه كتاب في التاريخ إلا أن الحديث قد غلب عليه , فقد أورد أحاديث من مسانيد مختلفة وجمع من الأحاديث ما هو صحيح وما هو منسوب , وكان ممن اسند إليه الحديث هو الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام , فقمت بوضع دراسة موجزه حول تلك الأحاديث من خلال مقابلتها مع كتب الحديث وشروحها لمختلف مذاهب المسلمين لكشف ما هو صحيح منها ومتفق عليه وما لم يتفق عليه ومعرفة الأحاديث المشكوك بها والمنسوبة إلى الإمام الرضا عليه السلام .

يُعد قصور الدراسات الأكاديمية والبحثية لأعلام الفكر الإسلامي، لاسيما أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، من أهم عوامل الضعف التي تكتنف المكتبة الأكاديمية الإسلامية، ومع أنّ الأسباب التي تقف وراء ذلك القصور واضحة لا تخفى على ذي لب، لعل أهمها العامل العقائدي الذي تمثل بالقدسية التي حظي بها الأئمة (عليهم السلام)، التي جعلت الكثير من الباحثين يترددون في البحث بهذا المجال خوفاً من الوقوع بسهو أو خطأ من غير قصد.
إن أهم ما يمكن أن تقدمه دراسة هؤلاء الأعلام، تسليط الضوء على معالم الفكر الإسلامي الأصيل الذي مثل أنموذجاً رائعاً في معالجة أحوال المجتمعات الإنسانية، من خلال واقعيته واحترامه للإنسان الذي عده أفضل المخلوقات وأسماها، فضلاً عن كونهم المنبع الأساس للمعلومات التي أوردها كبار المفكرين والعلماء المتقدمين. ويقف في طليعة هؤلاء الأعلام ثامن أئمة أهل البيت الإمام علي بن موسى الرضا ()، الذي أجمل صفاته ابن عبد الواحد الموصلي الشافعي (ت657هـ) بقوله: "كان غزير الأدب والحلم والفهم، واسع الرواية، متقن الدراية، مكيناً في العلم، أميناً في الحلم، كامل الزهد والورع والفتوة والمروءة"().

البَدَاء" في اللغة هو الظهور و الإبانة بعد الخفاء. قال الراغب الاصفهاني في كتابه مفردات القرآن : " بدا الشيء بدواً و بداءً : أي ظهر ظهورا بيّناً " ، و من الواضح أن الظهور إنما يكون بعد الخفاء ، و لو قيل " بدا لزيدٍ " فمعناه أنه علم بالشيء بعد الجهل به , ووردت هذه اللفظة في القران الكريم في موارد عديدة :
(( وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون))
(( بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ))
(( ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ))
والبداء , إنما يكون في القضاء الموقوف المعبر عنه بلوح المحو والاثبات ، والالتزام بجواز البداء فيه لا يستلزم نسبة الجهل إلى الله سبحانه وليس في هذا الالتزام ما ينافي عظمته وجلاله . فالقول بالبداء : هو الاعتراف الصريح بأن العالم تحت سلطان الله وقدرته في حدوثه وبقائه ، وأن إرادة الله نافذة في الاشياء أزلا وأبدا ، بل وفي القول بالبداء يتضح الفارق بين العلم الالهي وبين علم المخلوقين ، فعلم المخلوقين - وإن كانوا أنبياء أو أوصياء - لا يحيط بما أحاط به علمه تعالى ، فإن بعضا منهم وإن كان عالما - بتعليم الله إياه - بجميع عوالم الممكنات لا يحيط بما أحاط به علم الله المخزون الذي استأثر به لنفسه ، فإنه لا يعلم بمشيئة الله تعالى - لوجود شئ - أو عدم مشيئته إلا حيث يخبره الله تعالى به على نحو الحتم .

الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات وبرحمته تمحى السيئات،والحمد لله الذى لا يبلغ مدحته القائلون ،ولا يحصى نعمائه العادون ولا يؤدى حقه المجتهدون،واعوذ بتوحيده من كل شرك وشك،واعتصم بنير برهانه ونواحى فضله وامتنانه من حبائل الشيطان ومخاتله، ومن اتباع هوى يصد عن الحق ،وطول امل ينسي الاخرة 00والصلاة والسلام على امين الله المأمون وخازن علمه المخزون وشهيده يوم الدين ورسوله الى الخلق اجمعين محمد المصطفى واله الطيبين الطاهرين حياة اهل البيت عليهم السلام مدرسة تفيض بالعطاء وتشع بالعلم والنور والادب وشخصياتهم قدوة في الاخلاق والفضيلة وكمال الصفات فهم اول الناس اقتداءا برسول الله واقربهم للتمسك بسيرته والاهتداء بهديه 0 امتازوا بالادب العالي والخلق الرفيع وحظوا بطهارة الذات وكمال النفس :(انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ) وكيف لا يكونون كذلك وقد تربوا الواحد تلو الاخر على ادب النبوة وخلق الرسالة يتوارثونها عن ابائهم ويرتضعونها في بيت متصل السلسلة والحلقات بالرسول الهادى جدهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم

لا يخفى على كل ذي لب لما للعلويين من دور مهم في المسيرة الفكرية الإسلامية والصحيحة ، شكلت أساسا استند إليه الكثير من العلماء والفقهاء والمفكرين في العالم الإسلامي فضلا عن مكانتهم الفكرية والعلمية والثقافية ، فان لآل البيت مكانة روحية سامية مستمدة من قرابتهم للنبي محمد فهم آل بيته الطاهرين وامتداده الروحي والديني وحملت دينه الحنيف والهادين إليه وان تمتعهم بالصفات النبيلة الزكية الطاهرة من عفة ، وصدق ، وأمانة ، وشجاعة ، وحسن خلق حصلت قلوب الناس ترنو إليهم وتتعلق بهم وتهوى .... ورفقتهم وتستمع لعلمهم وتفهمه وتعمل على الاستزادة منه ونشره . ومنهم الإمام علي بن موسى الرضا  الذي كان منبعا للعلم والمعرفة ليس في مجال الفقه والشريعة فحسب بل في مجال الطب وسائر العلوم الأخرى ، وكان  لا يسال عن مسألة إلا وأجاب عليها الجواب الكافي الذي ينهل كل من كان يحضر مجلسه العلمي ويستمع اليه ، وهو بذلك يكون قد أسس مدرسة فكرية تضم العديد من الطلاب الذين كانوا يستقون من مدرسته في العلم والمعرفة ، وعملوا على نشر أفكار الإمام رضا النيرة التي تبلورت في زمن كان للعلم والأدب والفكر والثقافة حضوة كبيرة شجع عليها الخليفة العباسي المأمون ، وكانت تقام في مجلسه المناظرات العلمية ، والحلقات النقاشية التي يحضرها الكثير من العلماء المختصين في شتى صفوف العلم والمعرفة ، فضلا عن الأطباء وغيرهم ، وكان الإمام الرضا يبزهم جميعا في علمه وفكره ويصغي له الجميع ويغترفون من علمه الذي لا ينضب .

من المعلوم مثل عصر الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) (114-148هـ) (732-765م) فترة الانفراج لعلوم أهل البيت (عليهم السلام) سقوط الخلافة الاموية وبزوغ نجم الخلافة العباسية حاملين شعار (الرضا من أل محمد)، فأتخذ الإمام الفكر موازيا للعمل السياسي للآثره المباشر، فاستطاع الإمام (عليه السلام) أن ينشر علومهم على نطاق واسع وعليه تخرج عدد كبير من التلامذة والعلماء الذين عملوا على نشرها في بقاع العالم الإسلامي، وما ان تولى الامام الكاظم (عليه السلام) زعامة الطائفة الشيعية دينياً ودنيوياً، فشهدت ايامه في ظل الخلافة العربية الإسلامية ( العصر العباسي )(132-656 هـ) (749 -1258 م) تطور الحركة العلمية وازدهارها ويرجع ذلك إلى احتضان خلفاء العصر وتشجيعهم للعلم والعلماء ،وبعد انتقاله الى الرفيق الاعلى سار الامام الرضا (عليه السلام ) سيرة ابائه الاطهار الميامين (عليهم السلام)، فجعل نصب عينه المحفاظة على البناء الاجتماعي (Social Structure) تبعا لتعاليم الدين الإسلامي التي تحدد الروابط والعلاقات الاجتماعية بينهم من خلال تحديده لاسلوب الفكر والعمل وعليه عد الجانب العلمي وسيلة مهمة من وسائل الضبط الاجتماعي بآرشاد الفرد الى الطريق المسقيم والابتعاد عن الطريق الملتوي المتمثل بظهور الفرق الاسلامية الخارجة عن نهج الدين امتثالا لقوله تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ)( ).
لهذا كانت من اولويات الامام الرضا ( عليه السلام) تهيئة الاجواء التي تحافظ على سلامة المجتمع وتقوي فيه العامل الديني استنادا لقوله تعالى (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)( ).

ان لشمس الإمامة تجليا خاصا في كل واحد من البروج ألاثنتي عشرة ، ولكن الشمس هي الشمس من اي افق أشرقت ، فنورها وشعاعها يعشي العيون ، وحرارتها وإشراقها يمنح الحياة ويبنيها فمن أشواك شجيرات الصحراء الى الأشجار العالية في البستان كلها محتاجة أليها وأية ورقة لاستطيع ان تعيش من دون لمس أصابع شعاعها ، وأي غصن لايمكن ان يثمر بدون الاستمداد من ضيائها الحاني .
ودور الأمام علي ابن موسى الرضا (عليه السلام ) في الأمة الاسلامة كضياء الشمس لايمكن الاستغناء عنه ، فكان مصدر قد أشرق وأضاء وهدى أتباعه ومواليه بشكل غير منقطع النذير ، ولعل العلم والادارك المحيط بالإمام الرضا(عليه السلام) ساعده كثيرا في مجابهة السلطة العباسية المتعسفة على الرغم من معاصرته للخليفة هارون وولديه ، اذ يقول الامام :
( لو ان ابا جهل استطاع ان ينقص شعرة من رأس الرسول محمد (صلى الله عليه وعلى اله وسلم ) فان هارون أيضا يستطع ان يلحق بي ضرا )

تناول البحث دور الإمام الثامن من أئمة أهل البيت –ع-في معالجة الشبهات وردّ التساؤلات المطروحة حول مسائل كثيرة أثيرت حول وجود الله تعالى وتوحيده وصفاته وتنزيهه تعالى عن الجسم والصورة والصعود والنزول ورؤيته تعالى بالبصر والحيز والمكان، وتفسير آيات الغضب والسخرية والمكر والنسيان والخديعة وغيرها بما يتناسب مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة البشر في الانفعال والنسيان... .
وأيضاً تناول البحث مسائل الجبر والتفويض وقدم القرآن وحدوثه.
وقد انتظم البحث في ستة محاور: الأول مسائل معرفة الله تعالى وتوحيده، والثاني الصفات الإلهية، والثالث إبطال رؤية الله تعالى بالعين الباصرة، والرابع تفسير آيات النسيان والاستهزاء وما شاكلها، والخامس الجبر والتفويض، والسادس قدم القرآن وحدوثه.
وقد توصل البحث إلى نتائج مهمة منها ان معالجات الإمام الرضا-ع- كانت تتضمن استدلالات عقلية ومنطقية تتناغم وتتجاوب مع الفطرة والوجدان مما تجعل الآخر يسلم ويذعن للحق، والأمر الآخر انحصارية معرفة الله الحقة فيهم لأنهم عدل القرآن، وباب مدينة علم الرسول-ص- وباب حطة وصراطه المستقيم، والراسخون في العلم، والمطهرون من الرجس وسفينة النجاة، والذين من عرفهم عرف الله ومن جهلهم جهل الله، وعليه فالتوحيد الحق لا يعرف إلا منهم-ع-

إن أبرز الأسباب التي دعت إلى النزاع حول الخلافة، هي إسناد الحكام العباسيين ولاية العهد لأكثر من واحد من أبناءهم فكان الصراع والتناحر فيما بين الأخوة والأبناء سببا لوصول بعضهم وبقائه على سدة الحكم ، فيما اختفى آخرون عن المرح السياسي للدولة، ولعل خير مثال على ذلك الصراع بين الأمين والمأمون.
تسلّم المأمون زمام الحكم سنة (198هـ/813م) بعد حروب دامية استمرت خمس سنوات مع أخيه الأمين فكان عليه أن يكون دقيقاً في اختيار ولاية العهد انسجاماً مع دقة الظروف في تلك الفترة ، وليس من السهل ان يختار اياً من بني أبيه أو غيرهم ، بل لابد من إخضاع كل خطوة للدراسة الدقيقة ، فأن الوضع السياسي جعله يفكر بإرضاء العلويين على حساب العباسيين ، لانه رأى من الحكمة أن يقرب البيت العلوي حفظاً للمركز الذي هو فيه(1).
اختلفت آراء المؤرخين في الاسباب التي دفعت بالخليفة المأمون لاختيار الامام الرضا (u) ولياً لعهده حسب اختلاف مشارب اهواء الناس ومذاهبهم ، فقد اشار النوبختي: ((ان المأمون لما اظهر فضل علي الرضا وعقد بيعته فعل ذلك تصنعاً للدنيا))(2).
وعلل الشافعي اختيار المأمون للامام الرضا (u) بقوله: ((... ونما إيمانه وعلا شأنه وارتفع مكانه وكثر أعوانه وظهر برهانه حتى أحله الخليفة المأمون محل مهجته وأشركه في مملكته ...))(3).
إما ابن خلدون فيرى: ((ان المأمون لما رأى كثرة الحزب العلوي واختلاف دعاتهم ، وكان يرى رأيهم او قريب منه في شأن علي والسبطين فعهد من بعده لعلي الرضا))(4).
ويرى الشيبي ان دوافع الخليفة المأمون بذلك لمحاولة بقوله: ((ان المأمون جعله ولي عهده لمحاولة تألف قلوب الناس ضد قومه العباسيين الذين حاربوه ونصروا اخاه ...))(5).
وعلى مايبدو لنا ان الظروف السياسية أملت عليه أن يختار الإمام الرضا (u) ولياً للعهد وتعتبر خطوة جريئة وحدثا تاريخيا بالغ الخطورة اشغل الرأي العام وكان يرمي من ذلك الى الحفاظ على كيان الخلافة بالدرجة الأولى.

لقد تعدّدت أوجه التّخاطب الإنساني بتنوّعها بين الخطابات الكتابيّة و الشّفويّة ، وكان الخطاب الحجاجيّ في هذه وتلك ؛ إذ يعدّ ركيزة النّصوص الموجّهة المتضمّنة للمقصديّة و النّقاش و النّقد و الجدل ، و التي منها : النّصوص القرآنيّة ، و الفلسفيّة ، و الفقهيّة ، و الأدبيّة .
لقد سلط البحث الضوء على بنية الخطاب الحجاجي في فكر الامام الرضا عليه السلام من خلال كتاب الاحتجاج للطبرسي في محاججة اهل الكتاب خاصة ، وقد اعتمد الباحث تحليل بنية الخطاب في المحاججة فجاء البحث على نبحثين ، اختص الاول منهما في التاصيل لمفهوم الخطاب الحجاجي وانواعه ، اما المبحث الثاني جاء بعنوان خصائص الخطاب الحجاجي في فكر الامام عليه السلام ثم جاءت الخاتمة التي سجل فيها الباحث ابرز النتائج الت توصل اليها خلال البحث.

تعد الواقفة واحدة من اكبر الفرق الشيعية المنشقة على الامام الرضا (ع) بعد وفاة ابيه الامام موسى الكاظم (ع) ، اذ لعبت الدور الاساسي في تمثيل دور المعارضة ضده على ان جذور هذه الفرقة منذ ايام امامة الكاظم (ع) فتفاقم خطرها بعد وفاته فما ان توفي حتى عملت جاهدة على الغاء الامامة من الرضا (ع) وتنحيته منها بكل الوسائل ، فشكلت محنة قاسية في عصره عانى منها مجتمع الامامة ومن خطرها ، على ان الاسباب وراء ذلك كانت كثيرة فمنها ما كان مادياً ، ومنها ما كان سياسياً .
يحاول البحث تسليط الضوء على دور الامام الرضا في التصدي لهذه الفرقة وغيرها من الفرق المتطرفة واهم الممارسات التي قام بها ضدهم مع التأكيد على خطرها وما له من اهمية في فكر الامامة وتاريخها كما ويحاول البحث ذكر اهم الاحاديث الواردة من قبل الامام الرضا(ع) بحقهم وما قام به من سياسة الشدة وتضييق الخناق وكشف الدوافع وراء هذه الحركات التي حاولت النيل من مكانة الامام (ع) .

إن الخوض في سيرة أعلام الهداية شرف عظيم لنا ، فالخوص في درر كلامهم وبحر معرفتهم شرف في الدنيا ورفعة في الآخرة ، لأنهم المصطفون من الناس ، وميزوا بخصائص وفيرة وعلامات عجيبة لايمكن للقاريء أن يتفحصها ويقف عليها بعجالة بل يحتاج الى مجلدات من الكلام حتى يفهم مقاصدهم وعلومهم ، ولعل استذكار الامام علي بن موسى الرضا (ع) لهو الشرف السامي لتجسيد شخصيته الفكرية والسياسية في عبادته وتقواه التي أثرت في تغير الناس الملتزمين بمنهجية الإمامة من حيث عبادته وخضوعه لله ومساعدته للناس ، وقضاء حوائجهم ولم تمد يد له بالمعونة إلا أعانها ، وبالفكرة إلا أغناها حيث اثر في ذلك الوقت وقومه من الاعوجاج ، حيث كتبت في المبحث الأول عن حياته وسيرته ، والمبحث الثاني عن علمه ومعطياته المعرفية وقيامه ضد البطلان وكيف اثرت في مجمل الحياة آنذاك ، ولعل ان استذكار الامام علي بن موسى الرضا (ع) يأتي شأنه شأن كل المواضيع التي تعلي من قدر الشخصيات الاسلامية واظهارها على الساحة الفكرية والعلمية والجهادية .

تمثل عملية تفسير القران تجربة في قراءة النص فريدة من نوعها ، إذ لا نظن أنه يوجد في الحضارة العربية من النصوص ما استقطب من الاهتمام وتعدد القراءة وتنوع الأقوال كالذي استقطبه النص القرآني ومردُ ذلك أنه نص معجز وأن فيه من الخصائص الأسلوبية ما يهيئه لاختلاف الفهم وتعدد التأويل ، فإذا كان ذلك أثيرت في النص القرآني قضايا المعنى والرؤيا المتشعبة ، فالقران الكريم أشد النصوص تهيَؤا وأكثرها استجابة لمن يروم النظر في تعامل العرب مع المعنى وأساليبهم في الفهم والتأويل .

تتوارد على الألسن كثير من العبارات المتناولة لموضوعة الإمامة من دون أن يحدد من هو الإمام , بمعنى ما الصفات التي يتوافر عليها ذلك الإنسان حتى يستأهل أن يطلق عليه تلك الكلمة التامة ( الإمام ) , ويرى الباحثان إن تسليط الضوء على هذه الموضوعة ينير كثير من القضايا المطروحة في الساحة الإسلامية , ويضعها في موضعها الصحيح , وقد اقتضت خطة البحث تقسيمه إلى ثلاثة مباحث

ان اولى المواجهات التي خاضها الإمام الرضا (عليه السلام) بعد استشهاد ابيه (عليه السلام) هي التصدي للانشقاق الداخلي، وهي من المشكلات الخطيرة، لان العدو الداخلي اخطر بكثير من الاعداء الخارجيين المشخصين، لذا ورد أعدى اعدائك نفسك التي بين جنبيك.
الا انه (عليه السلام) تصدى لهم بكل حزم وابطل كل مدعياتهم باستخدامه كل الطرق التي من شأنها ان تدفع الباطل وتثبت الحقيقة.
ولهذه الدراسة المختصرة عدة اهداف، منها:
اولا: ان دراسة سير المعصومين وما مرت عليهم من احداث يثري الفكر الاسلامي ويسلط الضوء على اهم المنعطفات التي مرت بها الحركة الاسلامية عموما.
ثانيا: لا بد ان تكون الدراسات ذات اثر على حياتنا التي نعيشها اليوم، وهذه الدراسة المختصرة لجانب من جوانب حياة امام من الائمة المعصومين (عليهم السلام) تكشف لنا الطريق الاقصر والاصلح لعلاج المشكلات التي نواجهها اليوم، بخاصة اننا اليوم نعيش مواقف مشابهة وبشكل كبير من التي مرت بها الامة سابقا. فكم من بدعة اودت بحياة عدد لا يستهان به من شبابنا، وكم عقيدة ضالة اربكت الوضع الاجتماعي والسياسي، وكلها انشقاق في صفوف الكتلة الرسالية المؤمنة باتخاذ طريق اهل البيت منهجا وسلوكا في الحياة.
ثالثا: فهم التباين في المواقف التي جسدها الائمة المعصومون (عليهم السلام)، فهي تختلف باختلاف الظروف الموضوعية التي يمر بها القائد والمجتمع. فهناك من يحارب وهناك من يهادن وهناك من يتصدى للانحراف بنشر الجامعات وحلقات العلم وهناك من يربي الناس بطريقة الدعاء الى غير ذلك من الاساليب والطرق. والعمدة هو حجم ونوع التحديات التي تواجه المجتمع، والمستوى الفكري والاجتماعي والثقافي الذي وصل اليه المجتمع. وعلى هذين المستويين يبنى موقف القائد.
رابعا: هذا النمط من الدراسة يكشف لنا القيادة المنسجمة مع ما سار عليه المعصومون (عليهم السلام) كونهم يجسدون الاب الحقيقي للامة، وعلى الاب ان يرعى الصغير والكبير والصحيح والسقيم والجاهل والعالم، وان يستشعر الرحمة في قلبه تجاههم، والا يكون انتقائيا في توزيع ابوته على المجتمع، فالكل هم بحاجة الى الرعاية.
والحمد لله اولا واخر

إن الحضارة البشرية وهي سائرة نحو التقدم تستدعي التوسع في كل ما يكون مؤثرا فيها بمرور الزمن ومما يكون مؤثرا هو معرفة أحوال الرجال من رموزها ومعرفة آثارهم وما قدموه إلى البشرية، ولا يخفى على اللبيب البصير والناظر الخبير إن إحياء التراث وأهله لما فيه من عز وفخر للأمم، لهو أحق وأحرى وأحق أن تستشحذ له الهمم، وهذا من شرع الأدب وناموس الاجتماع، وهو في الوقت نفسه يعد للأمم شرف اجتماعي ومجد تاريخي، وما ورد في الأثر عن سيد البشر قوله من أرخ (ورخ) مؤمنا فكأنما أحياه، وكم في صفحات تاريخنا قمم من نوابغ الرجال ومفاخر الأجيال، واليوم نقف أمام عنوان تاريخي مشرف في تاريخنا الإسلامي ومرشد هادي، إن وقفت على أصله لوجدته من اسرة هي خير الأسر وعترة هي خير العتر اصطفاهم الله ليكونوا القدوة والأسوة، فحملوا راية الهدى يدا بيد وتوارثوها أبا عن جد، واعني من بينهم مولانا علي بن موسى الرضا من سلالة المصطفى محمد ، لنستضيء من هدي سيرته العلمية والمعرفية والروحية، من خلال هذه الدراسة التي خرجت بالعنوان أعلاه، بمقدمة ومبحثين، الأول بعنوان علي الرضا راية هدى في نيسابور، وقد وقفنا عند بعض اشراقاته المعرفية وأثاره العلمية، وقد اقتصر الحديث عنها في هذا المحور بما أفاض به عند مروره في ارض نيسابور من أخبار دونها علماء البلدة الذين خرجوا لاستقباله، وكان البحث في رواية له التي أوردها العجلون في كشف الخفاء( ) عن اسحق بن راهويه والتي كان نصها: الإيمان عقد بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.

إن رسالة الإسلام في مجملها رسالة تربوية جاءت لخير الناس و صلاحهم , و لإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , و خالقهم , و سيدهم , و المتفضل عليهم , شعارهم بذلك التقوى , و ديدنهم التلاحم , و التراحم , بهذه المبادئ و المفاهيم التربوية ساد هذا الدين العالم , و أنتشر في جميع الأنحاء , و كانت له الريادة و القيادة في مجال التربية , و الأخلاق .
لكن و مما يؤسف له أن التربية في يومنا هذا تعتمد و بصورة أساسية على ما وصل إليه الفكر الغربي في مجال التربية , و مجالات التعليم , و مجالات الثقافة , و الإعلام , بل في كل المجالات , مما أدى بالأمة الإسلامية أن تفقد هويتها التي أساسها الدين الإسلامي بكل ما يحمله من منظومة , و منهج متكامل في الحياة .
لا نقصد من ذلك تحريم كل ما هو غربي , أو كل ما يمت للغرب بصلة , بل لابد أن نعلم بأن كل ما يتعلق بالتراث الإنساني هو شياع للجميع , و لهم كل الحق بأن ينهلوا منه , و ليس هناك أي نص شرعي يحرم الأخذ من الآخر , و بالخصوص في المجال المعرفي , نعم النصوص الشرعية قننت لنا طريقة الأخذ , و كيفية الأخذ , و متى نأخذ .
فـ( الحكمة ـ أو المعرفة ـ ضالة المؤمن يأخذها أينما وجدها ) , و ( أنظر إلى ما قال و لا تنظر إلى من قال ) .

هذا البحث بعنوان (مناظرات الامام الرضا عليه السلام في الرد على اليهود والنصارى)، وسبب اختيارنا لهذا العنوان هو الكشف عن بعض النصوص القديمة التي ذكرها الامام (عليه السلام) لتكون عونا للباحث المتخصص في مقارنة الاديان التي فقدت او حرفت بعض النصوص في كتبها المقدسة في اثبات أدلة وحقوق لدين آخر، وكانت النصوص التي ذكرها الأمام مهمة جدا في إثبات حقيقة وأصالة الإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم وإنه مبشر به من قبل اليهودية والمسيحية وتأتي أهمية هذه النصوص لقدمها إذ ان المناظرات الرسمية التي عقدتها الدولة العباسية في أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجريين، تعبر عن نصوص حقيقية يرويها التراث الإسلامي، وهي تحتاج الى جمع وإعداد ثم مقارنة مع ما موجود الآن من الاناجيل المتداولة او غير المتداولة كأنجيل برنابا مثلا، لأنه لازالت المؤلفات تبحث عن حقيقة هذه الاناجيل ككتاب (المسيح الحقيقي وحقيقة الاناجيل التقليدية) للوقا تيموثي جونسون، ترجمة : محمد الواكد، وهو من الدراسات المعاصرة، وكتاب (تطور الانجيل، دراسة نقدية وترجمة جديدة لأقدم الاناجيل) لاينوك باول ترجمة احمد ايبش، وكذلك دراسة الاستاذ سهيل زكار في كتابه (المحذوف من التوراة كاملا)، وفي تراثنا الاسلامي وردت نصوص من التوراة والانجيل قد لا توجد الآن ، فهي اما حذفت او حورت الى الفاظ أخرى، وكانت دراسات العلامة البلاغي (رحمه الله) في كتبه المهمة (الهدى الى دين المصطفى) ، و (الرحلة المدرسية) و (المسيح والاناجيل) ،

حري بالأمة الإسلامية أن تفخر بأئمتها وعلمائها ، والأمة العربية الإسلامية زاخرة بما يفخر به على الأصعدة كافة ، فنور الإسلام لم يقتصر بإشراقه على الجزيرة العربية ومعتنقيه ،إنما كان اشراقة ثقافية أخرجت الإنسانية من الظلمات إلى النور ، ولما كان الإسلام قد نهض بمثل هذه الأعباء فلابد أن تكون له حملة تنهض وتستنهض إلههم لحمل الإسلام ونشره ، والإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) احد الأئمة الأطهار الذين حملوا علم الأنبياء ، وكانت الحكم والمواعظ التـي نشرها تعد دستورا حقيقا لتنظيم الحياة الإنسانية السعيدة المستقيمة .
لقد تميزت تلك الحكم بقصر عباراتها ونضج فكرتها وخلاصة تجربتها ، فقد كان الإمام الرضا (ع) قبس من نور الله تعالى ونفحة من رحماته ، وكنز من كنوز حكمته ، وكان يجمع القيم الرفيعة ، والمبادئ الأصيلة التي يعتز بها الإنسان ، فقد اكتنز من إبائه الأئمة العظام العلم والمعرفة ، فقد كان عالما بإحكام الدين وعلى إحاطة شاملة بشريعة سيــد الـمرسلين محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، وعوناً للضعفاء وساعياً لقضاء حاجات المحتاجين فكان عالماً وواعظا وسمحاً إلى غير ذلك مـن الصفات الحميدة التي جعلته في قمة الشرف والمجد والخلود .

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد الأمين وال بيته الطاهرين وبعد ...
يلاحظ المتتبع لأخبار الإمام الرضا عليه السلام انه لا يختلف عن غيره من الأئمة الأطهار في تفضيله وإنشاده للشعر الجميل العذب فقد ورد في كتاب عيون أخبار الرضا روايات كثيرة تدلل على هذه المنزلة فالإمام يستشهد بما ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم (إن من البيان لحكمة ومن الشعر لسحرا )، وإن الله توعد الحسنى للذين آمنوا من الشعراء ومن ينشد بأحسن البيان لتعريف حق أو شرح هدى ، فإن الشعر مؤثر في النفوس لما له من الوقع في القلوب قبل الآذان ، وبرنة وزنه وحسن أسلوبه وجميل نظمه ، وكان الشعر من مفاخر العرب سواء في نظمه أو في إنشاده ، وبالخصوص إذا كان شعر مناسب لزمان مناسب ومقال لحال يستوجب ، نعم إن الغواية في الشعر لمن يضل الناس ومن يقول باطلا أو يمدح ضالا .
ومن هنا جاءت فكرة البحث في دراسة القيم الخلقية والفنية التي اشتمل عليها أدب رثاء الإمام الرضا عليه السلام , وهي قيم نبيلة مستوحاة من حياة الإمام الحافلة بالعطاء والقيم والفضائل فأخلاق الإمام هي أخلاق القران الكريم , هذا من جانب والجانب الآخر في هذه الدراسة يتمثل في طريقة إخراج هذا الفن بصورة مؤثرة لايستطيعها كل شخص فهي تحتاج الى موهبة خاصة تتمثل في التعبير عن المعاني بصورة فنية , ويستفيد القارئ لهذا الأدب بأنه أصبح سجلا خالدا لمآثر الإمام الرضا
يتعلم منه الجيل أجمل قيم الفضيلة فضلا عن القيم التربوية التي رسمها الإمام عليه السلام .

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا الأعظم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم الأنبياء والمرسلين،وعلى آله وصحبه ومن والاهم إلى يوم الدين
تحتاج الأمة الإسلامية بمجتمعاتها وأفرادها لحياة حرة كريمة، ولأجل تحقيق ذلك ،لابد من العودة إلى ينابيع الإسلام الصافية،ومعارفه الأصيلة،لذا ينبغي على الأمة الإسلامية أن تقلب صفحات تراثها وتستنبط مما تركه أعلامها ورجالاها من توجيهات والاسترشاد بأفكارهم وممارساتهم المستمدة من هدي القران الكريم وسنة نبيه،وديننا الإسلامي الحنيف ومن اليوم الأول دعا للحوار لا بين المسلمين أنفسهم فقط ،بل بين كافة الأجناس الأخرى ،وما هذه الدراسة إلا وجاءت للتعريف بالحوار من خلال الكتاب والسنة ولتسلط الضوء على منهج الإمام الرضا(عليه السلام) في حواراته وتعاملاته مع الآخرين مستنداً على الأدلة العقلية والنقلية ومنطلقاً من قوله تعالى\" إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ\"(1) ،وقد شملت

إنَّ للمسلمين تراثاً كبيراً حافلاً بما تحتاجه الإنسانية في أدوارِ حياتها المختلفة، وسبب ذلك أنَّ المُتَكفِّل لنظامه الأكمل هو الله تعالى العليم الحكيم، حيث جعل لهم نظاماً متكاملاً يحقق لهم السعادة في الدارَيْن ويهديهم إلى الصراط السوي في جميع مجالات الحياة، وذلك من خلال تعاليمه التي تضمَّنَها القرآن الكريم وكذا السنة النبوية الشريفة.
فالقرآن الكريم هو الدستور السماوي الذي يُنَظِّم حياة المسلمين وشؤونهم، لذا كان الاهتمام به تلاوةً وفهماً وتفسيراً من أولويات المسلمين في التعامل مع كتاب الله تعالى في جميع العصور منذ اليوم الأول لنزولِ الوحي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يومنا هذا، حيث التفاسير القرآنية المختلفة والبحوث العلمية التي تناولت كتاب الله تعالى بالدراسة والبحث والتفسير والتدقيق والتحقيق في آياته وسوره وغيرها، وقد كانت البذرة الأولى لذلك هي تلك التعاليم المقدسة التي كانت من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي حَثَّت على تلاوةِ القرآنِ وفهمِ معانيه والتدبرِ في آياتهِ واتِّخاذهِ إماماً، فكانت سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) تجسدُ معاني القرآن الكريم، حيث كان يؤكد ذلك الاهتمام من خلال تلاوة القرآن على أصحابه وتفسيره لهم آيةً آيةً، بل كلمةً كلمةً ليفهموا كلام الله أولاً، وليؤكد لهم على عظمته وقدسيته وأهميته في حياتهم، وتُعَدُّ هذه أولى أدوار تفسير القرآن الكريم والذي يعرف اصطلاحاً بـ (التفسير بالمأثور)، ثم تابع ذلك بخطوات عدة منها الاهتمام الخاص ببعض أصحابه وأهل بيته لبيانِ معرفةِ حقيقةِ القرآنِ وفهمِ أسرارهِ ومعانيه، فكان نتاج تلك التربية الخاصة أنْ تخرَّجَ من مدرسته أمير البلاغة والفصاحة والبيان علي بن أبي طالب الذي يقول في إحدى كلماته: ((فواللهِ ما مِنْ آيةٍ إلا وأنا أعلمُ أَبِلَيْلٍ نزلتْ أم بنهارٍ، أم في سهلٍ أم في جبلٍ))، وغير ذلك من الأحاديث التي تُبَيِّنُ مدى اهتمام الأئمة (عليهم السلام) بالقرآن الكريم بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد تجلى هذا الاهتمام في كثرة الأحاديث الواردة حول القرآن الكريم، وما ورد عنهم في تفسير آياته كونهم عِدْلَ القرآنِ الكريم والأعرفَ بفهمِ مقاصدِهِ ومعانيه ..