TASLEEM JOURNAL

يَحْتَلُّ النَّصُّ القُرْآنِيُّ مَرْكَزًا في اللُغَةِ وَالبَلاغَةِ لا يَتَبَوَّؤُهُ غَيْرُهُ، جَمَعَ فيهِ بَيْنَ الأُسْلُوبِ الفَنِّيِّ في أَبْلَغِ مَدَياتِهِ، وَالأَداءِ الدَّلالِيِّ في أَصْدَقِ مَدْلُولاتِهِ وَأَبْعَدِها عَنِ الخَيالِ، لِذَا؛ تَتَفَوَّقُ أَهَمِّيَّةُ دِراسَةِ العَلائِقِ اللَّفْظِيَّةِ في هذا النَّصِّ عَلَيْها في غَيْرِهِ مِنَ النُّصُوصِ.
وَمُنْذُ سَنَواتٍ قلائل، أَخَذَ يَطْرُقُ تَأَمُّلِي تَنَوُّعُ صِفاتِ لَفْظَةِ (عَذَابٍ) في القُرْآنِ الكَرِيمِ، تَنَوُّعًا أَشْبَعَ النَّفْسَ حاجَةً إِلى دِراسَتِهَا وَتَدَبُّرِ مَوَاطِنِهَا؛ تَسَلُّقًا لِمَا يَيْسُرُ تَسَلُّقُهُ مِنْ خَصَائِصِ كُلِّ صِفَةٍ مِنَ الصِّفاتِ المَدْروسَةِ وَاخْتِلافِها عَنْ أَخَواتِهَا.
وَعَلَى الرَّغْمِ مِنِ اكْتِفاءِ البَحْثِ بِالصِّفاتِ النَّحْوِيَّةِ لِكَلِمَةِ (عَذَابٍ) دُونَ سَائِرِ أَوْصافِ العَذَابِ المَذْكُورَةِ في القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَبَعْدَ أَنْ تَمَّ لِلْباحِثِ تَتَبُّعُ تِلْكَ الصِّفاتِ وَجَرْدُها في هذا الكِتابِ العَزِيزِ؛ تَبَيَّنَ أَوْلَوِيَّةُ التَّدَبُّرِ البَحْثِيِّ في أَرْبَعٍ مِنْهَا فَقَطْ، مَشْفُوعًا هذا الاقْتِصارُ بِإِيجازٍ آمَلُ أَنْ يكون غَيْرَ مُخِلٍّ.
قَامَ البَحْثُ على مَنْهَجٍ تَحْلِيلِيٍّ سِياقِيٍّ، بَانَ لَهُ أَنَّ لِكُلِّ صِفَةٍ مُتَدَبَّرَةٍ سِياقًا خَاصًّا بِها تَمْتَازُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَهِيَ أَهَمُّ قُطُوفِ البَحْثِ وَأَشْمَلُها، تَفَرَّعَ عَنْهَا نَتَائِجُ أُخَرُ، مِنْها: التَّعَدِّي الإِحالِيُّ في (فَعِيلِ) المُبالَغَةِ، وَالمِحْوَرِيَّةُ السِّياقِيَّةُ لِبَعْضِ الآياتِ؛ إِذْ لا تَكادُ صِفَةٌ مُتَدَبَّرَةٌ تَخْلُو آياتُهَا مِنْ آيَةٍ لَها المِحْوَرِيَّةُ في بَيانِ السِّياقِ الذي يَسْتَقْطِبُ تِلْكَ الصِّفَةَ.

هذه دراسة نصيّة لمفردة من مفردات السبك النحويّ هي الإحالة وأنواعها ومحاولة تطبيقها في كلام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أدعيته في الصحيفة النبوّية، وقد مهدت للبحث بتعريف الإحالة في الاستعمال اللغويّ وفي اصطلاح اللسانيين ثمَّ عرّجت على أنواعها، وهي الإحالة الداخلية التي تتضمن ( القبلية والبعدية)، والإحالة الخارجية، وتطرقت الى الوسائل الإحالية النحوية، ومنها: الإحالة بالضمائر، والإحالة بأسماء الإشارة، والإحالة بالأسماء الموصولة، والإحالة بالمقارنة، وطبّقتُ ذلك كلّه على الصحيفة النبوية، والله الموفق.

للإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) لغةٌ متميِّزةٌ بعلوِّ بلاغتِهَا وعظيمِ تنوُّعِ أساليبِهَا، فنجدُ فيها ألواناً من المهيمنات الأسلوبيَّة التي تنمُّ بتمكُّن من ناصية اللُّغة، ومعجم أدبي عزَّ نظيره عند البلغاء، وقدرة كبيرة في التحكّم بأنواع الأنساق البلاغية التي تستوعبه ؛ لذا اشتهر هذا الإمام الجليل بأسلوب بلاغي في خطابه الأدبي جَعَلَ كلامه معروفاً، ومتميّزاً من غيره ولاسِيَّمَا في أدعيته ومناجاته للخالق العظيم سبحانه، فقد كانت هذه الأدعية في معظمها رسائل مفتوحة، إلى الناس كافَّة، بثّ الإمامُ (ع) لهم فيها شجونَهُ وأهدافَهُ ومراميه من ورائها، ومن أهمها التربية والدعوة إلى الإصلاح وتهذيب النفس وتربيتها على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والالتزام بحدود الله تعالى واستلهام قيم الدين وتجسيد مضامينه بشكل عمليّ وتطبيق مواعظه وإرشاداته وجعلها منهج حياة.
وقد وجدتُ الدعاءَ ميدانا خصبا لتطبيق إستراتيجيتي التقابل والتساند، فالأولى ـ التقابل ـ تُعْنَى بلغة التضادّ وأثرها في إثراء الدلالة وما تشحنُهُ المتقابلات من إيحاءات تكشف عن خبايا النصوص وقد بانت بشكل متميِّز فيه وكشفتْ عن سعيِ الإمام (عليه السلام) من خلاله للتأدّب في خطاب الله تعالى وتأكيد وحدانيته وطاعته، وتصفية النفس من خلال السعي للّجوء إليه سبحانه في الأحوال كلّها، وتجلَّى ذلك في إبراز ثنائيات المعاني ومن أهمّها : (صِغَر العبد إزاء عَظَمَة الخالق)، و(نَقْص المخلوق وكَمَال الخالق) و(بُخْل المخلوق وعظيم عطاءِ الخالق) والإبانة عن بنى التقابل المتعدّدة.
والأخرى : هي التساند وأعني بها ما يسندُ التأويلَ، ويعضّده ممَّا يتأتّى من جميع العلوم اللّغوية والبلاغية وغيرها ويكون مؤثِّرا للظفر بالمعنى المراد بأجمل صورة.

يسعى هذا البحثُ إلى الكشفِ عن جانبٍ فكريٍّ مهمٍّ عند الإمام الباقر –عليه السلام- في موسوعته التي جاءت في ثمانيةَ عشرَ بابًا، شملت أهمّ الجوانب الدينيّة والفكرية في حياة الإنسان. وقد تمّ تحديد باب الأخلاق ليكون ميدانًا لهذا البحث، لما له من أهمية كبرى في بناء الأمّة وصلاح المجتمع، وكثرة الظواهر الأسلوبية فيه. وفي هذا الباب سيتمُّ رصد أهم الظواهر الأسلوبيّة، وحسن اختيار الإمام الباقر لها، وأثرها في إقناع المتلقّي، ودعوته إلى التفكر والتأمّل للوصول إلى الحقيقة. ولعلّ من أبرز الظواهر الأسلوبية التي سيقف عندها البحث التقديم والتأخير، والتنكير والتعريف، والأساليب الإنشائية (الأمر، والنهي)، والجملة الإسمية والفعلية، إذ ظهرت بشكلٍ واضحٍ في أسلوب الإمام الباقر عليه السلام، فأدَّت مراد المتكلّم البليغ بدقّةٍ، وعنايةٍ، وإحكامٍ.

حاولت الباحثة في هذا البحث أن تكشف عن الآليات والسُّبُل التي أسهمت في انسجام أقوال الإمام جعفر الصّادق  ووَحدتِها، واتّساقِها، فدرسَتْ بعضَ مظاهر الانسجام الدلاليّ والبلاغي كالإجمال والتّفصيل، والفصل والوصل، والإيجاز والإطناب، وبعض مظاهر الاتّساق الشكليّ والإيقاعيّ، كالجِناس، والسَّجْع، والتَّكْرار، فتوصَّلتْ إلى أنَّ الإمام الصّادق اعتنى بوسائل الربط المختلفة، ومن أبرزها: (الواو العاطفة، وأدوات الشرط، والضمائر)، لرصّ عباراته ضمن أنظمة لغوية كان من أبرز آثارها ظهور الوحدة الموضوعيّة والشعوريّة في عموم خطاباته.
وكان للإجمال والتّفصيل دورٌ مهمٌ في خطاباته، وتقوم هذه العلاقة على ذكر قضية مجملة في بداية أيّ نصّ، ثم ّيتم ّبعد ذلك طرح قضايا أخرى مفصَّلة لها، تحمل دلالات ومعاني مكثّفة تساعد المتلقّي على الفهم والاستيعاب.
كما وجدت الباحثةُ اعتمادَ الإمامِ الصّادق الإيجاز في معظم أقواله وخطاباته ومن ذلك: ( إيجاز القِصَر) الذي يقوم على الاقتصاد اللغويّ ويعطي اللغة طواعيّةً في التعبير عن المعنى، و(إيجاز الحَذْف ) الذي يحرّك ذهن المتلقي لاستكشاف المحذوف، فيحاول ملءَ الفراغات بالرجوع إلى ما قبله، أو بالتطلّع إلى ما سيلحقه، ليتمكّن من ربط اللاحق بالسابق.
كما توصّلت الباحثة إلى أنّ الإمام الصّادق استطاع في خطاباته المؤثّرة أن يخضع العناصر اللغويّة من الناحية الشكليّة لنظام إيقاعيّ خاص ينسّق حركتها، ويُوجِد بينها نوعاً من التَناسب، والتَلاؤم، والانسِجام، ومن أبرز مظاهر الاتّساق الإيقاعيّ: الجِناس، والسَّجْع، والتَّكْرار، وتراكُم الصُّور، والنَّبْر، والتّنغيم.

إنّ هذه الدراسة تحاول استنباط حركة المعنى وأساليب تشكيله لدى شاعر أندلسي هو ابن حمديس، لأنَّها ترى أنَ كثيراً من الأصوات التي تحدّد الغنائية الصافية في شعر الشاعر والنغمات التي تميزه من غيره من الشعراء في محاولة تأويل بعض أشكاله التي بدت لبعض الدارسين، بأنَّها ليست إلّا رسوماً فنيّة مكّررة ، ممّا جعلها تسقط كثيراً من المقاربات النقدية بفخّ الشكل الشعريّ، فبدأ هذا الشعر وكأنَّه نصّ نمطيّ مكرّرُ، واستند البحث إلى منهج وصفيّ يتابع نصوص شاعر عانى غربة طويلة شاقّة، ويحفر في تجلّيات صورها ويثير نوعاً من الحوار المعرفي المبني على دراسة هذه النصوص ضمن سياقها الفني وليس في إطار مكانيّ وزمانيّ ضيقين.

يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على صورة الآخر بشكلٍ عام، والأسود على وجه الخصوص في رواية (من مكة إلى هنا) للصادق النيهوم، وقراءة تلك الصور بعين التلقّي والتأويل، والكشف عمّا ورائيّة الصورة وأشكالها، من حيث النمطيّة والإيجابيّة والسلبيّة.
ترتكز مشكلة البحث على ظاهرة الأسود البارزة في أدب النيهوم، وهي محلّ السؤال والإشكال الذي يطرقه الباحث، لماذا الأسود في أدب النيهوم؟ وكيف صور النيهوم الأسود خطابه الأدبي؟ مع البحث عن هويّة الكتابة وانعكاس صورة الآخر فيها بوضوحٍ وجلاء.
أما عن المنهج المتّبع في هذا البحث فهو أقرب ما يكون للوصفيّ التحليليّ الذي يتتبع الرواية ويكشف عن مواطن الأسود، ويسعى لتفكيك الرمزيّة وتأويلها حسب معطيات النصّ، وفي هذا يمكن الإفادة من نظريات النقد لا سيّما التلقّي والتأويل والتفكيك.
يقوم البحث على مقدّمة وخاتمة بها أبرز نتائج البحث، تقسّمت المحاور على الوجه الآتي:
المحور الأوّل: الصورة النمطية.
المحور الثاني: الصورة الإيجابية.
المحور الثالث: الصورة السلبية.

يمكننا أن نعدّ رواية " رغوة سوداء" للروائي حجي جابر لوحات سرديّة مكتنزة بالوعي والجمال، فلقد أودع السارد في مضمونها أسرارًا ووزّعها في متاهات سرديّة جميلة تأخذ بلباب المتلقّي إلى حيث الاندهاش، وكلّ ذلك قد أخفاه الروائي ليهيئ للمتلقّي لذّة اكتشاف ما يمكن أن يرصده عبر تشكّلات وعي القارئ وامتزاجه بوعي النصَّ، وكيف يتسنّى للمتلقّي متابعة هذا التسلسل السرديّ، وكيف يحقّق مايوافق أفق انتظاره وهو يمسك بزمام مجريات النصوص السرديّة وآفاقها الجماليّة؛ ليترك مسافاتها في انثيالٍ وتزاحمٍ لمضامين متنوّعة ومتباينة يغدو النصّ بها زاخرًا باحتمالاته القرائية المتعدّدة، وهو بذلك إنّما يكشف عن ذاتٍ سرديّةٍ تُجيد معرفة كينونتها بطريقة تأسر وعي متلقيه؛ لما فاض به النصّ السرديّ من اكتنازٍ للدلالات والمعاني.