Abstract
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين , واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , الذي بلغ لنا شرع ربه , وادى أمانة ذلك حق الأداء , قال الله تعالى : ﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ( ) وقال تعالى ﭐﱡ ﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ . ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ ( ) وﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱠ ( ) :أما بعد:فإنَّ من تمام نعم الله تعالى على هذه الأمة وعظيم مِنَتِه عليهم , ان هداهم إلى هذا الدين القويم , والصراط المستقيم, الذي به تصلح نفوسهم, وتهذب أخلاقهم, وتنظم معاملاتهم, ويصلح سلوكهم, وتقوم حياتهم وفق توجيه قراني وهدي نبوي تضمنا علما, هو اجل العلوم قدرا, وأعلاها فخرا, وابلغها فضيلة, واشرفها مكانة, وهو علم الشرع الشريف, وبيان أحكامه , وتفصيل حلاله وحرامه . كل ذلك ليقوم العباد بالحق, الَّذي من أجله خُلِقوا, وهو عبادته على الوجه الذي ارتضى لهم. ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱠ ( )وﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﱠ ( )وأما في معاملاتهم, فقد دلهم على كل ما فيه خيرا لهم في معاشهم, فلم يجعل لهم مجالا للتخاصم فيما بينهم, او التباغض , ومن مزايا هذه الشريعة السمحاء, ان تجلب التيسير على العباد , ودفع كل ما فيه عسر ان كان ذلك العسر في معاملاتهم او غيرها , ومن مظاهر هذه القاعدة العظيمة في باب المعاملات انها جعلت بالإمكان ان يجعل كل شخص شريكا له في اجراء المعاملات . وفقد يعجز الإنسان عن حفظ ماله او التصرف فيه ؛ لقلة هدايته , أو لكثرة أشغاله , او لأسباب أخرى ويريد ان يبقى ماله في تنامي مستمر , او الرغبة في زيادة مؤونة من يعول وليس له مال ليعمل به سوى بدن قوي نشيط وفكر تجاري واسع يستطيع ان يكسب بذلك من الحلال , ولتلك الأسباب ولغيرها فيحتاج ان يضارب آخر , ويشارك ممن يراه اهلا لذلك في اداء او إمكانية ما , ليقوم هذان الشريكان بالتصرفات التي اتيحت لهما وفق ما سمحت به قواعد الشركة المستمدة من نصوص الشريعة وتفسيرات علمائها لها .ومن اجل هذا كله جاء هذا البحث المتواضع الموسوم ( احكام الشركة في الاقتصاد الاسلامي منظومة الدرة اليتيمة انموذجاً ) وبيان تقسيماتها التي ذكرها علمائنا رحمهم الله تعالى , وقد اخترت منظومة الدرة اليتيمة والمحجة المستقيمة للعلامة حسان السنة الإمام الصرصري الحنبلي رحمه الله تعالى ويكمن ذلك لسببين هما :
1-سهولة حفظ المنظومة لطالب العلم الشرعي ؛ لسلاسة لفظها ودقيق نظمها.
2-عظيم منزلة المؤلف رحمه الله تعالى بين علماء المسلمين عموما وعند الحنابلة رحمهم الله خصوصاً.
وهذه المنظومة عظيمة القدر لم تطبع الا مؤخرا , ومن خلال بحثي لم اعثر عن شروح لها , وتوضيح الفقه التي تحملها لذا عمدت الى تبيين ( احكام الشركة ) عند العلماء المسلمين عموما , وعند الحنابلة على وجه الخصوص واختيارات هذا الإمام الكبير على وجه الأخص , والا فقد احتوت على مباحث اقتصادية جليلة القدر اخرى ولا عجب فانه رحمه الله تعالى نظم الفقه الحنبلي وأوجه الاختلافات في المذهب وغيره فيها , ولعل ايضا ان تكون بداية شرح لهذه المنظومة الرائعة .
وأنبه ابتداء على أن طريقتي في هذا البحث المتواضع كانت على النحو الاتي:
1. اذكر المسائل الاقتصادية الخاصة بالشركة في المذاهب ثم اذكر رأي الحنابلة واختياراتهم عن طريق الناظم رحمه الله تعالى فيها .
2. اذكر موضع الشاهد والبيت الذي ذكره الناظم رحمه الله تعالى في الذي أتناوله.
3. اعزوا الأدلة الشرعية إلى المسائل الفقهية مع بيان وجه الاستدلال منها.
4. نقلت الإجماع عن اهل العلم في المسائل المجمع عليها.
5. اذكر في بداية كل مسألة مذهب الأئمة فيها ثم رأي الحنابلة والامام الصرصري رحمهم الله عملا بالسياق البحثي الاكاديمي المبني على الاسبقية العمرية بيها .
6. خرَّجت الآيات و الاحاديث النبوية الشريفة من مظانها في القرآن الكريم ومتون السنة .
7. وثَّقت أقوال الفقهاء من كتب كل مذهب . هذا واسأل الله تعلى ان اكون وفقت للصواب من القول , فما كان من صواب فمن الله تعالى وحده , وما كان من خطأ أو زلل, او نقص – ولا بد – فمن نفسي و الشيطان , والله تعالى ورسوله منه براء واستغفر الله تعالى عنه . وقد قسمته الى مقدمة ثلاثة مباحث وخاتمة :
المبحث الاول التمهيدي وقد تكلمت فيه عن ترجمة الامام الصرصري رحمه الله تعالى بشكل مختصر.
المبحث الثاني كان حول تعريف الشركة في اللغة والاصطلاح , والكلام عن مشروعيتها .
المبحث الثالث كان عن انواع الشركات , واطالة النفس في اقسام القسم الاخير منها وهو ( شركة العقد ) , وتبيين الاختلاف بين المذاهب فيها ورأي الحنابلة والامام الصرصري على وجه الخصوص , ثم ختمته باهم النتائج والتوصيات التي توصل اليه البحث .