Journal of The Iraqi University

المقدِّمة
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، خير معلم أرسله الله بالهدي ودين الحق، ليبين للناس النهج القويم، والصراط المستقيم، فأقام الحجة، وأوضح المحجة، وترك الناس عليها بيضاء نقية، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها الا هالك.
اما بعد: فإن الإسلام قد حض الناس على طلب العلم، فكان أول ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالى: ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ( ).
وفضل العلماء على غيرهم فقال تعالى: ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﭼ( )، وقوله تعالى: ﭽﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﭼ( ).

المقدمة
قد يحجب أولاد الأخوة والأخوات بالأخ الشقيق او بالأخت الشقيقة أو بالأخ لأب أو بالأخت لأب أو بالأخ لام أو الأخت لام، وليس من ذنب لهم ألا ان والدهم توفي أو والدتهم توفيت في حياة المورث ولذلك حجبوا عن التركة، ولو كان والدهم او والدتهم على قيد الحياة لأخذ والدهم او والدتهم من التركة مثلما يأخذ من يحجبهم عند فقد احد الوالدين.
وربما كان لوالدهم أو والدتهم الدور الأكبر في تكوين ثروة المورث او المساعدة في تكوينها او ربما كان المورث يعيش في كنف والدهم او والدتهم يتلقى الرعاية والحنان بسبب سوء حالته الصحية او كبر في السن.
ثم تذهب التركة الى اخ او اخت قد يكون موجوداً او تكون موجودة خارج القطر او في احدى المحافظات لاعلم له او لها بحال او مال المورث ولا يربطهم أي شيء به الا صلة قرابة الاخوة بينهما ولكن عن بعد.
لذلك يبدو أن مبررات إعطاء اولاد الاولاد الوصية الواجبة اذا حجبوا بأولاد المتوفى موجودة هنا ايضاً اذا حجب اولاد الاخوة والاخوات بالإخوة والاخوات.
واذا كنا هناك افترضنا حياة الابن المتوفى او البنت المتوفية اثناء توزيع التركة ثم اعطينا حصتهم الى اولادهم باعتبارها وصيه واجبة على ان لا تزيد عن ثلث التركة، فهنا ايضا يمكن افتراض حياة الاخ المتوفى والاخت المتوفية اثناء توزيع التركة ثم نعطي حصتهم الى اولادهم باعتبارها وصيه واجبة على ان لا تزيد عن ثلث التركة.
او ربما قد يحجب اولاد الاخوة والاخوات فقط لانهم من ذوي الارحام اذ ان بنت الاخ الشقيقة لا تستطيع ان ترث مع ابن الاخ الشقيق وبنت الاخ لاب لا تستطيع ان ترث مع ابن الاخ لاب لان ابناء الاخوة الاشقاء او لاب من العصبات بينما بنات الاخوة من ذوي الارحام( ).
كذلك لا يرث بنات الاخوة مطلقا واولاد الأخوات مطلقا مع الاعمام الاشقاء او لاب او ابنائهم لان هؤلاء من العصبات وبنات الاخوة واولاد الأخوات من ذوي الأرحام، في حين ان اولاد الاخوة والاخوات اقرب درجة الى المتوفى( ).
3

المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه اللهم واجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه برحمتك يا أرحم الراحمين.
وبعد...
فإن المنزلة العالية التي يتبوأها علم أصول الفقه وهو من العلوم الشرعية، والتي كان موردها مقام التصحيح والتنقيح؛ تصحيحا لمسارات الاستنباط من دلائل الكتاب والسنة، وتنقيحا لاستدلالات المجتهد من مثارات الغلط، جعلت هذا العلم هو بمثابة ميزان الاستدلال.
كما وإن أصول الفقه علم يرتكز على ثلاثة ركائز أساسية: علم المنطق، واللغة العربية، وعلم الفقه.... فعلم المنطق هو العلم الذي يكاد يكون كمواد أولية لصناعة علم أصول الفقه، وأما الفقه فهو نتاج وثمرة علم أصول الفقه، وأما علم اللغة العربية فهي لغة العرب التي نزل بها القرآن وهي لغة الاستنباط التي يستنبط من خلالها الأحكام.
والمطلع على البحث يكتشف العلاقة الوثيقة بين الفقه والاصول وانها ليست مجرد قواعد نظرية بل هي قواعد وضعها المجتهدون لتساعد المجتهد على استنباط الاحكام من الادلة , فهذا البحث يبين ان علماءنا لم ينقلوا لنا دين الله باهوائهم بل كانوا يبذلون قصارى جهودهم للوصول الى المنشود معتمدين على القواعد والادلة التفصيلية.
وموضوع المشترك- الذي هو عنوان بحثنا هذا- يرتبط بهذه العلوم الثلاثة من خلال:
1. المنطق: المشترك كعلم موجود عند أهل المنطق والأصوليون استفادوا منه فجعلوه احدى طرق الاستنباط.
2. الفقه: المتتبع لقضايا الفقه يجد أن هناك من الأمور ذكرت في مصادر التشريع إلا أنها تجددت هذه مع مرور الزمن من أمثلة ذلك الألفاظ المشتركة التي تحمل أكثر من معنى.
3. اللغة: فاللغة العربية في مباحثها تبحث عن المشترك كلفظ.
ومن هذا نستطيع القول:
أن سبب اختيارنا لهذا البحث المعنون (المشترك وأثره في الاختلاف الفقهي) يعود لأمرين:
الأمر الأول: اثبات أن موضوع المشترك له جذور عميقة ترجع إلى علم المنطق.
الأمر الثاني: هناك قضايا معاصرة، (لمس المصحف)( ).

المقدمة الحمد لله الواحد العظيم الجبَّار القدير القوي القهّار، المتعالي عن ان تُدركهُ الخواطر والأبصار، وَسَمَ كل مخلوقٍ بسمةِ الافتقار، واظهر آثار قدرته بتصريف الليل والنهار، يسمعُ أنين المدنفِ يشكو مابه من الأضرار، ويبصر دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الغار، ويعلم خفيَّ الضمائر ومكنون الاسرار، احمده سبحانه على المسارَّ المضار، وأشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له المتفرد بالخلق والتدبير ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﭼ ( ) وأشهد ان محمداً عبده ورسوله أفضل الانبياء الأطهار صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خصوصاً المهاجرين والانصار وسلم تسليماً كثيراً وبعد: فهذه الامة مليئة بالعظماء الذين يُفتخر بهم وبما حملوه من علم وحكمة فلا يجمعهم كتاب ولا يعدهم مؤلف لأنها كانت ومازالت تنجب من الاعلام الذين رفعوا راية هذا الدين ابتداء من الصحابة الكرام ومن تبعهم من التابعين بإحسان ومن خلفهم من الخلف بأحكام ومن سار على نهجهم من المعاصرين الاعلام فكان منهم من يدون علومه واحكامه وآراءه ومنهم من لم يدون ذلك، فإندثرت آثارهم وكنوزهم من المعرفة ودفنت بعد موتهم معهم وما بقي منها إلا ما حفظه تلامذتهم، وكان من بين هؤلاء الامام معمر بن راشد الازدي البصري الذي اخذ الباحث بالكتابة عنه ومن آرائه حيث كان من الفقهاء العظماء في عصره حيث يشار اليه بالحكمة والمعرفة والحفظ والفقه والذي امتاز بكثرة شيوخه وتلاميذه ولكن لم يبادر احدهم بكتابة آرائه كلها ودوَّن فقهه بكتاب فكانت متناثرة بين ثنايا كتب تلاميذه ومعاصريه فأوسمت البحث بعنوان (فقه الامام معمر بن راشد الازدي البصري دراسة مقارنة (فدرست آراءه التي صرح بقوله فيها وقد سبقني الطالب محمد احمد محمد مرشد بأخذ مرويات الامام معمر في الحديث اما انا فدرست فقه الامام معمر رحمه الله وجعلت بحثي مكون من مبحثين:

المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على خاتم النبيين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال و الإكرام، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع الأنام  وعلى آله وصحبه الغرِّ الكرام وبعد…
تعد الزراعة إحدى القطاعات الاقتصادية المؤثرة والمهمة لعناصر الإنتاج، فأن الفلاح هو العنصر الرئيسي فيها بعد الأرض، وما دام للفلاح هذه الأهمية العظمى في الحياة الاقتصادية، وجب على المجتمع ان يراعي منزلة هذا العنصر الإنتاجي المهم وحقوقه، وأول من راعى حقوق ومنزلة هذا العنصر المهم في الإنتاج هو النظام الإسلامي، إن الحديث عن التنمية الزراعية من خلال السنّة النبوية يحتاج مِنَّا في البداية إلى تحديد بعض المفاهيم، كتحديد معنى التنمية، وما مدلول هذا المصطلح؟، وكذلك بيان مفهوم الزراعة أذا ما اقترن هذا اللفظ مع مصطلح التنمية فهما معا مركب لفظي لابد من تحديد المراد منه أذا ما أردنا أن نفصل القول في مضمون بحثنا هذا.
أقول: تشهد تجارب البلدان التي خلقت مقدمات التنمية على أن شعوبها تبذل جهوداً جبارة من أجل تحويل ميراثها الاقتصادي الهزيل بعد فترة التحرر إلى اقتصاد حديث شامل. بيد أن نقص مصادر تمويل التنمية يدفع القوى الخيرة لمهمة البحث عن الحلقة التي من خلالها يمكن إمساك السلسلة بكاملها أي تتضمن التنمية السريعة للاقتصاد الوطني وتمثل الزراعة الحلقة بكل تأكيد. إذا كان تخلف وتجزئة البلدان العربية من شاكلة تلك الديناميكيات المعقدة المسببة، فإن المسألة الزراعية كانت ولا زالت أحد أهم عناصرها المحرّكة ما دام المجتمع العربي ظل حتى بداية التدخلات الغربية، في جوهره قروياً وبالتالي فإن إخضاعه استلزم تفكيك بنيانه الأصلية وإعادة هيكلتها على ضوء مقتضيات وظائفية خارجة عن ذاته، لقد كانت تلك العملية شرطاً مسبقاً لإدماج الاقتصاديات العربية في إطار التقسيم اللامتكافئ للعمل على المستوى العالمي بحيث ستصبح المسألة الزراعية إحدى نقاط ارتكاز السياسات التنموية التي تتبناها الدول للانفكاك من الهيمنة الاستعمارية الجديدة في ظل سيطرة القطب الواحد،تعتبر الزراعة من أقدم الأسس والركائز التي يرتكز عليها الاقتصاد العالمي وقد أشار إلى هذا المفهوم علماء الإسلام في مراحل متقدمة مرة بها عملية تطور هذا المصطلح إلى ما أصبح يعنيه ويحتويه من مفاهيم في الوقت الحاضر، لذا يمكننا أن نقسم البحث بعد هذه المقدمة إلى مبحثين، ضم كل منها مطالب وعلى النحو الأتي:
المبحث الأول: التعريفات الإجرائية الواردة في البحث.

المقدمة
الحمد للّه الّذي استخلص العلماء بعنايته, وجعلهم أمناء على خلقه, فهم مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء, يستغفر لهم كلّ شيء حتّى الحيتان في البحر, ويحبّهم أهل السّماء.
وأشهد أن لا إله إلاَّ اللّه وحده لا شريك له , شهادة أستفتح بمددها أبواب العنايات، وأشهد أنّ سيّدنا محمّداً عبده ورسوله سيّد السّادات , صلّى اللّه عليه وعلى آله وصحبه في كلّ الأوقات.
أما بعد:
فيقول تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭼ( )، ومن العلماء الذين خدموا الحديث الشريف ولم ينالوا نصيبهم من الرعاية، بل إن مجهول لدى كثير من طلبة العلم، هو الحافظ سعدويه، وهو من محدثي القرن الثاني الهجري الثقاة، روى عن عدد من الحفاظ المشهورين، وروى عنه كثيرون، وتخرج عليه عدد من العلماء المشهورين.
فأحبت أن أعرف به، وأذكر بعض جهوده الحديثية لعله يتسنى التوسع في دراسة جهوده وإبرازها بما يليق به.
وقد قسمت هذا المبحث على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حياته الشخصية.
المبحث الثاني: شيوخه وتلاميذه.
المبحث الثالث: شيوخه وتلاميذه.
المبحث الرابع: روايته للحديث.
ثم ختمته بخاتمة لخصت فيها أهم ما جاء فيها من نتائج مع أهم التوصيات.
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل... وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المقدمة
الحمد لله الذي بفضله تتم النعم، وتسري الرحمات إلى الأمم، الحمد لله أن جعلنا من أمة سيدنا محمد  عبد الله وحبيبه وخير خلقه، من أطاعه نجا وسلم، ومن عصاه هلك وندم، من قال الله في حقه: ﭽﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ( )، فما من رحمة تسري ونعمة تجري إلى جميع خلقه إلا عن طريقه وببركته .
ومن نعم الله علينا أن جعلنا نعيش في مجتمع مسلم، ولكننا نسمع بعضاً من أبناء هذا المجتمع يسبون رسول الله  رجالاً ونساءاً، كباراً وصغاراً، وتلفظهم بكلمات يقشعر منها البدن في حق حضرة سيد الوجود  فيها هلاكهم وهلاك المجتمع الذي يعيشون فيه؛ لأن رحمة الله عنهم محجوبة، وغضب الله عليهم نازل، وهلاكهم متحقق؛ لأن هذا هو مصير الذي يسب ويشتم الذات الشريفة والرحمة المهداة وخاتم النبيين عليه أفضل الصلاة والسلام.
يقول الإمام السبكي( ) رحمه الله تعالى: ولهذا جرت العادة في الحصون والقلاع أنهم متى سبوا رسول الله  هلكوا وختم لهم بخاتمة ردية من غيرة الله لنبيه، ونخاف على من يصدر منه السب خاتمة السوء، فإن التعرض لجناب النبي عظيم، وغيرة الله له شديدة، وحمايته بالغة، فنخاف على من يقع فيه بسب أو عيب أو تنقيص أن يخذله الله تعالى، فلا يرجع له إيمانه، ولا يوفقه لهداية( ).
وهذا الكلام الرائع للإمام السبكي هو الحق، فإننا نرى أن الغرب اليوم وبسبب استهزائهم بهذه الذات الشريفة ورسومهم الكاريكاتورية الساخرة انهم هالكون لا محالة، وقد بدا ذلك في أزماتهم الاقتصادية الخانقة وسياسات التقشف والأزمات الاجتماعية والأمراض والكوارث الطبيعية، والقادم أعظم؛ لأن نصرة الله لنبيه  آتية حتماً لا لبس فيها.
ولكن أين موقفنا نحن من الدفاع عن حبيبه  وغيرتنا عليه وديننا دين الغيرة والمواقف والأخلاق قبل أن يكون دين عبادات، فهل تكفي الاستنكارات والمظاهرات والاحتجاجات، وأين موقف علماء المسلمين والمتصدرين للفتوى من هذا كله، فلم نسمع فتوى تشفي القلب من هؤلاء العلماء، ولا من المجامع الفقهية على الأقل في حرمة معاملتهم اقتصادياً وسياسياً، ومقاطعتهم وما هو إلا اختبار وتمحيص لنا، فالذل والهلاك إن خذلناه، والرفعة والفلاح أن نصرناه ودافعنا عنه ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﭼ( ).
وبسبب حساسية الموضوع وخطورته فاني قد أطلت في ذكر كلام علمائنا وأسهبت فيه حتى يكون القارئ على بينة واطلاع واسع وما كثرة الآراء واختلافها في عقوبة الساب لسيد الخلق  إلا دليل على غيرة العلماء في الذود عن حبيبهم  وردعهم وتأديبهم لمن يحاول الإساءة إليه والانتقاص منه ، فكتبت موضوع بحثي في مبحثين:
المبحث الأول: تعريف السب وبيان ما هو سب من المسلمين والكفار.
والمبحث الثاني: أثر سب النبي  على الساب وحكمه.

المقدمة
الحمد لله الذي هدانا بالإسلام، وأكرمنا بخاتم الرسل الكرام، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وهيأ لنا علمائنا الأعلام من قام بدراسة أصول التشريع وقواعد الأحكام، وبذل ما وسعه في توضيح الحلال والحرام، وجاء من بعده العلماء العظام الذين فرعوا الفروع وأصّلوا الأصول فأزالوا الشبهات والأوهام، فكانت هناك ذخيرة فكرية نمت على مر السنين والأعوام.
فمنهم من كانت جهوده في الفقه والأصول، ومنهم من صرف همه إلى تفسير الكتاب المبين، ومنهم من توسع في سنة سيد المرسلين، ففصلوا القول فيها تفصيلاً، ودرسوا ما يتصل بها من العلوم شرحاً وتهليلاً.
ومنهم من عنى باللغة التي هي استمداد المفسر والمحدث والباحث في علوم القرآن مما يتصل بعلوم المعاني والبديع والبيان، وما يتعلق بالنظم والإعراب وأحوال الألفاظ في الإفراد والأقران.
فألفت الكتب الكثيرة، والأسفار المهمة والخطيرة، في كل علم وفن رغم ما مروا به من الفتن والمحن.
وكان من هؤلاء الأعلام والمؤلفين المجتهدين الإمام ابن حجر الهيتمي(ت974هـ) -رحمه الله-، فكان له جهد كبير في تآليف ليست بيسيرة، منها في العقيدة والفقه والحديث والسيرة وغيرها.
وطبع من كتبه الشيء القليل، وما زال كثير آخر لم يّر نور الحياة بالطباعة، مكدساً في خزائن المخطوطات إلى هذه الساعة، يتراكم فوقهُ الغبار، ويتعرض لحوادث الليل والنهار، ينتظر من يبعثه من مرقده بعد حين، وينفض عنه وطأة المئات من السنين.
وقد وقعت بين أيدينا من رسائله المخطوطة رسالة بديعة نافعة من نسختين، في علم الفقه هي: (تلخيص الإجراء في حكم الطلاق بالإبراء).
وهي رسالة صغيرة الحجم كبيرة الفائدة، جمع فيها ابن حجر- رحمه الله- نبذة من أحكام باب الطلاق والخلع.
واليوم إذ نقدَّم هذه الرسالة من مؤلفات هذا العلم الإسلامي الخالد. لنفتخر كل الفخر بأن يكون لنا نصيب في إحياء التراث العربي الإسلامي، لما في كتبه من العلم النافع، والخير العميم، والخصال الكبيرة في بذل العلم مع التواضع.
وقد اعتمدنا في تحقيقنا على نسخة مصورة من مخطوطة في جامعة الملك سعود.
فقمنا بخدمة النص، بعد تثبيته، وتدقيقه، وتوثيقه بالأصول التي أخذ المؤلف منها مادة وتخريج أحاديث والأخبار، وقدمت لذلك بمقدمات مختصرة، ورتبنا العمل في ذلك على قسمين:
القسم الأول: القسم الدراسي، وتضمن ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: وهو عصر المؤلف، ويقع في أربعة مطالب:
المطلب الأول: الحالة السياسية في عصره.
المطلب الثاني: الحالة العلمية في عصره.
المطلب الثالث: الحالة الاقتصادية والاجتماعية
أما المبحث الثاني: فهو سيرة المؤلف ويقع في ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: اسمه, ولقبه، وكنيته.
المطلب الثاني: مولده، ونشأته، ورحلاته، وفاته.
المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه ومؤلفاته.
وأما المبحث الثالث: فكان للتعريف بالرسالة وبالنسخ الخطية وبمنهجنا في التحقيق، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: التعريف بالرسالة.
المطلب الثاني: وصف النسخ الخطية.
المطلب الثالث: منهجنا في التحقيق.
القسم الثاني: النص المحقق.

المقدمة
الحمد لله الذي شرع الاستئذان لبني الإنسان، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لقاء المنان وبعد:
فقد قال تعالى: ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ( ).
فإنّ من نعم الله تعالى على الإنسان بل من اجلها نعمة السكن، فالبيت مملكة الإنسان، ومفتاح دخوله الاستئذان، وقد بين الإمام القرطبي – رحمه الله- هذه النعمة، بقوله: لقد خص الله سبحانه ابن آدم الذي كرمه وفضله بالمنازل وسترهم فيها عن الأبصار، وحجر على الخلق أن يطلعوا على ما فيها من خارج أو يلجوها من غير إذن أربابها، أدبهم بما يرجع إلى الستر عليهم لئلا يطلع أحد منهم على عورة( ). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي  قال: من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه( ).
وما لهذا الخلق الكريم والتشريع القويم الذي شرعه الله لعباده المؤمنين والأدب السامي من مكانة عالية، ولتعلقه بصيانة المجتمع والحفاظ عليه، واتصاله بأهم الجوانب التي يظهر من خلالها إعجاز القرآن التشريعي، والتي هي مقاصد التشريع الإسلامي، والتي سماها الأصوليون الضرورات الخمس( )، وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، ولما امتاز به التشريع الإسلامي من خصائص على سائر التشريعات الربانية المحرفة والأرضية الوضعية، وهي: الربانية، والإنسانية، والوسطية، والشمولية، والواقعية، ولحاجة الناس الماسة للتذكير بهذا الأدب الرائع والضائع، لهذا كله اخترنا الكتابة بهذا الموضوع فجاءت خطة البحث كالآتي:
المبحث الاول: الاستئذان لدخول البيوت وفيه ستة مطالب:
المطلب الاول: تعريف الاستئذان لغة واصطلاحا.
المطلب الثاني: حكم الاستئذان.
المطلب الثالث: دخول الإنسان بيته، وفيه فرعان:
الفرع الاول: الاستئذان على الزوجة.
الفرع الثاني: الاستئذان على المحارم.
المطلب الرابع: الأطفال وأدب الاستئذان.
المطلب الخامس: صفة الاستئذان. وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الاول: طريقة الاستئذان.
الفرع الثاني: الاستئذان بقرع الباب والجرس.
الفرع الثالث: عدد مرات الاستئذان.
المطلب السادس: سقوط الاستئذان، وفيه مسألتان:
المسألة الاولى: ما لا يحتاج أصلا إلى استئذان.
المسألة الثانية: أسباب سقوط الاستئذان.
المبحث الثاني: آثار الاستئذان على الفرد والمجتمع.
الخاتمة وأهم النتائج.
سائلين الله عز وجل ان يوفقنا وجميع المسلمين للتأدب بآداب الإسلام وتعاليمه السامية، وهو القادر على ذلك والحمد لله رب العالمين.

المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد  خير الأنام وعلى آله وصحبه الغرّ الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يعد القتال في سبيل الله تعالى من المواضيع الهامة التي تستحق الدراسة سيما ونحن نبحث في عصر الرسالة وصدر الإسلام، فقد شرع الله عزّ وجلّ القتال في سبيله بعد هجرة الرسول  إلى المدينة المنورة وأصبح المسلمون دولة، وكان أول تشريع للقتال دفاعاً عن النفس جاء في قوله تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭼ( ).
ونزلت آيات أخرى تنقل المسلمين إلى مراحل أخرى في القتال بأهداف وغايات تتلائم مع ما يحقق أهداف الأمة الإسلامية وإعلاء كلمة الحق، كما جاء في قوله تعالى: ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﭼ( ).
ان غزوة بدر أول غزوة فاصلة بين الحق والباطل غزوة الفرقان يوم التقى الجمعان يظهر فيه الحق ويبطل الباطل ﭽﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﭼ( ) .
ولذلك قاتلوا في غزوة غير متكافأة في العدة والعدد وهم ينظرون كثرة المشركين وما صنعوا لأنفسهم من هيبة كاذبة نبتت على طريق الشيطان فصبروا وقاتلوا دفاعا عن إسلامهم ونبيهم فنالوا أعلى الدرجات، وكانوا أفضل الصحابة بلا نزاع في الدنيا والآخرة. تم تقسيم البحث على مبحثين الاول تناولت فيه: الحركة العسكرية والغزوة والسرية لغة واصطلاحاً: اما المبحث الثاني فتناولت فيه: التحركات العسكرية في غزوة بدر الكبرى، ثم ختمت البحث بأهم النتائج.

المقدمة
الحمدُ لله أحمده أبلغ الحمد وأكمله وأعظمه وأتمه وأشمله, وأشهد أن لا إله إلا الله اعتقاداً لربوبيته, وإذعاناً لجلاله وعظمته وصمديته, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى من خليقتهِ, والمختار المجتبى من بريتهِ , وعلى آله وصبحه أجمعين.....أما بعد.
فإن الاشتغال بالعلم من أفضل القُرب وأجل الطاعات, وأهم أنواع الخير وأكد العبادات, وأولى ما أُنفقت فيه نفائس الأوقات, وشمر في إدراكهِ والتمكن فيه أصحاب الأنفس الزكيات, وبادر إلى الاهتمام به المسارعون إلى المكرمات, وسارع إلى التحلي به فاستبقوا الخيرات, فهو سبحانه المتفرد بالأنعام والأفضال ومن عظيم نعمهِ علينا أن بعث إلينا الرسل لتعليمنا وإيقاظنا من شرور الجهل والضلال... قال تعالى: ﭽ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭼ( )، فإنه سبحانه قد مَنّ علينا أن بعث إلينا نبياً ورسولاً ليبلغ هذه الرسالة العظيمة والتي تحمل نظاماً ربانياً محكماً دقيقاً لعبادهِ ألا وهي الشريعة الإسلامية السمحة.
وأن الشريعة الإسلامية المتمثلة في كتابِ الله وسنة رسولهِ قانون الحياة ودستور الأمة فلا تجد مسألة أو أمراً من التصرفات الفردية منها والجماعية إلا وجدت في دين الله وشرعه حكمها الخاص سواء كان عبادة أو معاملة أو واجباً أو حقاً أو كان ذلك أخلاقياً أو ما يخص الخلائق والكونيات وذلك من أسباب إعجازهِ سبحانه وتعالى.
أما الأمر الذي دفعني أن أبحث في مثل هذا الموضوع, أنه كان من ضالتي فدلني عليه من دلني, لأنه كان يتوسم بالنصح والإرشاد, وكذلك أن مثل هذا العلم المعاصر أصبح من الحاجة الضرورية أن يخوض به الطالب للعلم به كي لا يكون في زاوية مظلمة ولا يفقه من هذا العلم شيء, الذي أصبح هو المتناول في الأيادي اليوم.
حيث تناولت في بحثي هذا سندات المقارضة وجعلت مفرداتها في ثلاث مباحث:
المبحث الأول: جعلت فيه أربعة مطالب... تناولت في المطلب الأول تعريف السندات لغةً واصطلاحاً... وتناولت في المطلب الثاني ألفاظ السندات... وتناولت في المطلب الثالث أنواع السندات... وفي المطلب الرابع تناولت حكم بيع السندات باعتبارها ديناً.
وأما المبحث الثاني: جعلت في مطلبين... تناولت في المطلب الأول حكم التعامل بالسندات... وتناولت في المطلب الثاني التكييف الشرعي للسندات.
وفي المبحث الثالث: جعلت أربع مطالب... تناولت في المطلب الأول تعريف سندات المقارضة... وتناولت في المطلب الثاني نشأت فكرة سندات المقارضة... وتناولت في المطلب الثالث أنواع سندات المقارضة... وتناولت في المطلب الرابع أحكام سندات المقارضة, ثم الخاتمة... ثم فهرسة المصادر والمراجع.

الفصل الأول
التعريف بالبحث
مشكلة البحث
واجهت مهمة الطالب المطبق في المدارس العراقية عدداً من الصعوبات في المدة الأخيرة بسبب الظروف التي مر بها بلدنا الحبيب فضلاً عما كان يعانيه الطالب المطبق سابقاً من سوء الأعداد وادخال الحاصلين على شهادة الإعدادية أو ما يعادلها دورات سريعة لا تكفي لأن يكونوا مؤهلين للتعليم، وما التمسه الباحث في أثناء زيارته لعدد من الطلبة المطبقين منذ اثنتي عشرة سنة، إذ وجد تدنياً في مستوى أداء المطبق سنةً بعد أخرى، وهذا ما أكدته بعض الدراسات المتعلقة بتقويم أداء الطالب المطبق "للكشف عن جوانب القوة والضعف في أداء الطالب المطبق بمادة التربية الإسلامية وتحديد مهارات التدريس الأساسية اللازمة لديه ومدى توافرها بمجالات تخصصها.(الجبوري،2009: ص5)، والدعوة الى رفع مستوى الطالب المطبق على نحوٍ عام ومستوى أدائه في ضوء الأهداف التربوية المبتغاة (الحيلة،1999: ص20) وقد اكدت المؤتمرات الأخيرة في بعض الدول العربية ذلك ومنها ما اوصى به الباحثون في اختتام فعاليات المؤتمر التربوي الثالث (كليات التربية بين النظرية وإشكاليات التطبيق) في جامعة الأقصى بالعمل على تطوير برنامج التربية العملية في الكليات التربوية ليساير المستجدات في مجال الكفايات ومهارات التدريس (المؤتمر التربوي الثالث، 2012).
وقد اشار أحد الباحثين في دراسته التي تناولت تقويم الطلبة في مادة التطبيق الى أن هناك ضعف في التقويم مما يفترض مراجعة التقويم بين مدة وأخرى (المؤتمر السادس عشر،2007: ص126).
كذلك توصلت احدى الدراسات الى ان من المعوقات التي يواجهها الطالب المطبق كثرة عدد التلاميذ في الصف الواحد وضعف مساعدة ادارة المدرسة للمطبق في أداء واجبه، وضعف الأعداد الأكاديمي(التميمي وخميس، 2008: ص214).
ومن المشكلات التي لاحظها أحد الباحثين حول مادة التطبيق في احدى الدول العربية عدم تعاون الإدارات المدرسية والمعلمين مع الطلبة المطبقين، وعدم كفاية المدة الزمنية التي يقضيها الطالب المطبق في المدرسة في أثناء مدة التطبيق لتكوين علاقات جيدة داخل المدرسة، ولتكوين اتجاهات ايجابية لدى طلبته (القاسم،2007: ص 137).
ويرى الباحث من خلال عمله الميداني في التدريس أن ثمة صعوبات يواجهها الطالب المطبق من خلال أدائه والعوامل الأخرى التي تؤثر في عمله وأدائه، ولأن الدراسات التي حصل عليها الباحث تنطوي على محورين الأول يتعلق بتقويم أداء الطالب المطبق والثاني في المشكلات والمعوقات التي يواجها الطالب المطبق في تخصصات مختلفة ليس منها ما يتعلق بالتربية الإسلامية والتي لها خصوصية لكثرة فروعها وعلاقتها بكتاب الله المعجز الذي يحتاج جهداً مضاعفاً ليؤدي الطالب المطبق أداء مهمته، ومن أجل ذلك فأن مشكلة البحث تنطوي تحت السؤال الآتي:
ما الصعوبات التي يواجهها طلبة قسم علوم القرآن والتربية الإسلامية في التطبيق العملي في كلية التربية/الجامعة المستنصرية؟

المقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة – صلى الله عليه وآله وأصحابه وأتباعه ومن سار على منوال شريعته واتبع منهاج دينه إلى يوم الدين وبعد:
يخطو العلم خطوات واسعة ومتلاحقة فلا يكاد يمر وقت من غير أن يأتي العلم بجديد، وفي الغالب يكون ما يأتي به العلم في نفع الإنسان وفائدته وتحقيق الخير له وتيسير مصالحه، وقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين تطوراً مذهلاً في العلوم الطبية والعديد من الانجازات العلمية في هذا المجال، ولعل أهم وأعظم هذه الانجازات ما تحقق بالنسبة لحياة الإنسان وصحته هو التلقيح الصناعي وتغيير الجنس والاستنساخ وكذا انتشار وتوسع عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية، وتعتبر هذه الأخيرة من ابرز الموضوعات الطبية وأهمها لما تلعبه من دور كبير في إنقاذ المرضى المهددة حياتهم بالموت المؤكد، إذ أصبح من الممكن نقل أعضاء أو أجزاء منها من شخص إلى آخر سواء كان الأول حياً أو ميتاً.
وعلى الرغم من أن عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية قد اتسع نطاقها في القرن العشرين إلا إنها ليست وليدة هذا القرن، بل إنها تعد من أقدم الموضوعات التي عرفتها البشرية بشكل من الأشكال الابتدائية وإن لم تكن بهذا الشكل المتطور.
فقد عرف الإنسان في العصر البرونزي( ) عملية التربنة (النقب) والمسماة علمياً بإسم Trephine)) وهي عبارة عن عملية جراحية يتم خلالها استئصال جزء من قبو الجمجمة بإستخدام أحجار ذات حواف حادة ثم إعادة هذا الجزء إلى مكانه، وقد استخدمت هذه العملية لعلاجات عدة ككسور الجمجمة والتشنجات وإزالة الورم الدموي تحت غشاء الجافية (من طبقات السحايا)( )، وفي مصر القديمة برع قدماء المصريين في زراعة أسنان مأخوذة من الحيوان أو منحوتة من العاج في ذوات السلطة من النساء، وقد كان للاعتقاد الديني بوجود حياة بعد الموت يعني بأن الإنسان يبعث ناقصاً إذا لم تكن لديه أسنان، فكان غرس الأسنان قبل عملية التحنيط أمراً شائعاً( )، وقد ورد في كتب السنة أن قتادة بن النعمان( )  اصيبت أحدى عينيه يوم احد – وفي رواية يوم بدر – فوقعت على وجنته فردها  فكانت أحسن عينيه واحدهما بصراً( ).
ويعتبر ما حصل لقتادة أول عملية لزرع العين بكاملها ولم يتكرر هذا الأمر حتى الوقت الحاضر فهو معجزة من معجزات الرسول ، أما ما يطلق عليه الآن عمليات زرع العيون فيقصد بِها نقل قرنية العين فحسب، والقرنية عبارة عن جزء شفاف من الطبقة الخارجية للعين وتمثل سدس الأمامي منها ، ووظيفة القرنية نقل الصورة بطريقة واضحة لتقع في مركز الأبصار( )، وتعود اولى عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية بمفهومها الحديث لعام 1953 م حيث قام الطبيب هامبرجر (Hamburger) بنقل كلية من ام سليمة لإبنها الذي اصيبت كليته الوحيدة في حادث، وأول نجاح حقيقي لعمليات زرع الكلى كانت تلك التي أجراها موراي (Murray) في 23 / كانون الأول/ عام 1954 م من أخ لأخيه التوأم المتماثل والمسمى علمياً (Identical Twins) وتلتها عملية زرع الكبد سنة 1964، وبعدها عملية زرع البنكرياس سنة 1966م( )، ويذكر ان اول عملية زرع قلب اجريت في شهر ابريل سنة 1969 م في صدر مريض امريكي، وقد كانت تلك العملية تقدماً هاماً، حيث ان العملية اجريت بدقة وقام بها فريق (كاب تاون) واثبتوا ان التجارب على الحيوانات يمكن تطبيقها على الانسان ايضاً( ).

المقدمة
إن موضوع التنازع له أهمية كبيرة عند النحاة قديما وحديثا، حيث أن له استعمالات عدة في كلام العرب سواء كان في خطبهم أو أشعارهم، زيادة على ذلك أن القرآن الكريم استخدم أسلوب التنازع في مواطن وأساليب عدة مما يدل على أهمية هذا الأسلوب، وأضف إلى ذلك كله أن موضوع التنازع من المواضيع الخلافية عند النحاة قديما وما زال، فقد اختلف البصريون والكوفيون فيه من حيث أولوية تأثير أحد العاملين على المعمول، وهو ليس مجرد خلاف عادي لأنه عبارة عن اختلاف في عاملين أو أكثر على معمول كلٌّ يطلبه من جهة، والحركة الإعرابية للمعمول فيه لا تتحدد بعامل واحد كما هو مألوف في بقية الجمل، وهذا ما جعلني أطرق هذا الموضوع و أبحث فيه.
وقد تناولت في هذا البحث تعريف التنازع وأنواعه والخلاف بين البصريين والكوفيين و من ثم الغرض الذي يؤديه التنازع.
وذكرت أمثلة على هذا الموضوع من القرآن الكريم, ومن شعر العرب, ولكني ركزت على القرآن الكريم بشكل خاص لما فيه من التنوع في الأساليب والدلالات في التنازع و أغراضه.
وعسى أن أكون قد وفقت في هذا البحث المتواضع، والله وليُّ التوفيق.

المقدمة
لكل شخص الحق ان يفكر ويعتقد ويعبر عن فكره ومعتقده، دون تدخل ومصادره من احد مادام يلتزم الحدود العامة التي اقرتها الشريعة الإسلامية ﭽ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﭼ( ).
وحرية التعبير عن الرأي من أهم ما اقرته شريعتنا السمحاء اعتمادا على ان الناس يولدون احرارا، ومن يمتلك الحرية يمتلك الحقوق الاخرى كالمعتقد والتفكير والتعبير عن الراي، وبهذا الاسلام قد سبق المجتمعات الاخرى، وبالأخص الاوربية في التعامل مع حقوق الانسان.
واصبح للغرب ايضا نتيجة الفتوحات الاسلامية نتاجات على المستوى التنظيمي للدولة عدد من القوانين وعلى مختلف القضايا التي من شانها ان تحقق العدالة للمجتمع وضمان حرية الافراد، فمنذ عملية فرض العهد الاعظم (المكناركارتا عام 1215) والآراء لا تزال بضرورة منح الحريات والحقوق الفردية، وخير من عبر عن ذلك توماس هوبز (1588-1679) ولوك (1632– 1704) وجان جاك روسو(1712 – 1778).
لقد استطاع هؤلاء بجهودهم الفكرية من انتزاع الوسائل المؤدية إلى صياغة اشكال الحكم ووصف السلطة وواجباتها واقسامها بالشكل الذي يضمن هذا الحق وفق مبدأين هما:
1. اعتبار حرية الرأي والتعبير حق طبيعي للإنسان.
2. احترام حرية ورأي الاخر.
وعليه انطلقت فرضية البحث من الاتي: ان حق تمسك الفرد بحرية الرأي والتعبير بعيدا عن التمسك بالمسؤولية تجاهها يدفعه إلى الاغتراب داخل المجتمع أو خارجه.
ولشمولية البحث اتبعت الباحثة اكثر من منهج، اذ استخدمت المنهج التحليلي النظمي في المبحث الاول والثاني من البحث، فيما استخدمت المنهج الاستشفافي المستقبلي في المبحث الثالث والاخير منه.
ولأجل ذلك جرى تقسيم البحث، فضلا عن المقدمة، مدخل تمهيدي وثلاث مباحث وخاتمة ومصادر، جاء المبحث الأول حول التطرق لماهية حرية الرأي والتعبير في الشريعة الإسلامية، أما المبحث الثاني فقد تطرق إلى ماهية حرية الرأي والتعبير في القوانين الوضعية، أما المبحث الثالث فتطرق لرؤية مستقبلية حول ماهية هذا الحق.
أما الخاتمة فقد تضمنت تلخيصا لمضمون البحث، تعقبها استنتاجات عسى ان تفيد القارئ الكريم.

خطة البحث
المقدمة.
التمهيد: التأصيل التاريخي لحق ألمؤلف.
المبحث الاول: مفهوم حق المؤلف.
1-1 صفات المصنفات التي يكون لمؤلفيها حماية بموجب القانون
1-2 من المؤلف الذي يحمي مؤلفه بموجب القانون.
1-2-1 الشكلية.
1-2-2 الموضوعية.
المبحث الثاني: حقوق المؤلف.
2-1 اهم الحقوق المحمية بموجب القانون.
2-1-1حقوق الاستئثار.
2-1-2 الحقوق الادبية.
المبحث الثالث: مبرارات الحماية القانونية ومدتها.
المطلب الاول: مبرارات الحماية القانونية.
3-1 المبرر الاخلاقي.
3-2 المبرر الاجتماعي (الثقافي).
3-3 المبرر الاقتصادي.
المطلب الثاني: مدة الحماية القانونية.
3-2-1موقف التشريع العراقي.
3-2-2موقف بعض التشريعات العربية.
المطلب الثالث: اجراءات الحماية القانونية.
3-3-1 الآجراءات المدنية.
3-3-2 العقوبات الجزائية.
الخاتمة.



المقدمة
الملكية الفكرية هي نتاج تطورالانسان في شتى ميادين الحياة، وتراكم خبرات الشعوب والتقدم الذي وصلت اليه الحضارات في المجالات كافة في ارجاء المعمورة، وتعد حماية الملكية الفكرية احدى واهم متطلبات العالم اليوم لكون العالم اصبح كالقريه الصغيرة نتيجة التطور الحاصل في الميادين كافة مما سهل التعدي على حقوق الاخرين من خلال سرقة المؤلفات ونسبتها الى الغير، ويعزى تاريخياً انتشار هذه الظاهرة بسبب اختراع الطابعه (وهي احدى وسائل التطور العلمي) والتي بموجبها تم نسخ المؤلفات بصوره سريعة، وكذلك ظهورحالة ترجمة الكتب الى لغات العالم المختلفة فسهل ذلك كثيرا في انتشارالمؤلفات العلمية والادبية بين الدول، مما سهل امكانية سرقتها ونشرها مع تغير طفيف في اسلوبها أو طباعتها بأسم مؤلف اخر ايسر مما كان عليه سابقاً وهذا ماسمي بالسرقه العلمية للمؤلفات.
هنا دق ناقوص الخطر الذي حدا بالقانونيين من مشرعين وفقهاء الى المنادات بحماية حق المؤلفين من عبث العابثين وسرقة مؤلفاتهم المتنوعة واسنادها الى الاخرين، فظهرت الدعوة الى حماية حق الملكية الفكرية بمختلف انواعها من تأليف (موسيقى أو براءة أختراع....)، ولكون هذه الحقوق لاتختلف عن حقوق الاشخاص المالية أوالملكية الشخصية الواجبة الحماية من السرقة والعبث لذا شرعت لهذا الغرض العديد من التشريعات.
وان تقدم الانسان في مختلف اوجه الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعلمية، لم يأتي الا بعد ان استخدم (الفكر والعقل) الذين لولاهما لما تمكن الانسان من تحقيق هذا التقدم في المجالات كافة، الامر الذي يدل على أن الانتاج الذهني هو الاساس في توفير حياة افضل للبشر، وان الناس استخدموا جميع الوسائل القانونية للحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة من الاعتداء، لذا فمن باب اولى اعطاء (الفكر) الاهتمام المناسب لكونه هو الوسيلة التي ساعدت على انجاز هذه التقنيات او الفنيات، وذلك من خلال توفير الحماية القانونية المناسبة له كي يتشجع الناس على التطور ولايخشون من سرقة افكارهم ونسبتها الى الغير.
ونتيجة لذلك سعى العالم الى تطور نظم الاتصالات ونقل المعلومات وتم اكتشاف الكومبيوتر والذي يعد نقطة الاساس لهذا التطور الكبير الذي من خلاله تم اكتشاف الانترنت مما ساعد على اختصار الوقت والجهد والمال، ولهذا فأن السؤال الذي يطرح نفسه الان هو هل أن لمؤلفي البرامج الالكترونيه من حماية بموجب القانون أم لا؟
ومن هذا السؤال سيكون منطلق بحثنا ومن ثم نقوم بدراسة الموضوع من جوانبه كافه.
• مشكلة البحث:
اثبات هل ان التطورفي مجال التشريعات القانونية الالكترونيه يقابل او يوازي التطور العلمي الكبير والسريع في مجال الالكترونيات.
• اسلوب البحث:
دراسة التشريع العراقي والمقارنه والتحليل بينه وبين التشريعات الاخرى من عربية وغربية وبيان اراء فقهاء القانون في هذا المجال.
• خطة البحث:
ستكون الخطة مقسمه على ثلاثة مباحث الاول لآيضاح مفهوم حق المؤلف وفي الثاني سنبين حقوق المؤلف المحمية بموجب القانون وفي الاخيرسندرس وسائل الحماية القانونيه ومدة حمايتها.

أبــــو نـــواس والنـزعــة الأبيقوريــة:
لم تكن الحضارة العباسية وليدة يوم وليلة، بل كانت نتاج جهود أقوام كثيرة، بنت أول حضارة عرفتها البشرية في وادي الرافدين، وقد أثرت وتأثرت بما حولها من روافد وتيارات حضارية، مختلفة المشارب والمذاهب، لكنها قدمت أكثر الأدوات تأثيراً في استنهاض البشرية لتطوير إمكاناتها المادية والعقلية، ألا وهي الكتابة التي تعد أداة فاعلة للتحضر والتعلم والتدوين، وسن القوانين في العالم كقوانين أور- نمو ولبت عشتار وأشنونا والأختام الأسطوانية، وبنوا المعابد، وعملوا المسلات والنصب، وتميزوا بفن العمارة والنحت والرسم، وهي أقدم حضارة عرفها العالم، وكانت لهم اليد الطولى في علوم الفلك والكيمياء والصيدلة والرياضيات والهندسة، إذ اكتشفوا مبادئ هندسية ومعادلات جبرية، وتضم الألواح الرياضية المكتشفة حتى الآن ما يقارب من خمسمائة لوح رياضي، تعد من أثمن ما لدينا من آثار؟(1)، ولهم الخبرة الواسعة في مجال التعدين والتزجيج وعلوم الأرض والحياة والتدوين وعمل المعاجم اللغوية، واخترعوا مبدأ الصفر(2)، لبيان المراتب الخالية من الأرقام، وابتدعوا الساعة المائية والمزدلة الشمسية التي اقتبسها اليونانيون منهم، ومصطلح الأبراج الإثنى عشر، والماء الملكي(3)، وفي العراق تأسست أقدم المصارف المالية والمجالس الشعبية، وقد اشتهرت المدن المهمة بمكتباتها الكبيرة، ولعل أشهرها المكتبة الضخمة التي اكتشفت في قصر آشور بانيبال(4)، وقد افتخر بأنه من المتعلمين والراغبين في جمع مختلف صنوف المعرفة(5)، واحتوت المكتبة على أكثر من عشرين ألفاً من الرُّقُم الطينية، ولم يترك العراقيون ضربا من ضروب الأدب إلا وطرقوه، فقد ألفوا القصص والأساطير والملاحم، وكتبوا الصلوات والأدعية والتراتيل، وجمعوا الأمثال والحكم والنصائح ونظموا قصائد الغزل والمناجاة(6)، وتعد ملحمة گلگامش أقدم نوع من أدب الملاحم البطولية في تأريخ جميع الحضارات، وإلى هذا فهي أطول وأكمل ملحمة عرفتها الحضارات القديمة؟(7)، وقد تأثر بها الأدب اليوناني(8) وملحمتا هوميروس: الألياذة والأوديسة، خير شاهد ودليل على تأثره بأجواء وأبطال وأحداث تلك الملحمة البابلية، ومما يؤكد الثقافة الواسعة والاهتمام الزائد في التدوين هو اكتشافها عما لا يقل عن ثلاثين ألف رقم طيني في مدينة (نفر) السومرية(9)، وعلينا أن نمر ببعض المحطات الحضارية لمعرفة عمق وأصالة هذه الحضارة إذ تمتعت المرأة بمركز مرموق في العصر البابلي، وأصبحت مجندة في الجيش البابلي، وكانت تقوم بالأعمال التجارية وبمختلف أنواعها، وتتصرف بأملاكها كما تريد، فأخت حمورابي(10) كانت مقرضة، وتمكنت من شراء الكثير من الحقول، ومارست النساء عدداً من المهن، ولدينا إشارات عن وجود نساء مارسن مهنة الطب، علماً بأن الإشراف على ولادة النساء الحوامل كان يتم بواسطة القابلات اللواتي بلغن حداً كبيراً من إتقان المهنة، بدليل أنهن مارسن عملية الولادة القيصرية، وكان الآباء كثيراً ما ينذرون بناتهم في سبيل خدمة الآلهة، وقد مارس هذه العادة مختلف الطبقات حتى العائلة المالكة(11)، ومما يبرهن على سمو ذوقهم وولعهم بالفنون وتفردهم الفني هو قيام الملك البابلي نبوخذ نصر(12) بأخذ بعض النحاتين في حملاته العسكرية لرسم مخططات أو مسودات لبعض المشاهد من أحداث المعركة تمهيداً لتنفيذها في وقت لاحق على شكل منحوتات جدارية كبيرة، تتسم بالروعة لتزين بها القصور الملكية(13) وكانت لهم فلسفتهم الخاصة، التي تراءت في مجمل نشاطهم الفكري والديني والفني، وتجلت في ملاحمهم وقصصهم الأدبية، وأدعيتهم وتراتيلهم الدينية، وتعد محاولات العراقيين، القدماء في بعض تلك الآثار بحق "من أقدم المحاولات المدونة لبحث ومناقشة مسائل فلسفية أساسية، كالحياة والموت وخلق الكون، والإنسان والخير والشر، والثواب والعقاب(14) وما الثور المجنح الأشوري ببعيد عنا. والذي جاء برأس إنسان للدلالة على الحكمة والمعرفة، وبأن القوة لا تفيد ما لم يكن هنالك عقل مدبر وسياسة حكيمة، تزن الأمور بميزان العدل لئلا تتحول القوة إلى أداة تدمير، تهدم ولا تبني، تفسد ولا تصلح، تظلم ولا تتحقق العدالة الاجتماعية، ولكن رغم الحروب والانتكاسات والأحداث الجسام لم تقف عجلة الحضارة، بل بقيت متحركة، لما فيها من طاقات كامنة، تستحق البقاء والحياة، أو ليس دعوة التوحيد انطلقت من العراق على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام؟(15) لهذا لم يجف وادي الرافدين، بل بقي على ما هو من العنفوان والثراء الحضاري حتى ازدهر واتسعت آفاقه في العصر العباسي. وأصبحت بغداد قبلة كل طالب علم ومجتهد ورحالة، وامتزجت كل الأعراق والأجناس والمذاهب والعقائد بعد ازدهار حركة الترجمة والنقل التي بدأت في العصر الأموي واهتزت وربت أيام المنصور والرشيد والمأمون، وبهذا تم التمازج بين الحضارة الإسلامية وحضارات اليونان والهند وفارس، إذ ترجمت ونقلت كتب الطب والفلسفة والرياضيات والفلك والكيمياء والصيدلة، وغيرها من المعارف والعلوم، التي أثرت وتأثرت أيضاً، فكانت إضافة لها أثرها في ذلك التفاعل الحضاري الإنساني المؤثر، واتخذت الفرق الإسلامية المفاهيم والمقولات الفلسفية وأتية المنطق أدوات عند المناظرة والجدل لإفحام الخصوم والرد على الدهريين والملحدين وأصحاب البدع الضالة، وقد كان للمعتزلة أثر كبير في تشجيع حركة الترجمة(16) لذلك أسس المأمون دار الحكمة في بغداد لهذه الغاية(17)، لأنه كان من مؤيدي الفكر الاعتزالي، ومن العراق انطلقت الفرق الإسلامية والمدارس النحوية، واجتمعت في بغداد كل الألوان، وفيها التقت جميع الفنون وتآلفت كل الأضداد، فمن مجالس تفسير، وفقه وحديث، وأدب ومناظرات فلسفية وأدبية وفنية، إلى مجالس أنس وطرب وسماع، وعرفت بغداد بذلك الترف الحضاري الذي تجلى بما سطره أساطين العلم من إبداع في شتى مجالات المعرفة والفنون الموسيقية والآثار الأدبية وما قدمه فحول الشعراء من نتاج شعري غزير، فريد في الصياغة والابتكار والتجديد، فكانت بغداد مطمح كل محدث وخطيب وشاعر وفنان وفقيه حتى قال الشافعي رحمه الله(18): ما دخلت بلداً إلى عددته سفراً إلا بغداد فأني حين دخلتها عددتها وطناً(19) وكان يوم الجمعة ببغداد كيوم العيد في غيرها من البلاد، ومن لم يرها لم ير الدنيا، قال الجاحظ(20): الأمصار عشرة، فالصناعة في البصرة، والفصاحة بالكوفة، والخير ببغداد ...(21).