Journal of International studies

يثير الوضع في العراق بعد التغييرات التي شهدها في 2003 وإصدار دستوره الدائم في 2005 وما نص عليه حول شكل الدولة العراقية ونظامها السياسي وسلطات وصلاحيات الحكومة المركزية والإدارات المحلية وحكومة إقليم كردستان العراق على وجه الخصوص، وإستثمار وتقاسم وتوزيع ثروات البلاد الطبيعية ولاسيما النفط، وغيرها، الكثير من الجدل والخلاف، إن لم نقل الصراع.

تعتمد الدولة الحديثة دوما على الأسلوب الأمثل في التنظيم الإداري لأقاليمها بغية تلبية متطلبات شعبها وتقريب الخدمات منهم بما يخدم حاجاتهم اليومية ومر العراق بمراحل عديدة من التنظيم السياسي والإداري الذي كان لها الأثر الواضح على طبيعة النظام الإداري فقد تراوحت بين المركزية وعدم التركيز الإداري وحتى اللامركزية وبعد نيسان 2003 أنتهج العراق نظاماً إدارياً يختلف عما سبقه من الإنظمة، بما يتوافق مع مصطلح الحكم الصالح الذي يعرف بدلالة (الحكم الديمقراطي الفعال) الذي يعتمد حسب ما نصت عليه مبادئ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) المتمثلة بـ(المشاركة وحكم القانون والشفافية وحسن الاستجابة والمساواة والتوافق والفعالية والمحاسبة والرؤيا الإستراتيجية)، ومعايير البنك الدولي أبرزها (التمثيل، المشاركة، المنافسة، الشفافية، المساءلة، المحاسبة).

تعد المشاركة السياسية وسيلة المواطن في ايصال صوته الى السلطة بغض النظر عن طبيعة هذه السلطة، فضلا عن اختياره لمن يتولاها، ولكنها تختلف في اشكالها وفي طريقة ممارستها بين الدول و المجتمعات وبين افراد الدولة الواحدة انطلاقا من العوامل الذاتية والموضوعية المتعلقة بكل فرد، لذلك هناك من يلجا الى الوسائل المالوفة والتقليدية في تحقيق مشاركته في حين هناك اخرين يلجاون الى الوسائل غير التقليدية بل و حتى غير القانونية في تحقيقها . و يبقى للدولة بسلطاتها دور مهم في دفع الافراد نحو هذا الشكل او ذاك اعتمادا على السياسة التي تتبعها في تعاملها مع مواطنيها ان كانت استيعابية ام استبعادية، وفيما يخص تصورات المشاركة السياسية في العراق تنطبق عليها المشاركة التقليدية وغير التقليدية اعتمادا على العوامل الموضوعية و الذاتية لكل فرد وهو ما سنحاول بحثه هنا.
"يجب ان تفهم المشاركة السياسية ليس على اساس انها متطلب اخلاقي او فرصة للتنمية وانما حاجة استراتيجية ."

اتجاهات الرأي العام بصورة عامة ظاهرة اجتماعية مهمة لأنها تُعبر عن رأي ومشاعر، وأفكار، ومعتقدات، واتجاهات الأفراد داخل المجتمعات المختلفة على المستوى الوطني والدولي، إلا أن الرأي العام يتأثر بعوامل عدة يكون لها الدور الأساس لتشكل هذا الرأي من قبل أفراد المجتمع، كالعوامل الوراثية، والبيئية والمعتقدات الدينية والأخلاقية، وأيضاً الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام التي تلازمهم عبر مراحلهم العمرية، كما أن للأوضاع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والاتجاهات الثقافية دور في تكوين الرأي العام الذي ازداد أهميته منذ بداية الألفية الثانية، وتأثر بشكل واضح نتيجة التطورات التي تأثرت بها المجتمعات الحديثة كظهور شبكة الإنترنت، وتطور وسائل الإعلام وظهور الإعلام الجديد، فضلاً عن إلى التغييرات السياسية التي طرأت على الأنظمة العربية التي اجتاحت بعض الدول العربية .

يعد مفهوم حفظ السلام من المفاهيم الجديدة التي استخدمتها الامم المتحدة لتسوية النزاعات, إذ ساهم ذلك المفهوم في حفظ السلم والامن الدوليين عبر انشاء عمليات حفظ السلام في مناطق مختلفة من العالم.
واستندت عمليات حفظ السلم والامن الدوليين الى مبادئ اصبحت تُشكل سمة بارزة لها ولاسيما فيما يتعلق بحفظ السلم والامن الدوليين ومن تلك المبادئ , موافقة اطراف النزاع والحياد وعدم اللجوء الى استخدام القوة الإ في حالة الدفاع عن النفس.

تقومُ السلطات الاتحادية ومجالس المحافظات والوحدات الادارية التابعة بمهام تشريعية ورقابية تَتمثل في إدارةِ المرافق المحلية العامة والإشراف عليها, طِبقاً لِما تَنصُ عليهِ القوانين المُنظمة ويعد مَوضوع الرِقابة مِنْ أهم الإشكاليات التي رَافقت تَطبيق النظام اللامركزي فعلياً بَعْدَ عام 2003 في العراق، والتي بَدأت مُنذ لَحْظة الشروع بإعداد مَشْروع الدستور العراقي لعام 2005 وقانون المُحافظَات غَير المُنتظمة في إقليم, حَيث خَضع هذا القانون إلى مُساجلات سِياسية أدت في النِهاية أن يَخْرج بِهذه الصورة التَوافقية... وكان ضعف الصياغة التشريعية احد اهم اسباب ذلك في تشريع قوانين غير دقيقة مما ترتب عليه اهمال الدور الرقابي على مجالس المحافظات، حتى تدارك المشرع العادي ذلك في ان المشرع الدستوري اهمل جانب مهم وركن اساس من اركان قيام النظام اللامركزي وهو الرقابة بعدم خضوع هذه المجالس لسيطرة او اشراف أي وزارة او جهة غير مرتبطة بوزارة وفق المادة (122/البند خامسا) التي نظمت اللامركزية الادارية من الدستور اعلاه وجاءت الإشارة في قانون المحافظات النافذ رقم (21) لسنة 2008 بخضوع هذه المجالس لرقابة مجلس النواب دون غيره وهو شيء غريب اذ ان الدول التي تتبنى النظام اللامركزي تخضع هيئاتها المحلية لرقابة السلطة التنفيذية الاتحادية وليس للسلطة التشريعية فما السبب في ذلك؟؟!! فالرقابة وسيلة ووظيفة تمارسها السلطة الاتحادية والمحلية وفق الدستور والقانون لغرض تحقيق الاهداف المخطط لها والحفاظ على وحدة الدولة السياسية والقانونية للدولة..فهل مورست تلك الوظيفة وكيف تمت ممارستها ولماذا تم اهمالها؟؟

تعاني بنية القوى السياسية العراقية من تحديات خطيرة تمس وحدة تلك القوى وتماسكها، فكانت أحداث العام 2014 وسقوط عدد من المدن العراقية بيد مايسمى تنظيم داعش دالة واضحة بينت بشكل كبير هشاشة بنية تلك القوى وضعف البناء المؤسسي لها فالقوى السياسية العراقية ومنذ التغيير الذي شهده العراق لم تستطع ان تحقق انجازات واضحة، مما أدى الى تحديات خطيرة تهدد وحدتها وتماسكها وشعبيتها خاصة وعجزها عن النجاح في بناء الدولة العراقية ومؤسسات تلك االدولة، مما جعل تلك القوى في حالة من التشتت والانقسام وصعود قوى جديدة تحاول التخلص من أخطاء القوى التقليدية الماسكة بالسلطة.

لقد شهدت منطقة الشرق الاوسط بعد عام 2003 حالة من الفوضى والاضطراب الاقليمي بفعل سياسة الولايات المتحدة الامريكية في استخدام القوة الصلبة لاحداث التغيير لاسيما باحتلال العراق، حالة الفوضى هذه كان لها تداعيات على ادوار القوى الاقليمية ومن بينها ايران التي استشعرت الخطر نظرا لاقتراب الولايات المتحدة الامريكية وقواتها المتواجدة في العراق من الحدود الايرانية، لذلك فقد سعت ايران الى ممارسة دور اقليمي قائم على تعظيم امنها ومصالحها في ظل نظام فوضوي والسعي لتعظيم قوتها ومكاسبها، هذه الفوضى ازدادت مع الحراك الشعبي العربي الذي حصل عام 2011 وعرف (بالربيع العربي) وماتلاه من تبدل ادوار القوى الاقليمية (لاسيما تركيا والسعودية) فضلا عن تشكل خارطة جديدة للتحالفات في المنطقة حتمت بالنهاية على ايران العمل على زيادة دورها لتأمين هدفها المتمثل بالاستمرار والبقاء.