Abstract
يُنسب إلى المؤرخين ما مفاده ؛ ان كل المعطيات التاريخية والجغرافية تشير بوضوح إلى فقر منطقة مكة من الناحية الاقتصادية وبالتالي يمكن القول انها ؛ طاردة للسكان ناهيك عن كونها طريقاً للمواصلات باتجاه الشمال ( بلاد الشام ) أو الجنوب ( بلاد اليمن ) .
يبدأ تاريخ زمزم بوصول النبي إبراهيم الخليل برفقة زوجته ( هاجَرْ ) ووليدها الرضيع ( إسماعيل ) إلى تلك البقعة المجدبة في الوادي الذي تقوم فيه مكة اليوم(وكان هذا الوادي مضرب خيام القوافل التي ترحل بين الشام واليمن)(1).
وكان لهاجر موعد مع القَدَرْ ، إذ أوحى الله إلى ( جبريل ) بان يُفجَّر مياه ذلك الوادي ليجعل الله فيه رزقاً(2).
على ان هناك تضارباً في الروايات فيمن كان سبباً في تفجرّ ماء زمزم . فبعضها تنسبُ ذلك إلى إسماعيل وهو يحث بإصبعه التراب ، وأخرى إلى أمه ، والأخرى تنسبه إلى جبريل(3) .
أما تلك التي تنسب إلى جبريل ففيها شيء من التضارب أيضاً وقد أحسن صاحب كتاب شفاء الغرام .... في معالجته للقضية الأخيرة إذ قال : (( واختلفت الروايات في كيفية صنع الأمين جبريل حين أخرج ماء زمزم ، ففي رواية : (( بحث بعقِبه )) ، وفي رواية :
(( همز بعقِبه )) ، وهاتان الروايتان في (( صحيح البخاري )) ))(4) .
وهكذا رُزقت هاجر ووليدها ، ورُزق أهل ذلك البلد من بعدها أمنا ومتاعاً حسناً ... بعد ان زرع الله محبته في قلوب الناس ، مثلما زرع محبة إسماعيل في قلب هاجر !! ﭧ ﭨ ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﭼ البقرة: ١٢٦ (5) .
ﭧ ﭨ ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ إبراهيم: ٣٧ .
وبلا ريب فان ظهور الماء في مثل هذا الوادي المجدب يسترعي انتباه المارّة من الناس سواء أكانوا تجاراً أم رعاة ..
ومن الجدير ذكره ؛ ان منطقة مكة – وليس وادي الكعبة – قد خلت من الآبار ! فالمصادر التاريخية تحدثت عن وجود آبار أخرى - خارج الوادي - كان أهل مكة وحجيجها يستقون منها ؛ ومن هذه الابار بئر (( طوى )) التي حفرها عبد شمس بن مناف ، وبئر (( ذروان )) لبني زريق ، وبئر (( روية )) (( لرجل يهودي )) احتكرها وهو يبيع للمسلمين بأثمان جنى من ورائها أرباحاً ، مما حدا بعثمان بن عفان ان يشتريها بخمسة وثلاثين ألف درهم ويجعلها وقفاً للمسلمين(7) .
هذا وان اولاد قصي كانوا يجلبون الماء بحياض من خارج مكة ، قبل وجود زمزم ، يسقون الحجيج وغيرهم(8) .
بيد أن زمزم طفقت شهرتها في الأفاق لمكانتها من الحرم المكي .
جُرهم وهاجر :
تصدرت قبيلة (( جُرهم )) اليمانية على غيرها في الوصول إلى وادي
مكة ... وكان لها شأن مع هاجر وابنها !! على ان هذا لا ينفي ان أقواماً سكنت مكة قبل قصة هاجر وجُرهم من ( العماليق )(9) ؛ وكانوا قد لبثوا هناك قرابة
( 300 ) عام حتى أخرجتهم بنو بكر بن عبد مناف(10) .
لقد عاش الولد ( اسماعيل ) بحضن امه مع جُرهم في عز وحبور تارة ، وفي تطاول وفتور تارة أخرى ... إلى ان تزوج الرجل من إحدى فتياتهم ... ومكثوا جميعاً في هذا المكان إلى ما شاء الله(10) ....
اننا بحاجة إلى معلومات عن التطورات اللاحقة لبئر زمزم وأثرها في نشأة مكة . وجُلّ الذي نعرفه هو ما جاء على لسان ياقوت الحموي (( ..... وتطاولت الأيام على ذلك حتى غورت تلك السيول وعفتها الأمطار فلم يبق لزمزم أثر يُعرف ))(12) .
على ان المؤرخين يتحدثون عن أسباب أخرى عن مثل هذا الاندثار . فنتيجة
للمنازعات والحروب بين المكيين واعدائهم الخارجيين ، قام أحد أسياد مكة وهو (( مضاض بن عمرو الجرهمي )) بتغوير مصدر الماء الوحيد – زمزم – لئلا يستفيد عدوه منه ، وبالتالي يربح المعركة(13) ؛ ليس هذا فحسب ، إنما ينسب إليه أنه أخفى ذخائر بيت الله (الكعبة ) من الذهب في ذلك البئر ثم سوّاه بالارض(14) . على ان نتيجة عملٍ كهذا – وكان فضاض الجرهمي قد هرب إلى اليمن ولم يعد – دفع بأهل مكة الآخرين إلى حفر آبار أخرى ، بعد أن دَرَسَتْ الطبيعة علائم زمزم وجعلتها قاعاً صفصفاً(15) .
يبدأ تاريخ زمزم بوصول النبي إبراهيم الخليل برفقة زوجته ( هاجَرْ ) ووليدها الرضيع ( إسماعيل ) إلى تلك البقعة المجدبة في الوادي الذي تقوم فيه مكة اليوم(وكان هذا الوادي مضرب خيام القوافل التي ترحل بين الشام واليمن)(1).
وكان لهاجر موعد مع القَدَرْ ، إذ أوحى الله إلى ( جبريل ) بان يُفجَّر مياه ذلك الوادي ليجعل الله فيه رزقاً(2).
على ان هناك تضارباً في الروايات فيمن كان سبباً في تفجرّ ماء زمزم . فبعضها تنسبُ ذلك إلى إسماعيل وهو يحث بإصبعه التراب ، وأخرى إلى أمه ، والأخرى تنسبه إلى جبريل(3) .
أما تلك التي تنسب إلى جبريل ففيها شيء من التضارب أيضاً وقد أحسن صاحب كتاب شفاء الغرام .... في معالجته للقضية الأخيرة إذ قال : (( واختلفت الروايات في كيفية صنع الأمين جبريل حين أخرج ماء زمزم ، ففي رواية : (( بحث بعقِبه )) ، وفي رواية :
(( همز بعقِبه )) ، وهاتان الروايتان في (( صحيح البخاري )) ))(4) .
وهكذا رُزقت هاجر ووليدها ، ورُزق أهل ذلك البلد من بعدها أمنا ومتاعاً حسناً ... بعد ان زرع الله محبته في قلوب الناس ، مثلما زرع محبة إسماعيل في قلب هاجر !! ﭧ ﭨ ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﭼ البقرة: ١٢٦ (5) .
ﭧ ﭨ ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ إبراهيم: ٣٧ .
وبلا ريب فان ظهور الماء في مثل هذا الوادي المجدب يسترعي انتباه المارّة من الناس سواء أكانوا تجاراً أم رعاة ..
ومن الجدير ذكره ؛ ان منطقة مكة – وليس وادي الكعبة – قد خلت من الآبار ! فالمصادر التاريخية تحدثت عن وجود آبار أخرى - خارج الوادي - كان أهل مكة وحجيجها يستقون منها ؛ ومن هذه الابار بئر (( طوى )) التي حفرها عبد شمس بن مناف ، وبئر (( ذروان )) لبني زريق ، وبئر (( روية )) (( لرجل يهودي )) احتكرها وهو يبيع للمسلمين بأثمان جنى من ورائها أرباحاً ، مما حدا بعثمان بن عفان ان يشتريها بخمسة وثلاثين ألف درهم ويجعلها وقفاً للمسلمين(7) .
هذا وان اولاد قصي كانوا يجلبون الماء بحياض من خارج مكة ، قبل وجود زمزم ، يسقون الحجيج وغيرهم(8) .
بيد أن زمزم طفقت شهرتها في الأفاق لمكانتها من الحرم المكي .
جُرهم وهاجر :
تصدرت قبيلة (( جُرهم )) اليمانية على غيرها في الوصول إلى وادي
مكة ... وكان لها شأن مع هاجر وابنها !! على ان هذا لا ينفي ان أقواماً سكنت مكة قبل قصة هاجر وجُرهم من ( العماليق )(9) ؛ وكانوا قد لبثوا هناك قرابة
( 300 ) عام حتى أخرجتهم بنو بكر بن عبد مناف(10) .
لقد عاش الولد ( اسماعيل ) بحضن امه مع جُرهم في عز وحبور تارة ، وفي تطاول وفتور تارة أخرى ... إلى ان تزوج الرجل من إحدى فتياتهم ... ومكثوا جميعاً في هذا المكان إلى ما شاء الله(10) ....
اننا بحاجة إلى معلومات عن التطورات اللاحقة لبئر زمزم وأثرها في نشأة مكة . وجُلّ الذي نعرفه هو ما جاء على لسان ياقوت الحموي (( ..... وتطاولت الأيام على ذلك حتى غورت تلك السيول وعفتها الأمطار فلم يبق لزمزم أثر يُعرف ))(12) .
على ان المؤرخين يتحدثون عن أسباب أخرى عن مثل هذا الاندثار . فنتيجة
للمنازعات والحروب بين المكيين واعدائهم الخارجيين ، قام أحد أسياد مكة وهو (( مضاض بن عمرو الجرهمي )) بتغوير مصدر الماء الوحيد – زمزم – لئلا يستفيد عدوه منه ، وبالتالي يربح المعركة(13) ؛ ليس هذا فحسب ، إنما ينسب إليه أنه أخفى ذخائر بيت الله (الكعبة ) من الذهب في ذلك البئر ثم سوّاه بالارض(14) . على ان نتيجة عملٍ كهذا – وكان فضاض الجرهمي قد هرب إلى اليمن ولم يعد – دفع بأهل مكة الآخرين إلى حفر آبار أخرى ، بعد أن دَرَسَتْ الطبيعة علائم زمزم وجعلتها قاعاً صفصفاً(15) .