Journal of the College of Islamic Sciences

الإيمان بالله أغلى ما يملكه الإنسان،وهو يزيد وينقص-على القول الراجح-،وزيادته ونقصانه ثبتت: نقلا وعقلا ،والمسلم الصادق يسعى لاستكمال إيمانه، والانتقال من علم اليقين إلى عين اليقين إلى حق اليقين،ولكي يصل المؤمن إليه ؛ فعليه أن يسلك طرقا ذكرها القرآن، وبينها النبي صلى الله عليه وسلم، واستنبطها العلماء الربانيون ،توصل الباحث إلى ثلاث عشرة وسيلة منها: سماع القرآن بتدبر، والإكثار من الطاعات، والاتصاف بحسن الأخلاق، وإذا ما جدّ؛ وجد ثمرات هذه الطرق في الدنيا، كحلاوة الإيمان. وفي الآخرة، مثل: نيل الدرجات في الجنة.

يتناول البحث الموسوم آيات الصبح في القرآن الكريم دراسة موضوعية في ذكر الآيات التي وردت في سياق النص القرآني والتي تتناول الألفاظ المتعلقة بالصبح وعلاقتها مع بعضها من خلال ذكر أقوال المفسرين وقسم البحث إلى مبحثين.
الأول تناول القسم في القرآن الكريم لألفاظ الصبح وفضل التسبيح فيه مع بيان فضل وقت الصبح وتناول المبحث الثاني تحت مطالب عدة منها نزول العقاب من الله بالكفار وأفضل الأوقات في الإغارة على الأعداء ثم الخاتمة والمصادر.

من أهم أسباب اختياري للكتابة في هذا الموضوع : ما تعانيه الأسر المسلمة من شقاق بين الأزواج ، وبغض وكره أحدهما للآخر . وانتشار النشوز بين الأزواج الذي هو واحد من أخطر الأمراض التي تصيب المجتمعات والأسر ، الذي يؤدي إلى انتشار الطلاق بين الأزواج . وجهل الكثير من الأزواج في كيفية علاج نشوز أزواجهم ، وذلك بسبب ابتعادهم عن القرآن الكريم وقلة فهمهم له . وقد قسمت بحثي هذا على : مقدمة ، وتمهيد ، ومبحثين ، وخاتمة . تكلمت في المقدمة عن أهمية الموضوع ، وأسباب اختياري له ، وتقسيمي للبحث . وتناولت في التمهيد غايات الزواج ، التي شرع الله الزواج من أجلها . أما المبحث الأول : فقد بينت فيه تعريف النشوز ، وأسبابه ، وعلاماته ، وقد جعلته على مطلبين . والمبحث الثاني : تناولت فيه علاج النشوز . وقد جعلته على ثلاثة مطالب . أما الخاتمة ، فقد بينت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها خلال البحث والتي من أهمها : أن أغلب أسباب النشوز ترجع إلى الجهل بحقوق وواجبات كل من الزوجين . وأن أفضل العلاجات لمشاكل وأمراض الأسرة والمجتمع على الإطلاق هي العلاجات الربانية الموضوعة من قبل الله  في كتابه العزيز . وأن لا يكون القصد من استخدام وسائل العلاج هو الانتقام والإذلال والتحقير والتعذيب ، بقدر ما يكون القصد منها هو الإصلاح والحفاظ على الأسرة من الضياع والتشتت .

الحمد لله ربِّ العالمين، الذي أعزَّ الإنسان وجعله سيَّد المخلوقات، وأدام هذا العزَّ والتكريم بإنزال الشرائع وراعى فيها إنسانية الإنسان.والصلاة والسلام على خير البشر، الذي جاء رحمة للعالمين، محمدٍ وعلى آله وصحبه، إلى يوم الدِّين.....وبعد:
فإنَّ المتأمل في أحكام الشرائع السماوية، في التوراة والإنجيل والقرآن، يجد اختلافاً بيِّناً وتنوعاً في العقوبات، تتراوح هذه العقوبات بين الشدّة والاعتدال والليونة.
والشيء المتفق عليه، هو أنَّ هذه الأحكام إنَّما وضعتْ، في الأصل، لأجل أن ينال الإنسان كرامته وحقوقه، فالإنسان وحياته وسعادته، وإحقاق الحق ورفع الظلم،وتحقيق العدالة،هي الهدف من إنزال هذه التشريعات.ولا شكّ في أنَّه لو طبِّقتْ هذه الأحكام، لتحققتْ كلُّ هذه الأهداف.
إنَّ التوراة هو أول كتاب سماوي مدون، يحتوي على مجموعة كبيرة من هذه الأحكام، تتعلق بنواحي الحياة المختلفة. ﭧ ﭨﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﭼ [سورة الأنعام(154)]. تتسم هذه الأحكام، من حيث الأصل، بالعدالة والرحمة والهداية والشمولية. إلاَّ أنَّ يد التحريف عملتْ عملها،وشوهت هذه الأحكام، أتسمت بطابع انتقامي متشدد، تناسب حال اليهود وأخلاقهم، ووضعوا عقوبات متنوعة، بعضها تتصف بالعدالة، وبعضها بالشدة والتعسف وعدم المعقولية، وأنَّها غير مبررة بالمرة.
لأنَّ تطبيقها في أمر الواقع، لا يؤدي إلى تحقيق العدالة. ولعل وجود مثل هذه الأحكام الشديدة، هي التي دفعت ببعض النَّاس إلى رفض التشريعات السماوية، بدعوى أنَّها لا تتلائم مع طبيعة الإنسان،وأنَّها لا تراعي المبادئ الإنسانية، ولا تحافظ على كرامة الإنسان،بل تكبِّل وتقيِّد الحريات. ولهذا رفضوا الأديان، ظناً منهم أنَّ كلَّ الأديان هكذا. وراحوا يبحثون عن تشريعات من صنع الفكر الإنساني، وتباهوا بها، وطبَّقوها على أنَّها نصوص مقدسة.
ومن المعروف أنَّ الإنجيل لم يأتِ بشريعة جديدة، وإنَّما أقرَّ الإيمان بتشريعات التوراة، ودعا إلى تطبيقها، وعدم حذف حرف منها.
ثمَّ جاء القرآن الكريم بشريعة جديدة، تخالف شريعة التوراة ، تتميز بالاعتدال والشمولية وتؤكِّد على قدسية الحياة، ومكانة الإنسان. ودعا إلى مراعاة الجانب الإنساني في تطبيق هذه الأحكام.ورفض الظلم والتعسف في حالة تطبيق العقوبات. ورغم المرونة والبعد الإنساني الموجود في أحكام القرآن الكريم، وأنّها بطبيعتها تلائم جميع العصور، ولكن بسبب هذه العقدة النفسية تجاه الأديان، التي أنشأتها التوراة، بقيتْ هذه الكنوز النفيسة مدفونة في بطون الكتب.
ومن أجل المشاركة في بيان بعض هذه الحقائق،حول الشدة الموجودة في أحكام التوراة، والبعد الإنساني والاعتدال في أحكام القرآن، جاءتْ هذه المحاولة. لكي نبيِّن أيُّ الشرائع تحافظ وتؤكِّد على قدسية الإنسان وكرامته.
والمنهج المتبع في تحقيق هدف هذه الدراسة، لا يأتي من خلال مقارنة نص بنص،أو حكم بحكم، على وجه الشمول، بل الهدف هو التركيز على بعض الأحكام التي تتصف بالشدة والاعتدال،وبيان أماكن هذه الأحكام، لكي نقرر ونبيِّن مدى ملائمة هذه الأحكام لطبيعة الإنسان، وحفظ كرامته ومنزلته التي أعطاها له الباري عزّ َوجلَّ.
فقد جاءتْ الدراسة مشتملة على مقدمة وثلاثة مطالب وخاتمة، في المطلب الأول، تمَّ التركيز على بعض أحكام التوراة، وبيان مدى ملائمة هذه الأحكام مع طبيعة الإنسان.وفي المطلب الثاني، تحدثنا عن الإنجيل وما جاء به من مبادئ جديدة، والجوانب التي ركَّز عليها، وما أنفرد به عن التوراة. وفي المطلب الثالث، تحدثنا عن القرآن الكريم وما جاء به من أحكام، وطبيعة هذه الأحكام، والشروط والكيفية التي لا بدّ من أن ترافق تطبيقها.
وفي الخاتمة،تحدثنا مختصراً، عن أهم وجوه الاتفاق والاختلاف-خوفاً من التكرار لم نجعل هذه الوجوه مطلباً مستقلاً- ثمَّ تطرقنا إلى أهم النتائج التي خرجتْ بها الدراسة.
وختاماً أرجو أن يكون عملي هذا مقبولاً- مع الإقرار بوجود التقصير والأخطاء- عند الله، وأن يجعله في ميزان حسناتي.. آمين

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،أما بعد
فإن بحث القواعد التخاطبية التي انتظمت مخاطبات النبي صلى الله عليه وسلم وحواراته من أَجَلِّ البحوث التي توقفنا على آيات الحكمة والرحمة في التواصل النبوي الذي ينبغي للمسلمين أن يستثمروها في فهمٍ أدقَ لأسباب النجاح التي رافقت الدعوة المباركة للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم .
وإن واجب التأسي ليدفع إلى تتبع هذا الجانب من شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، والتعرف على ضوابطه وأوصافه ، والتفريق بين الاعتبارات التي جاءت بها هذه المخاطبات، حتى يتمكن المسلمون من بناء فقه للتواصل النبوي يبين لهم على هدي ما جاء في سيرته صلى الله عليه وسلم القيود والضوابط والإمكانات الإبداعية التواصلية والشرعية على حد سواء .

تناولت هذه الدراسة معاملة نظام المؤاخاة كعمل إبداعي لمواجهة الصعوبات التي واجهها الإسلام وما واجهه المسلمون من مصاعب والمجتمع الإسلامي بوجه التحديد بعد الهجرة إلى المدينة .
واعتقد بعض العلماء أو الخبراء بأن نظام الأخوة(أو الإخاء )طبق أولا في مكة بين المهاجرين أنفسهم لكي تشاع في صفوف المسلمين وتعمل على إزالة الفوارق فيما بين المسلمين خاصة بين النبلاء والعبيد . وقد سعت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على نظام المؤاخاة بالدراسات الشخصية خصوصاً فيما بين أصحاب الرسول () وقد أسهم هذا النظام في تطور الدعوة وإزالة كافة العوارض التي قد تعترض حقول هذه الدعوة كالبقاء والتوسع.

منذ وصول كتاب صحيح البخاري المغرب والأندلس ازدانت محافل بعض العلماء الحديث بصحيح البخاري وتفسير غريبة وإيضاح مشكله وبيان فقهه وأقبل على تلك المجالس العلماء وطلاب العلم رواية ودراية بشغف كبير, وصار حافزا للعلماء في الرحلة إلى المشرق الإسلامي .
ولم أرى كتابا في المغرب والأندلس في القرن الخامس بعد موطأ الإمام مالك _الذي هو عمدة مذهبهم_ كصحيح البخاري روايةً وسماعاً وتأليفاً عليه وخاصة إذا ما علمنا أنه عُدّ من قبل الكثير من العلماء أصح كتب الحديث وأصح كتاب بعد القرآن الكريم . إذ أن مجموع ما أُلّف على صحيح البخاري تجاوز ما ألف على الكتب الستة
وقد قسمت البحث إلى ثلاثة مباحث تناولت في المبحث الأول الشروح على صحيح البخاري حسب سنوات الوفاة لكي يتسنى معرفة أثر بعضهم في البعض ومدى استفادة الطالب من كتابات الشيخ, في حين تركز المبحث الثاني على تفسير غريب صحيح البخاري, والمبحث الثالث تتبع العلماء الذين ألفوا حول سند وأحوال رجال صحيح البخاري.
برز كوكبة من العلماء الذين اهتموا بصحيح البخاري في المغرب الإسلامي والأندلس الذين كان لهم الفضل في زيادة وعي طلاب علم الحديث خاصة والأمة عامة بأهمية صحيح البخاري .

يتناول هذا البحث تأصيل تغيير الحكم الشرعي، ويقدم جملة من الصور يتغير فيها الحكم، كتغير العلة والعرف والمصلحة وطريق الاستدلال، ومن خلال هذه المعطيات يخلص الباحث إلى أن الحكم قد يتغير نتيجة لتغير ما ابتنى عليه، وبعد هذا الجانب التأصيلي يتناول البحث مسألة قديمة حديثة، وهي مسألة اعتماد الحساب الفلكي في ثبوت الهلال، ويعرض اتجاهات الفقهاء، ويورد أدلة الفقهاء القدامى في الاعتماد على رؤية الهلال باعتبارها الطريق الوحيد لإثبات الهلال، ويحاول جمع أدلة بعض الفقهاء القدامى الذين ذهبوا إلى الاعتماد على الحساب الفلكي، ويؤصل لهذا الرأي من خلال بيان مستنده الشرعي، ثم يوازن بين أدلة الطرفين، ليصل في النهاية إلى ترجيح الاتجاه الذي يوجب الاعتماد على الحساب الفلكي، ويخلص إلى أن الاتجاهين ليسا قولين متقابلين، بل هما بمثابة القول الواحد، ولكن لكل قول زمانه اعتمادا على المعطيات العلمية المتوفرة في كل زمن، وأن النصوص الشرعية لا تنفي الاعتماد على الحساب الفلكي.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وبعد :
فقد امتازت المدرسة المالكية عن غيرها من المدارس بتنوع أصولها وقواعدها، فهي في مقدمة المدارس الفقهية من حيث سعة نطاق الاستدلال, وهذا التنوع والسعة صبغ المدرسة المالكية بخصائص عديدة، أقل ما يقال فيها إنها أكسبتها الثراء والتجدد مما جعلها تتفرد عن غيرها ببعض الأصول، ومن تلك الأصول التي احتلت مساحة معتبرة في مسائل الفقه, أصل (مراعاة الخلاف)، فيعتبر هذا الأصل أبعد المدرسة المالكية عن التقوقع والانغلاق، بل أضاف لها سمة الوسطية والجنوح إلى أعدل الأقوال وأوفقها، وجعل منها فضاءً رحباً, لتقبل قول الغير ودليله.
وقد قال عنه أحد منظري الاجتهاد المالكي الشيخ أبو العباس القباب( ) رحمه الله : «إنه من محاسن هذا المذهب», وقال عنه الشاطبي( )رحمه الله: «والأمثلة كثيرة؛ فاحتفظ بهذا الأصل؛ فهو مفيد جداً» ( ).
ولأهمية هذا الأصل, وما أُثِير حوله من أقاويل, أحْبَبْت أن أُسلط الضوء عليه بشيء من التفصيل, مبيناً تعريف أصل مراعاة الخلاف, والخلاف حوله, وبعض المسائل المتفرع عن هذا الأصل, وذلك من خلال كتاب الذخيرة للقرافي رحمه الله, وقد قمت بتقسيم هذا البحث إلى مقدمة, وأربعة مباحث, وخاتمة, وقائمة للفهارس.

تواجه الاقتصاديات العربية تحديات كبرى في ظل الانفتاح والاندماج بالسوق العالمي وما يعنيه ذلك من ضغوط اقتصادية ومنافسة حادة من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وقد أصبحت عملية بناء وتطوير القدرة التنافسية من خلال تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك ضرورة ملحة لرفع قدرة الاقتصاديات العربية على تحسين أدائها في ظل الانفتاح على العالم الخارجي وتحقيق استدامة النمو الاقتصادي و الرفاه الاجتماعي، نحاول في هذه الدراسة تقييم التكامل الاقتصادي فيما بين الدول العربية من خلال قياس وتحليل التدفقات المترتبة على المتغيرات التي تعتبر أساس القياس.

كانت بلاد الكورد التي سميت تباعا بكوردستان(*) أي الإقليم التي استوطن فيها الكورد منذ القديم هي من الإقاليم المهمة خلال العصور الإسلامية لاسيما خلال حركة الفتوحات الإسلامية ، وعلى من بلاد الكورد لم يكن له كيان سياسي شامل أو حدود جغرافية محددة ألا إن الكورد يمتلكون حدودا قومية ويقصد بذلك مناطق التجمعات الكثيفة للكورد وتعتبر هذه حدود قومية لكوردستان بهذا المعنى.

عاش أهل الذمة في المغرب العربي في عهد المرابطين أوضاعاً اجتماعية ودينية, خضعت في بعض الأحيان للأحوال الاقتصادية، فشهدوا نتيجة ذلك فترة من الشدة تخللتها فترات أخرى من التسامح حسب أحوال الدولة، وعلى الرغم من عمليات التغريب التي تعرض لها أهل الذمة في دولة المرابطين وبعض الإجراءات التي فرضت عليهم في فترة من فترات العصر المرابطي، إلا أنهم تمتعوا بحقوق، وتقلدوا مناصب عليا في الدولة، وعلى جميع المستويات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كانت روح التسامح التي شاعت بينهم وبين سكان المغرب سمحت بظهور تأثيرات متبادلة بحكم وجودهم على أرض واحدة، وكان لهذا التعايش تجليات مهمة جعلت للمجتمع المرابطي سمات واضحة المعالم، أهمها التنوع الحضاري والإنساني، وفي هذا البحث نستعرض حقوق أهل الذمة من النصارى واليهود في المجتمع المرابطي في عهد (علي بن يوسف) سنة 500 – 537 هــ، ثم نتطرق إلى تفاعل هؤلاء مع المسلمين في حياتهم الاجتماعية والتأثيرات المتبادلة فيما بينهم.

تمثل هذه الدراسة منطلقا تأسيسيا مقاربا للنظرية الوظيفية (التواصلية) عند ابن جني ، في التأكيد على الخاصية الآلية للغة ، وفي إخضاع السلوك اللغوي لحركة التفاعل الاجتماعي ، حاول البحث خلال هذا المنطلق المركوز بلورة أفكار وظيفية مهمة في الفكر اللساني عند ابن جني ممثلة في كتابه (الخصائص) ، من تلك الأفكار تجلت مبتدئة في أهم سمة استطاع أن يثيرها البحث ، وهي أن بنية الأقوال تتحدد دلالتها بين محتواها الوظيفي وسياقها التواصلي . كما أن الرؤية التداولية المطروحة بعمق في نصوص (الخصائص) عززت بالكثير من المعاني والشواهد الوظيفية المستقصاة من خلال حضور الدلالات لمفاهيم مثل : قواعد التخاطب ، والوضع التخاطبي ، والاستلزام الخطابي . إضافة إلى معياري (التوجيه والتضامن) في أسلوب إستراتيجية الاستعمال اللغوي ، التي تعكس العلاقات الاجتماعية بين المتخاطبين رتبة ودرجة وانتماء ، مثّل هو الآخر رؤية تواصلية مميزة ، يمكن القول بصفة عامة إنه هيمن علـى المحددات الوظيفية الأخرى التي تناولتها الدراسة استقراء وصفا وتحليلا .

ممّا لا شكَّ فيه أنَّ للمترادفات من الألفاظ هوامش صوتيّة ودلاليّة لابُدَّ أن تنسجم والسياق الذي وردت فيه ؛ لتعطيَهُ ما لا تعطيه غيرها ، وكذا الحال مع صيغها الصرفيّة ، فلكلّ واحدةٍ منها معانٍ متعددة ، ودلالةٌ تختلف عن الأخرى ، فالفعليّةُ مثلا تختلف عن الاسميّةِ، بل الفعليّة نفسها تتعدّد اختلافاتها بالنظر إلى زمن الفعل فيها ، أو صيغته التي قد تكون مجرّدة أو مزيدة ، فضلا عن نوع الزيادة فيها ، أو ســــــببها ، ومن ثَمَّ النظرُ إلى نوع الفعل من حيث اللزوم أو التعدّي ، وغير ذلك ممّا فيه الكثير ؛ نظرا لتعدّد التــــــــراكيب ، وتنوّع الأساليب ، واختلاف السياقات .
نحاول في البحث أن ندخل صراع المــــــناهج اللغوية في التحليل - بخجل أو على استحياء – لأننا نعتقد أنَّ تحليل النصوص اللغويّة بمستوياتها المختلفة واكتشاف البلاغة فيها يمكن أن يكون من خلال استبدال الألفاظ أو التراكيب بما يرادفها أو يشابهها ، فلولا القبح ما عرف الجمال .