Surra Man Ra'a

يعتبر الاحتلال تحدي واضح و كبير لمشاعر الشعب و جرح لكرامته و كبريائه و تدخل سافر في شؤونه حيث يترك المحتل أثرا سلبيا على الصعيد النفسي و المعنوي و يخلف نتائج مأساويه على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي . و نرى ان الشعب العراقي قد أصيب بإحباط كبير عندما شاهد و للمرة الأولى نزول قوات غريبة غازيه و محتله حيث قدم الشعب العراقي العديد من القتلى والجرحى و تعرض للمجاعات و الويلات .
عندما يقدم الاستعمار إلى احتلال أي بلد يضع في حساباته مجموعة من الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها منها ما يتعلق بالجانب السياسي والجانب الاقتصادي والجانب الثقافي والجانب الاجتماعي والذي سوف نسلط الضوء عليه من خلال السياسة التي يتبعها الاستعمار في المجتمعات التي تخضع لسيطرته ولذلك نرى بان الاستعمار البريطاني عندما أقدم على احتلال العراق عمل كل ما في وسعه لغرض تفكيك وتجزئة المجتمع العراقي وبث روح التفرقة لكي يسهل مهمة السيطرة عليه وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات والقرارات والقوانين التي اتخذها الاستعمار وكان الغرض منها تثبيت سلطته من خلال التركيز على مجاميع معينة تلبي له أهدافه وتعمل على تقوية مصالحه وتنفيذ سياسته مقابل إعطائهم مكاسب شخصية ، وغالبا ًما بدأت السلطة البريطانية في التركيز على الأقليات ومحاولة تقريبها من السلطة على حساب الأكثرية لغرض بث روح العداء والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد سيما عندما نرى بان المجتمع فيه العديد من الفسيفساء ربما ان المجتمع العراقي الذي يتألف من العديد من الطوائف والأقليات والاثنيات والقوميات لذا استغلها المحتل لتكون عامل ضعف بدل من إن تكون عامل قوة للمجتمع بتنوعه واختلاف ثقافته وأديانه ومذاهبه .
لقد أدرك الاستعمار البريطاني منذ البداية بضرورة التركيز على الجانب الاجتماعي نتيجة لما يحمله المجتمع العراقي من سمات تم التطرق إليها وقد نجح المحتل إلى حداً كبير في سياسته هذه واستطاع أن يدق إسفين التبعية والتفرقة بين أبنائه وتفكيك أوصال المجتمع وإدخاله في صراعات مختلفة بين العشائرية والبداوة من جهة وبين ألمدنيه والحضارة والتقدم من جهة أخرى ، كذلك بين الأقليات والطوائف والقوميات . واستطاع العراق إن يتجاوز العديد من هذه المشاكل بعد أن أدرك أبناءه المخاطر الحقيقية التي تركها الاستعمار في هذا الجانب .
ونرى في وقتنا الحاضر بان الاحتلال الأمريكي مارس السلوك الذي اتبعه البريطانيين في المجتمع العراقي وعملوعلى تفكيك أوصاله وزرع بذور الفتنه بين أبناء شعبه وهذا ما حصل عندما جاء بأجندته السياسية وتشكيل مجلس الحكم عام 2004 على أساس مذهبي وطائفي وشجع على توسع ألهوه بين أبناءه وكانت إحداث عام 2006 -2007، خير دليل على ما أقدم عليه المحتل وكادت تنشب الحرب الطائفية لولا تصدي أبناء الشعب العراقي لهذه الفتنة بكل جرأة وشجاعة لإسقاط هذا المشروع البغيض وتفويت ألفرصه على المحتل وأعداء العراق من إن ينفذ هذا المشروع . وبذلك يحتاج المجتمع العراقي إلى الكثير من الثقة والحذر من هذه المشاريع لكي يبني مجتمعه على أسس سليمة قائمه على ألمواطنه وحب الوطن والتضحية من أجله والعيش تحت خيمته بأمن وسلام واستقرار لينعم أبنائه جميعاً دون سواء بخيراته التي لو استغلت بشكل سليم لأصبح المجتمع العراقي من أرقى الشعوب في العالم .
البدايات الأولى للسياسة البريطانية إزاء المجتمع العراقي
في مطلع القرن العشرين كان المجتمع العراقي مؤلف من العديد من الأقليات العرقية والدينية مثل الأكراد والتركمان والكلدان والأرمن واليزيدين والصابئة واليهود والأشوريين والفرس وآخرين إضافة الى العرب الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان العراق .
بالإضافة الى هذا التنوع الكبير فأن هناك هوة واسعة بين مجتمع المدينة ومجتمع الريف ( المجتمع العشائري) ويبرز هذا التناقض بشكل واضح عند العرب دون غيرهم من الأقليات الأخرى وذلك بحكم انتمائهم العشائري بالرغم من ان سكان المدن في الغالب هم من اصل عشائري واحد (1).
في بداية الاحتلال البريطاني للعراق وبعد تشكيل الحكومة العراقية الحديثة عام 1921 كان المسئولون منهمكون في العمل من اجل استقلال البلاد ومنصرفون في حل المشكلات الكبيرة التي واجهت البلاد إزاء ما خلفه المحتل من أثار كبيرة على البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الا أنهم اعطو للجوانب السياسية والاقتصادية أهمية اكبر ولم ينادوا في الإصلاح المنشود للجانب الاجتماعي (2) .
عندما احتل الانكليز بغداد في 11اذار عام 1917 أصدرت القوات البريطانية بيانا أوضحت فيه الرسوم الواجب استيفاؤها من السكان فبقى هذا القانون معمولا به حتى أواخر عام 1930 (3).
تدخل المحتل المحتل بشكل سافر في خصوصيات المجتمع العراقي و حرصت بريطانيا على مشاركو الشيوخ و الأغوات في العمل السياسي (البرلمان) حيث كان عدد المشايخ و الاغاوات في المجلس التأسيسي عام 1924 (34 عضو ) من مجموع 99 عضوا (4).
مقارنة على مشاركتهم في مجلس المبعوثات العثماني عام 1914 حيث كان هناك نائبا واحدا من المشايخ من اصل (34 نائب) كانوا يمثلون العرب في هذا المجلس و كان معظم هؤلاء ينتمون الى أحزاب السلطة و التي غالبا ما تتقاطع مع الشعب (5). ناهيك عن دعم هؤلاء الشيوخ و الأغوات اقتصاديا عن طريق الهدايا و المعونات النقديه .
وقد أقرت الحكومة العراقية قانون ضرائب جديد عام 1931 بتشجيع من المحتل الا ان الجماهير قابلت هذا القانون بالاستنكار وقد تجلى ذلك من خلال المظاهرات ورفع الاحتجاجات .وذلك برفض فرض رسوم جديدة على أصحاب المدن التي تضمنها القانون الجديد (4).
لقد عمت الفوضى والاضطرابات والاحتجاجات مناطق مختلفة وأقفلت بغداد في 5 تموز 1931 وأصبحت بلا حركة تجارية وتوقفت الحياة فيها بشكل كامل وعمت هذه الثورة مدن عراقية كثيرة تضامنا ً مع بغداد مثل بعقوبة وكربلاء والنجف والرمادي والفلوجة والكوت والناصرية وفرضت في بعض المدن حراسات مسلحة مع بعض الشرطة وهذا نتيجة ما أقدم عليه المحتل وما شجعت له الحكومة على القيام بإصدار مثل هذه القوانين التي أثرت بشكل فاعل وكبير على حياة الناس في جميع نواحي الحياة وعلى مختلف الشرائح الاجتماعية مما اثر سلبا ً على المجتمع العراقي في مختلف النواحي (5) .
كانت سياسة الاستعمار تدل على أنها تتبع سلوكا ومنهجا موحدا ازاء جميع الشعوب التي تخضع لسيطرتهم وخير دليل على ذلك ما قاله اللورد كرومر المقيم البريطاني الأسبق في مصر (( لا يمكن للغرب ان يسيطر على الشرق سيطرة تامة إلا بأمرين : أضعاف الدين وإفساد الأخلاق )) (6).
هذا ما عملت على تطبيقه في جميع المستعمرات البريطانية وهو ما أقدم عليه الاستعمار البريطاني في العراق وحاول ان يحقق هذين الأمرين معا ً وقد اتضح ذلك بشكل جلي بعد الازمة الاقتصادية التي مر بها العراق إثناء الحرب العالمية الثانية (7).

تعد هذه الدراسة إسلوب خرائطي تطبيقي في طرق التحليل المكاني لبيانات(RS) وتقنيات (GIS) والتركيز على كيفية استخلاص الخصائص المكانية وتقييمها ودراسة المتطلبات والمحددات لمحصولي القمح والشعير ومن ثم بناء قاعدة جغرافية خرائطية لطبقاتهما المعلوماتية(Layers) اعتمادا على تحليل العلاقات البيئية للمعطيات الطبيعية والبشرية وتحديد مستويات صلاحية المقاطعة الواحدة لزراعة هذين المحصولين ، وتحديد أفضل المقاطعات الصالحة لزراعة كل منهما اعتماداً على معايير محددة بغية الوصول إلى مستويات تصنيفية للملائمة والقابلية الأرضية لهذه الاستعمالات ، وصولاً الى إعداد خرائطها والتي تتميز بالتوازن البصري من خلال التوافق (Harmony) بين عناصرها الأساسية وحسن اختيار مكوناتها ودرجة وضوحها (Clarity) لكي تستجيب بعملية الاتصال بين القارئ والمستخدم بعد إجراء تحليل إحصائي مكاني على محتويات الخرائط من المعايير او المتغيرات التي تؤثر في هذا الموضوع للخروج معلومات تفصيلية حول هذه المساحات وبمستوى المقاطعات الزراعية في المنطقة .

لابدَّ فـي هذا المبحث من عرضٍ لبعض الآثار التي تترتب على عمليات التجميل ، كونها عمليات جراحية تترتب عليها آثار تجدر الإشارة إليها ، مع ضرورة إيضاحها وتبيانها وإعطائها الحكم الشرعي ، وهذا ما سأبرزه في هذا المبحث إن شاء الله تعالى ، وقسمته إلى أربعة مطالب:

يتضمن هذا البحث مناقشة الخصائص المختلفة لنوعين من تعميمات التوزيع اللوجستي والتي تستخدم غالبا في تمثيل نماذج البيانات ذات المنوال الوحيد والتي تتمتع بالتواء ظاهر، التوزيع الاول يسمى بالتوزيع اللوجستي الملتو (Skew logistic distribution) وهو توزيع ذو منوال وحيد ويتصف بصفة التقعر (Concave)في حالة اخذ اللوغاريتم للبيانات،واهم ما يتميز به هذا التوزيع هو ان دالة التوزبع التراكمية ومعدل الفشل والعزوم المختلفة له لايمكن تعريفها بصورة واضحة وصريحة ،مما يجعله صعب الاستخدام في التطبيق العملي، اما النوع الثاني فيسمى التوزيع اللوجستي (المنطق) (Logistic Distribution) فمن خصائصه انه توزيع ذو منوال وحيد و تتناسب فيه الدالة الاحتمالية (p.d.f) مع دالة المخاطرة ((hazard ،وان الدالة التراكمية له ودالة المخاطرة ايضا تمثل صيغة معقدة ، لكن ممكن الحصول على العزوم المختلفة له بدلالة دالة ومشتقتها ،وان هذا التوزيع هو من التوزيعات الملتوية الثقيلة الذيل (Heaving tail distribution) وتسمى دالة الاحتمالية(log-concave density function) وسيتم تقدير المعلمات الثلاث للتوزيع اللوجستي الملتو باستخدام طريقة الامكان الاعظم وطريقة العزوم ،وبواسطة المحاكاة. حيث ستقدر معلمة الالتواء اولا للتوزيع اللوجستي القياسي بواسطة طريقة العزوم،لان معادلة الامكان الاعظم معقدة ولايمكن حلها بسهولة ،وبعد الحصول على المقدر نعتمد عليه في التوصل الى مقدري مما يساعد ذلك في اجراء توفيق لمنحني البيانات التي تتبع التوزيع اللوجستي الملتو واجراء اختبار حُسن المطابقة .
تنفذ تجارب المحاكاة باعتبار وتكرار كل تجربة واعتمادا على القيمة المثلى لمقدر المعلمة ،وبهذه التجارب نكون قد حصلنا على مقدرات لمعلمات التوزيع اللوجستي الملتو والذي يلائم الكثير من البيانات الاحصائية ،حيث لا تتبع بياناتها التوزيع الطبيعي وخاصة في التجارب الحياتية والتجارب الطبية،والبيانات المتعلقة بالظواهر الطبيعية.

تعد القوى العاملة من أهم مصادر الثروة في أي مكان بغض النظر عن درجة تطوره الحضاري ودرجة نموه الاقتصادي ، كما أنها تلعب دوراً بارزاً في أي نشاط حيث تؤثر تأثيراً مباشراً في التوجه التنموي وفي تنفيذ الخطط التنموية ويأتي التأثير المشار إليه من خلال كم ونوع القوى العاملة ، ولذلك فقد حظيت باهتمام كبير من قبل الباحثين بمختلف اختصاصهم .
إن مساهمة الجغرافي في مجال دراسة القوى العاملة البشرية هو الكشف عن صورة التوزيع الجغرافي والتباين المكاني لها ودراسة أهم العوامل المؤثرة فيه وهذا بدوره يحمل في طياته مشكلة للباحث الجغرافي ، لذا فإن غرض هذا البحث ينصب على توضيح صورة التوزيع الجغرافي للقوى العاملة البشرية في محافظة صلاح الدين وتباينها المكاني وفقاً لتباين تأثير العوامل المشار إليها .
منهج البحث :
ان الدراسة الجغرافية تتطلب معرفة العلاقات والاختلافات المكانية بين الظواهر المختلفة على سطح الارض والتي لا توجد بمفردها بل لا بد من وجود ظواهر اخرى ترتبط واياها مكانيا , وبتعبير ادق فان الدراسة الجغرافية لاي ظاهرة تتطلب دراسة توزيعها الجرافي وتباين هذا التوزيع وعلاقة هذه الظاهرة بغيرها من الظواهر والاحتمالية الجغرافية المستقبلية لهذه الظاهرة . ومن هنا يمكننا القول بان دراسة التباين المكاني للقوى العاملة البشرية في محافظة صلاح الدين حسب الوحدات الإدارية يفسره تباين عوامل ديموغرافية وبيئية مختلفة ممثلة ( بنسبة التحضر , نسبة ما يشكله صغار السن [ بعمر اقل من 15 سنة ] , نسبة ما يشكله كبار السن [ اكثر من 65 سنة ] , معدل النمو السكاني في كل وحدة إدارية)) .
وبسبب إمكانية قياس هذا العوامل لذلك سيتبع الباحث المنهج الكمي ممثلا بالدرجة المعيارية التي تمثل عدد الانحرافات المعيارية التي تبتعد فيها القيم الفردية في التوزيع عن الوسط , وهي مقياس التحديد الموقع النسبي لكل قيمة في التوزيع الذي تعود اليه تلافيا للصعوبات التي تنشأ عن استخدام الارقام المطلقة( ) ولذلك في وصف التوزيع الجغرافي للقوى العاملة البشرية في محافظة صلاح الدين على مستوى الوحدات الادارية الصغرى ( الناحية ) وكذلك في توضيح التباين المكاني للظواهر ذات العلاقة بتباين ظاهرة البحث .

تعد مرحلة الخمسينيات من القرن العشرين من الحقب المهمة والحاسمة في تاريخ المغرب، وذلك لتميزها بالنضال الدؤوب ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني المقرون بالمطالبة بالاستقلال، وتمسكه بقيادة محمد الخامس ، الذي أصبح رمزاً للمقاومة المغربية للتخلص من السيطرة الأجنبية ، فهذا التلاحم في الموقف الوطني زاد في حدة توتر العلاقة بين السلطان تسانده الحركة الوطنية وبين الإقامة العامة بمقيمها الجديد جيوم(geuogm)، الذي اتضحت أولى ملامح سياسته في أول خطاب له يوم 22 تشرين الأول 1951 بالتهجم على الوطنيين المغاربة وهدد بسحقهم وهاجم علال الفاسي ووصفه بالخائن لبلده وسيده ودينه. وشكل ذلك الخطاب دليلاً على وضوح نهج سياسة المقيم الجديد تجاه الحركة الوطنية، أما سياسته تجاه القصر فاستمرت بالتهديد من جديد حتى أخذت نطاقاً أوسع مما كانت عليه في عهد المقيم جوان(guan)، اذ تجلى ذلك بتدخل المقيم في شؤون الحكومة المغربية على نحو سافر ولاسيما في مسألة تعيين ممثلي السلطان المحليين وفي تأليف مجلس الحكومة، وقد نفذ ما كان يلوح به بخطبه تجاه الحركة الوطنية المغربية من خلال الاعتقالات العديدة حتى شملت طلبة علوم الدين والعلماء ، فهذا يعني أن سياسة المقيم جيوم هي امتداد لسياسة سلفه إن لم تكن أشد قسوة وتعصباً . ومن هنا سوف يركز البحث على الجوانب الاساسية في الازمة السياسية الثانية في المغرب التي كانت لها جذور في حصول الازمة الاولى عام 1951 لذلك سيتم التركيز على جذور الازمة السياسية الثانية في المغرب في عام 1952 ثم قيام الاقامة الفرنسية بخلع السلطان محمد الخامس بسبب قوة علاقته مع حزب الاستقلال ودعم الحركة الوطنية ثم نتناول في النقطة الثالثة الموقف الاسباني من نفي السلطان خارج المغرب واثرها على نشاط الحركة الوطنية في المغرب واخيرا ً سيتم التركيز على الموقف العربي من تطور الازمة واثره في تدويلها .

لحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى اله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد.
فمن المعلوم أن الحديث النبوي يمثل ثاني المصادر في التشريع الإسلامي، ومن ذلك تتبين أهمية التثبت مما ينسب إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- إذ حظيت السنة النبوية بعناية كبيرة من المحدثين ، واخضعوا المرويات لمنهج نقدي في غاية الدقة ، فتمكنوا من خلاله التمييز بين المنقول الصحيح والمنقول المعل ، حتى أصبح من المتيسر على الباحث أن يدرك سبب ضعف الحديث ، والعلة الواردة في الخبر المنقول الذي يبحث عنه ، وكل ذلك بقليل من النظر في مصنفات أئمة الحديث، اعتمادا من الباحث على ذلك المنهج النقدي الذي يعد من مفاخر هذه الأمة
ومن المؤكد ان فن علل الحديث من أدق أنواع هذا العلم فأحببت أن افرد هذا البحث لبيان اهم الخطوات العلمية والعملية التي يسلكها المحدثون للكشف عن علة الحديث مستعرضا لنماذج من طرق حديث ( الاذنان من الراس).
وكان وراء اختياري لهذه الطرق من غيرها أمران:-
الأول: إن هذا الحديث من الأحاديث العملية التي وردت في عبادة الطهارة والتي هي مفتاح الصلاة ، وقد نشا خلاف بين الفقهاء في مسالة مسح الأذنين في الوضوء ، هل يؤخذ لهما ماء جديد؟ أم يمسحان بماء الرأس على اعتبار إنهما جزء منه .
والثاني: إن هذا الحديث مما مثل به الإمام ابن الصلاح للحديث الضعيف الذي لا يترقى للحسن لغيره، وان روي من وجوه عديدة خلال كلامه عن مبحث الحديث الحسن فقال : ( ... لعل الباحث الفهم يقول : إنا نجد أحاديث محكوما بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة مثل حديث ( الاذنان من الراس ) ونحوه، فهلا جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن لان بعض ذلك عضد بعضا ... ، وجواب ذلك انه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه بل ذلك يتفاوت ... ، ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف ، وتقاعد هذا الجابر عن جبره ، ومقاومته ، وذلك كالضعف الذي ينشا من كون الراوي متهما بالكذب أو كون الحديث شاذا ، وهذه جملة تفاصيلها بالمباشرة والبحث ، فاعلم ذلك، فانه من النفائس العزيزة)(1)
ومن الأمانة العلمية أود أن أشير أولا لجهود ابرز السابقين في الكلام عن العلة ومباحثها ، فقد نبغ في هذا الفن أئمة كثيرون وصنفوا فيه ومن ابرز تلك المصنفات :
1- العلل : لعلي بن المديني (ت:234هـ) .
2- معرفة العلل والرجال : لأحمد بن حنبل (ت: 241هـ).
3- علل الحديث : لابي محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم الرازي (ت:327هـ)
4- العلل الواردة في الأحاديث النبوية : لعلي بن عمر الدار قطني(ت:385هـ).
وغيرها كثير .
وقد أولى الباحثون المعاصرون أيضا مباحث العلة بجانب كبير من العناية ومن ابرز المصنفات في هذا العصر :
1- العلل في الحديث : للدكتور همام عبد الرحيم سعيد.
2- لمحات موجزة في أصول علل الحديث : للدكتور نور الدين عتر.
هذا وقد قسمت بحثي على ثلاثة مباحث:
بينت في المبحث الأول معنى العلة ، وأهمية علم العلل معززا ذلك بالمنقول عن الأئمة السابقين والباحثين المعاصرين .
وأما المبحث الثاني فقد خصصته لبيان الخطوات العلمية والعملية في كشف العلة عند المحدثين .
وأما المبحث الثالث فقد ذكرت فيه نماذج من طرق حديث ( الاذنان من الراس )
مطبقا عليها مسالك تتبع الطرق .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد واله وصحبه أجمعين

من الأسباب التي أدت إلى اختيار موضوع العامة في بغداد في العصر العباسي الأول والثاني ( 132 – 334 هـ / 749 – 946 م ) عدم وجود دراسة تحمل العنوان نفسه، وأن ما كتب عن العامة فكان في العصور العباسية المتأخرة مثل كتاب (( العامة في بغداد في القرنين الثالث والرابع الهجريين )) لـفهمي عبدالرزاق سعد ، وكتاب (( العامة ببغداد في القرن الخامس الهجري )) لـبدري محمد فهد .
وتشكل دراسة العامة أهمية كبيرة لأنها تتكلم عن أحوال فئة اجتماعية تشكل النسبة الغالبة لجماهير أو شعب أي مجتمع ومنه المجتمع العباسي في بغداد في العصر العباسي الأول والثاني .
وإن استخراج النصوص المتعلقة بتاريخ العامة ليس بالأمر اليسير لأن كتب التاريخ الاعتيادية منصبة على التاريخ السياسي في كثير من الأحيان ، وإنها أرخت للخلفاء والسلاطين والأمراء دون الاهتمام بمظاهر الحياة الإنسانية الأخرى كالحياة الاجتماعية والاقتصادية .
وقسم البحث إلى مقدمة وتمهيد ثم تناول فئات العامة : التجار والصناع والزراع والعيارين والشطار والرقيق بما فيهم الغلمان والجواري ، وأخيراً أهل الذمة : النصارى واليهود والصابئة. وختم البحث بخاتمة تضمنت أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة وقائمة بالمصادر والمراجع .
واعتمد البحث على مصادر عدة يأتي في مقدمتها كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبري الذي أفاد البحث بصورة خاصة في أحداث بغداد ومدافعة العيارين والشطار عنها في عهود كل من الأمين والمستعين إضافة إلى ما أمد البحث بمعلومات عن سخط بعض الخلفاء العباسيين على النصارى بسبب تدهور العلاقة مع الدولة البيزنطية ومهاجمتهم الثغور الإسلامية ، وكتاب الشابشتي الديارات الذي أمد البحث بمعلومات أفادت في موضوع أعياد النصارى وكنائسهم وأعدادها وأسمائها ، وكتاب البلدان لليعقوبي الذي أفاد البحث بمعلومات مختلفة عن أسواق النخاسة وارتقاء قسم من المماليك الأتراك إلى مناصب وقيادات عليا ، وأفاد المسعودي البحث في كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر في الأسماء والاصطلاحات الأخرى التي كانت تطلق على العيارين كالفتيان والتنظيمات الخاصة بهم .
وأفاد كتابا الصابي الوزراء ، ورسوم دار الخلافة البحث فالأول تضمن أصحاب الصنائع كالحدادين والمطرزين ، والثاني في كلامه عن الغلمان والجواري وأعدادهم في دار الخلافة. إضافة لبعض المراجع ككتاب العامة في بغداد في القرنين الثالث والرابع الهجريين لـفهمي عبدالرزاق سعد ، وكتاب العامة ببغداد في القرن الخامس الهجري لـبدري محمد فهد ، وكتاب طبقات مجتمع بغداد في العصر العباسي الأول لإبراهيم سلمان الكروي ، وغيرها من المراجع يجدها القارئ في قائمة المصادر والمراجع الملحقة بهذا البحث .

ينطوي معجم المقاييس للعلامة أحمد بن فارس ، على ثلاثةِ محاورَ رئيسة،تشكَّل وِفقَها نظامُه العام، أُولى تلكمُ المحاور هي فكرة الأصول التي انبثقَ عنها، وانبَنتْ عليه أبواب الكتاب ، وثانيها هي فكرة النحت ، أو نظرية الأصول الثلاثية التي انبثقت عنها نظرية النحت لِمَا زادَ على ثلاثةِ أحرفٍ أصول ، وأخيرًا فكرة النظام الدائريّ ، الذي ضبط به توزيع المفردات وَضَمِنتْ له حصرَ مفردات اللغة على غرار تقليباتِ الخليل في العين.
من هذه المحاور تستمدُ هذه الدراسة مقوماتِها، فتحاولُ الكشْفَ عن الطريقة التي اتَّبعها الرجلُ في توزيعِ وتنظيم مفردات اللغة ،وَتِبْيَان الأثرِ الذي تركتْهُ الدوائرُ الخليلية في منهجهَا ، ثم الإيضاح عن فكرة الأصول الثلاثية في المعجمية العربية التي انسلَّت منها فكرة النحت، وجاءت في أعقاب ما زاد على ثلاثة أحرفٍ أصول في المقاييس،كتجسيدٍ لتلك الفكرة الرائدة.
فضلا عما سبق تحاولُ الدراسة الكشفَ أيضاً عن الطريقة التي سار عليها ابن فارس في التوزيع الداخليّ للمفردات من حيث كيفيّةِ البدْء في عرض المادة المعجمية، والمنهجية في أولَوِياتِ ذلك العرض .
لقد بنى ابن فارس معجَمه على فكرة الأصول ، التي تفتَرِض أن جميع اشتقاقاتِ المادةِ اللغوية ذات الجذر المشترك تنسلُّ من عائلةٍ واحدة ، وان أساس هذا التناسل هو معناها الأصل، الذي هو قياسها،وأنَّ العربيةَ عرفتْ هذه المقاييس وبنتْ عليها ـ بعد أن عدَّتها أصولاً ـ كلامَها . يقول ابن فارس في مقدمته :(( إنّ للغة العرب مقاييسَ صحيحة وأصولاً تتفرع منها فروع ، وقد ألّف الناس في جوامع اللغة ما ألّفوا ، ولم يُعْرِبوا في شيءٍ من ذلك عن مقياسٍ من تلك المقاييس ولا أصل من الأصول ، والذي أومأنا إليه بابٌ من العلم جليل وله خطر عظيم )) ( ) .

إنّ مما اعتنى به علماؤنا الأفذاذ كتاب الله العزيز إمعانا في فهمه ودرسهْ وردّا على الملاحدة وأصحاب الأفكار الهدامة. فكان أن تناولوه جملة وتناولوه تفصيلا. تناولوه شرعا وفقها ولغة وأساليب, حتى حاولوا سبر غوره وهو المعين الذي لا ينضب. وكان مما وقف عنده العلماء في العلوم الكاشفة لأسراره علم البلاغة لفهم سر إعجازه, ولم يكن علماء البلاغة فقط ممن وقف عند الأمر. فقد كان هذا الأسلوب دافعا للأصوليين لتناوله بالدرس والتمحيص. فكانت فكرة البحث الإطلاع العام على أبرز ما وقف عنده البلاغيون والأصولييون ونقاط اتفاقهم وافتراقهم وطبيعة اصطلاحاتهم في هذا الميدان, ودوافع كل منهم إلى الخوض في هذا الأسلوب.
وكان لزاما منهجيا أن يقف البحث عند طبيعة الخطاب الإسلامي العام, فروعه, وتشكيلاته ومصادره العليا. ثم يعرّف الطلب والأمر, ومعنى الأمر تعريفا دقيقا, وصيغ الأمر حقيقة ومجازا.
و تناول البحث الأمر من الوجهتين البلاغية والأصولية.
وجاءت أهمية البحث للتعرف على طبيعة تفكير كل شريحة من شرائح العلماء في تخصصاتهم على تنوعها حين ينظر كل منهم إلى مسألة مشتركة في ميادين البحث.

يعد التعليم الركن الأساسي في تقدم ورقي المجتمعات ، وقد مر التعليم في العراق بعدة ادوار تاريخية ، بسبب تغيير الأنظمة الحاكمة وخضوع البلاد للسيطرة الأجنبية، فضلاً عن وجود اختلاف كبير في الأعراق والثقافات ، وقد ترك ذلك كلّه أثراً واضحاً على المجتمع بجوانبها السلبية والايجابية، وكان لواء كركوك من أكثر الألوية العراقية تأثراً بتلك المسائل بسبب التنوع العرقي والديني . من أجل ذلك كان للتعليم دورٌ واضحٌ في ثقافة أبناء اللواء ، فقد أقرَّ العثمانيون نظاماً تعليمياً مختلفاً عما وضعه الانكليز بعد احتلالهم للبلاد ، وقد شهد التعليم تحولاً آخر مع بداية تشكيل الدولة العراقية في سنة 1921 .
إن تلك المسائل قادتنا إلى البحث في موضوع التعليم في كركوك للوقوف على أوضاعه العامة خلال عهد الانتداب البريطاني (1921-1932) ، ودراسة العوامل المؤثرة فيه والعقبات التي كانت تواجهه ، والآليات التي اعتمدتها الحكومات العراقية في سبيل معالجتها ، لبناء قاعدة أساسية للتعليم تساهم في نقل اللواء إلى مرحلة متقدمة .

الحمد لله العلي العظيم, الغني الحميد, الذي جعل الغنى نعمة لمن شكر,والفقر رحمة لمن صبر,وهو يحب الصابرين,ويجزي الشاكرين,والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين,إمام المرسلين,وقائد الغر الميامين سيدنا محمد الأمين,وعلى آله وصحبه,ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد00
فان الفريضة التي يقوم عليها البحث- هي- أن البشرية تعاني اليوم واحدة من أعقد مشكلاتها على مر التاريخ, تلك هي مشكلة التخلف الاقتصادي,إذ ينقسم العالم إلى مجموعتين, الأولى- مجموعة الدول التي تحتكر الثروات الطبيعية والاقتصادية والمال والطرق الفنية للإنتاج,والثانية- مجموعة الدول التي تعاني العجز الناتج من نقص في مواردها,أو إمكاناتها الفكرية,وطاقتها الحيوية,وقد يبلغ الحال ببعضها عن عجزها من توفير الحاجات الأساسية لشعوبها. وحيث أن مهمة العاملين في حقل الدراسات الإسلامية الاستقصاء,والتفتيش في تراث الأمة
وعقائدها لاستخراج وتأطير نموذج تنموي أصيل,فقد جاء تصدينا لهذا الموضوع امتثالا للحكم الشرعي المخاطب به هذه الأمة كافة المختصين بالدراسات الإسلامية,ومساهمة في رفد الدراسات العلمية الرائدة التي بدأت في جامعات العالم الإسلامي,ومراكز البحوث فيها, وذلك في محاولة لصياغة نظرية تكشف عن آلية الحركة
والتفاعل اللتين تنشئان عن تطبيق المبادئ الاقتصادية الإسلامية لمعرفة مدى,وعمق وأهمية التغيير الذي يحدثه تطبيق الاقتصاد الإسلامي.
لكل ما تقدم ورغبة منا في أن نفصل هذا الموضوع الذي تناولناه في الدراسة والبحث,ولنبين أبعاده وأهدافه,فقد وقع اختيارنا له,بوصفه أداء لفرض كفائي أوجبه الله تعالى بقوله : ﭽﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﭼ (1).
ولغرض البرهنة على فرضية البحث فقد اقتضت خطة بحثنا أن تأخذ الطابع الآتي من حيث الناحية التنظيمية:-
المقدمة : وتناولنا فيها أسباب دراسة الموضوع,وبيان منهجنا فيه,والمبحث الأول: وجاء تحت عنوان:- التخلف وموقف الاقتصاد الإسلامي منه,وجاء مقسما على ثلاثة مطالب:-
المطلب الأول: مفهوم التخلف.
المطلب الثاني:مقياس التخلف.
المطلب الثالث:التفسيرالاسلامي للتخلف.
وأما المبحث الثاني:فجاء تحت عنوان:- التنمية في الاقتصاد الإسلامي:وقد قسمناه على ثلاثة مطالب أيضاً.
المطلب الأول: مفهوم التنمية وأركانها في منهج الاستخلاف.
المطلب الثاني:غاية التنمية في الاقتصاد الإسلامي .
المطلب الثالث:الحكم الشرعي للممارسة التنموية.
وأخيرا الخاتمة التي ضمناها مجموعة من النتائج التي تمخضت عن بحثنا في هذا الموضوع,وقد اعتمدنا في كتابة هذا البحث على جملة من المصادر,منها كتب الفقه,وكتب الحديث,وكتب اللغة,وكتب الاقتصاد الحديثة,ومصادر أخرى,فما كان فيه من صواب فمن الله سبحانه وتعالى,وما كان فيه من زلل وخطأ فمنا ومن الشيطان,والله منه براء راجين من الله تعالى السداد والتوفيق,انه نعم المولى ونعم المعين.