Abstract
يتناول البحث واحدة من قِصار السُّوَر وهي سورة الماعون, بالوقوف أمام نصّها الكريم وتدبّره, لاستشفاف ما يمكن من بلاغتها, وتجلية ما احتوته من ظواهر بلاغية, وإظهار مدى إسهام هذه الظواهر في احتضان مقاصد السورة وصورها المختلفة, وكذلك اسهامها في التأثير على المتلقي وتحقيق اهداف الدعوة القرآنية. وقد حاول البحث التأكيد على أن الفنون البلاغية ليست فنوناً تجريدية لذاتها وانما هي جزء من بناء النص لها اهدافها ودلالاتها, ولاسيما في النص القرآني, حيث تُوظَّف الصور البلاغية لخدمة المعاني. ولم نعمد إلى تقسيم البحث إلى محاور, وإنما جاء لُحمَةً واحدةً على سبيل المنهج التحليلي الذي اسسّ له الدكتور جليل رشيد (رحمه الله) وسار على نهجه شيخي واستاذي الدكتور احمد فتحي رمضان, الذي اخذت من علمه واسلوبه الشيء الكثير مما دعاني الى اقتباس بعض عباراته, والسير على وفق ذلك المنهج الذي يقف امام مكنونات النص ليوصل القارئ إلى روافد الجمال والمعاني الثانية, وهو بهذا يقترب من بعض أسرار النص وبلاغته المعجزة مُعتمداً في كل ذلك على المدّونات التفسيرية وكتب اللغة والبلاغة. وقد اختيرت سورة الماعون موضوعاً للبحث كونها تعرض صورة الكفار والمنافقين وجزءاً من صفاتهم, وتهدف من خلال معانيها الثواني إلى تحذير المسلمين مما في الصورتين, فضلاً عن أنها قد تواشجت فيها الفنون البلاغية على نحو متناغم, فكانت لوحةً كاملةً يحتاج المتلقي إلى مفاتيح للدخول إلى عالمها الواسع العميق, فكانت الظواهر البلاغية هي المفاتيح التي تبقى معها السورة تحمل اعجازها المستمر مع الزمان والمكان.