AL-MUBEEN

إحدى المحطّات المعرفية البارزة في نهج البلاغة هي تأكيد مرجعية القرآن الكريم للمعارف والعلوم الإسلامية؛ إذ وردت عبارات واضحة الدلالة على ذلك، فيما نجد توصيات مأثورة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد يُستفاد منها النهي عن الاستناد إلى القرآن في بعض المواقع، وهذا ما يقتضي التأمّل والتدبّر في مغزى ذلك. والإشكالية التي نُثيرها في المقام: ما هي مديات المرجعية القرآنية للمعارف والعلوم الإسلامية في نهج البلاغة؟ فيا تُرى هل المراد منها المرجعية المطلقة للقرآن أو المرجعية المحدودة؟ ومهما كانت الإجابة عن هذا التساؤل فسوف تترك أثرًا بالغًا على مساحة مصادر المعرفة الإسلامية. ونحن نُحاول في هذا البحث الإجابة عن هذا التساؤل بقدر الوسع وبحسب الفرصة المتاحة لنا. ونشير إلى طبيعة هذا البحث؛ إذ يبدو لأوّل وهلة أنَّ طبيعة هذا البحث فكرية وثقافية عامّة، والمنطق البحثي يُملي علينا التحديد الدقيق، لذا نقول إنَّ هذا البحث هو من سنخ الأبحاث المرتبطة بفلسفة الفكر الإسلامية؛ لأنّه يبحث فيما وراء هذا الفكر والتوصيفات الكلّية له، ومنها تعيين مصادره، كما أنّه يتواشج مع أبحاث أُصول الفقه؛ لأنّه يبحث في تعيين دائرة مصادر التشريع. ومن هنا فإنّ المنهج المعتمد هو المنهج الأُصولي الاجتهادي بما يشتمل عليه من قواعد وضوابط وأدوات إثبات وجدانية وتعبّدية. وفرضية البحث أنّ المرجعية القرآنية بحسب رؤية الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة هي مرجعية مطلقة. والهدف الذي يحدونا هو السعي لاستثمار الطاقة الدلالية للبيانات القيّمة التي تضمّنها نهج البلاغة ومحاولة استثماره في التنمية المعرفية والتطوير العلمي في الدائرة الإسلامية، كمرحلة أُولى، ثمّ الإنطلاق إلى دائرة العلوم الإنسانية في مرحلة ثانية.
الكلمات المفتاحية: الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، نهج البلاغة، مرجعية القرآن الكريم، المعارف الإسلامية، العلوم الإسلامية.

تُعدّ الأُسس المرتكزات التي يقوم عليها فُهْمُ النصّ القرآنيّ، وتُحدِّد المنهج الصحيح الذي ينبغي أنْ يسلكه المفسِّرُ، فهي تؤدّي وظيفتين: الأولى مصباحيّة والأخرى معياريّة، وفي ضوء ذلك أصَّلَ الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) لمجموعةٍ من الأُسس التي ينبغي مراعاتها قبل الولوج للعمليّة التفسيريّة، وتُعدّ هذه الممارسة من الإمام عليّ (عليه السلام) جزءًا من مرجعيّة أهل البيت (عليهم السلام) في التعامل مع القرآن الكريم، وهذا التلازم المعرفيّ بين القرآن الكريم والعترة ليس تلازمًا اعتباريًّا أو اعتباطيًّا، بل هو ترابطٌ وجوديٌّ مستمر منذ وجود القرآن الكريم إلى يوم القيامة، فالأئمّةُ (عليهم السلام) سَايرُوا القرآنَ الكريم في جميع مراتبه الوجوديّة إلى أنْ نَزَلَ إلى هذا العالم؛ فهو استمرار العلاقة الوجوديّة السابقة في العوالم الغيبيّة، فلا يُمكن التفكيك بين القرآن الكريم والعترة الطاهرة.
فعند مطالعة نهج البلاغة للأمير (عليه السلام) نجد أنّ من تلك الأُسس ما يرجع للجانب الأخلاقيّ للفرد؛ كخُلوص النيّة، وعدم قصد اتّباع الفتنة في تأويل القرآن، وترك المِراء به...، ومنها ما يعود إلى الجانب المعرفيّ الضابط للفَهم السَّويّ، والكاشف للمعنى الإلهيّ المقصود؛ كضرورة الفَهم في ضوء خصائص أركان الخطاب، ومراعاة السياق، وعدم جعل القرآن عِضين، وفِقْه النصِّ في إطار أُمّهاته وعلومه اللّازمة للكشف.
الكلمات المفتاحيّة: أُسس الفَهْم، النصّ القرآنيّ، أمير المؤمنين، نهج البلاغة، التفسير.

بدأت الدراسات الاستشراقية حول الإمام علي (عليه السلام) تكتسب زخمًا في القرنين التاسع عشر والعشرين، تزامنًا مع اهتمام العالم الغربي المتزايد بفهم الحضارة الإسلامية من منظور ديني وتاريخي وثقافي. وقد تناول هؤلاء الباحثون حياته وأفكاره وعلومه من خلال جوانب نقدية وتحليلية ومقارنة. وركَّز كثيرٌ منهم على نهج البلاغة وأهميَّة ما نقلته خطبُه وحِكَمُه في العلوم الدينية والإنسانية والطبيعية. يتكون هذا البحث من مقدمة وثلاثة مباحث. تناول المبحث الأول العلوم الدينية والقرآنية في فكر الإمام علي (عليه السلام) من وجهة نظر المستشرقين. أمَّا المبحث الثاني، فقد ركز على العلوم الإنسانية التي تحدَّث عنها في نهج البلاغة من خلال نظرة تحليلية استشراقية. وكان هدفُ المبحث الثالث العلوم الطبيعية في نهج البلاغة كما تناولها المستشرقون في كتاباتهم ودراساتهم. في هذا البحث، اعتُمد على المصادر الاستشراقية الأصليَّة باللغة الانكليزية والفرنسية والألمانية لمستشرقين من المدرسة القديمة والمعاصرة.
الكلمات مفتاحية: نهج البلاغة، علم الإمام، الدراسات الاستشراقية

تقوم الدراسة على استظهار الفاعلية اللسانية لأسلوب تجاهل العارف، الذي يُنظر إليه في البلاغة الجديدة، والنقد الحديث؛ على أنَّه أحدُ الفنون البديعية التي تُضفي على النص تحسينًا وتنميقًا بعد اكتمال الدلالة على الرغم من أهميته المرتبطة بتحولات الأسلوبية الحديثة التي تنطوي تحت مظلة اللسانيات الحديثة، والبلاغة العربية من جهة، وارتباطه بالدراسات التداولية، ونجد ذلك حاضرًا في خطاب الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة، بعدّه خطابًا اكتملت فيه المعايير البلاغية، فيقوم فيه التحليل والتطبيق على وفق معطيات منهج لساني تداولي، ينظر لأسلوب تجاهل العارف بوصفه مكونًا عضويًّا بنائيًّا، يسهم في حبك النص وسبكه.
الكلمات المفتاحية: تجاهل العارف، إشكالية المصطلح، اللسانيات الحديثة، خطاب الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة.

الملخص
هذا بحثٌ يُعنى بدراسة دلالية لأساليب التعبير النحوية في الخطبة الشقشقية لأمير البيان (عليه السلام)، وقد وجد البحث أنَّ منتج النَّص قد وظَّف أساليب عديدة في سبيل الوصول إلى مقصده من خلال ما تحمله هذه الأساليب من مقاصد نحوية لها آثارها الدلالية، وقد امتازت بعض نصوصها بخصوصية استعمال بعض المفردات وما تحقّقه من دلالة لا تظهر إلّا بها، وقد درستُ أساليب النداء والشرط والتوكيد والاستفهام والقسم والجواب، ثم الخاتمة التي ظهرت فيها أبرز نتائج البحث.
الكلمات المفتاحية: أسلــوب، الدلالــة، الشقشقيـــَّة، أمير البيان.

لقد طفق الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) يخصفُ من ورقِ خدمةِ الإنسانيَّةِ تنظيرًا وتطبيقًا، فسالَتْ منهُ أوديةُ الهدايةِ، غرفَ منها من غرفَ ففازَ، وتجنَّبَها من تجنَّبَها -عصبيَّةً وطمعًا- فخابَ وتردى، حتى تربَّع (عليه السلام) على عرشِ التكاملِ، ليكونَ عالميًّا في كلِّ الفضائلِ الإنسانيَّةِ، والسياسيَّةِ، والاقتصاديَّةِ، والاجتماعيَّةِ، والأخلاقيَّةِ، فترجمَ الدينَ المحمَّديَّ الأصيلَ الذي أرادَهُ اللهُ سبحانه لعباده.
يتطلَّع هذا البحث إلى استكناه مرتكزات النزاهة وآليات مكافحة الفساد التي دبَّجها أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطابه للملأ بصورة عامة، ولمن يتسنَّم مقاليد السلطة والقيادة على وجه الخصوص، ولعمري ما هي إلَّا مبادئه التي سار عليها في حياته المباركة، ترجمها في أفعاله، وأسَّس لها في خطابه؛ لينقذ العالمين من غفلة الضلالة، إلى السراط المستقيم.
وقد رصد البحث ما جاد به المولى (عليه السلام) في هذا الشأن؛ ليدرسه في ضوء منهج تحليل الخطاب الذي ينطلق من المستوى البنيويِّ في الخطاب من الجملة وما فوق الجملة (النص) ثم ينتقل إلى أفق أوسع عندما يدخل المقام وأطراف الخطاب في معالجة الملفوظات وفهمها في منهج التداوليَّة، فتلك إجراءات تحليل اعتمدها البحث ليفاتش خطاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فاستقرَّ البحث على مبحثين عرض المبحث الأوَّل التحليل البنيوي، وبيَّن المبحث الآخر إجراءات التحليل التداولي من طريق نظرية الفعل الكلامي، ثم شُفع البحث بخاتمة قطفت نتائج الدراسة، ثم قائمة تضم مصادر البحث، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.