Abstract
يقصد بانحراف النظام البرلماني هو خروج النظام البرلماني على قواعده الاساسية نتيجة لهيمنة دستورية او فعلية, تحققها احدى هيئات النظام البرلماني, متجاوزة سلطتها التقليدية , وترجع اسباب هذا الانحراف الى محاولة تطبيقه في بيئة لا تلائمه من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملائمة , ومن ثم فان محاولة تطبيقه في دول اخرى لم تبلغ مؤهلات تطبيقه , يجعل احتمال نجاحه ضئيلاً ومحفوفاً بالمخاطر, وقد تؤدي الى فشله او ظهوره بصورة مشوهة لا تشبه نسخته الاصلية.
وعندما يصار إلى اعتماد النظام البرلماني كنظام سياسي , فذاك يعني مراعاة القواعد الاساسية التي يتأسس عليها هذا النظام والتي تتمثل بالتعاون والتوازن بين السلطات وايجاد اليات دستورية للتأثير المتبادل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية , بما يجعل التوازن بينهما قائما على الدوام وآمناً من خطر الاختلال, بما يؤدي الى صيانة النظام الديمقراطي , لاسيما وان العراق لا يزال يقف على أعتاب مرحلة جديدة، تتطلب بذل اقصى الجهود لتحقيق ذلك .
ولأجل الإحاطة بجوانب الموضوع قسمنا البحث على مبحثين وخاتمة , خصصنا الاول لبيان الاسس العامة للنظام البرلماني التقليدي , وبينا في الثاني مظاهر انحراف النظام البرلماني في دستور جمهورية العراق لسنة 2005, وقد اتبعنا في بحثنا منهج الدراسة التحليلية المقارنة بالنظام البرلماني التقليدي في انكلترا .
وقد كشف لنا البحث ان النظام البرلماني في العراق قد اصابه الانحراف في مواضع عديدة جعلته يقترب تارة الى النظام الرئاسي , وتارة اخرى الى النظام المجلسي , وأن القاعدة الاساسية في ايجاد نظام برلماني فعّال تتمثل بكفالة آليات التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وإقامة التوازن الناجز بينها, بتمكين كل منهما بوسائل دستورية تستطيع بواسطتها ان تحد من سلطة الاخرى ان تجاوزت حدود اختصاصاتها, أما خاتمة البحث فقد أودعناها النتائج التي وصلنا إليها والمقترحات التي تركزت حول بعض التعديلات على النصوص القانونية الواردة ضمن مفردات البحث ونأمل من المشرع العراقي أن يأخذ بها.