Abstract
تعد وظيفة (الصدارة) واحدة من الوظائف المهمة في الدولة الإيلخانية، فصاحبها هو الحاكم المسؤول عن الوحدة الإدارية بكامل مؤسساتها، وهي تقابل وظيفة الوزير في الدولة العباسية، وتعد من أكثر الوظائف أهمية في الدولة، تفوض إلى القائم بها في الغالب من قبل السلطان نفسه . ولأهمية مدينة واسط للدولة الإيلخانية لما كانت تتمتع به من خيرات وفيرة لعل من أهمها المنتجات الزراعية الكثيرة التي تنتجها آنذاك، كان حكام الدولة الإيلخانية يقومون بالإشراف بأنفسهم على تعيين الصدور لمدينة واسط تحديداً، ومحاسبة كل من يهمل أداء واجباته منهم .
ولتسليط الضوء على هذا المنصب المهم في إدارة الدولة الإيلخانية عموما، وفي مدينة واسط خاصة، وكذلك تعامل الحكام المغول معهم، اتخذناه ليكون موضوعاً لبحثنا هذا تحت عنوان: ((منصب الصدارة وأهميته في واسط إبان عهد الدولة الإيلخانية حتى نهاية القرن السابع الهجري)) . وقد استهللنا البحث بمقدمة تعريفية لمنصب الصدر وأهميته قبل الدخول في الموضوع الأساسي .
التعريف بمنصب الصدارة وأهميته
حظيت الأعمال الواسطية بأهمية خاصة عند الإيلخانيين بسبب موقعها الجغرافي المتميز وسعة مساحتها، ولكونها كانت موطناً لبعض القبائل التي تثير المتاعب للمغول . وبموجب هذه الأسباب قام هولاكو شخصياً بحصر تعيين ومحاسبة صدور هذه الوحدة الإدارية بيده، دون تفويض أي جهة أخرى بذلك، حتى أن صاحب ديوان بغداد لم يكن له حق ممارسة أية سلطة إدارية عليه، ولذلك حمل بعض متولي صدور هذه الأعمال لقب ملك، منصب الصدر( ) .
وجدت هذه الوظيفة في العصر العباسي الأخير وأخذت تطلق بدلاً من لفظة الوالي( )، وقد كانت تسمية الصدر خلال هذه الفترة تطلق على رئيس أحد الدواوين المركزية، وفي الوقت نفسه تطلق على رئيس الوحدة الإدارية( ) . أما صلاحية تعيين الصدر خلال هذه المدة فكانت بيد الخليفة العباسي( ) . وكانت وظيفته الإشراف على القوات المسلحة وعلى استتاب الأمن( )، فضلاً عن كل ما يتعلق بالأمور الإدارية والمالية( ) .
بعد سقوط الخلافة العباسية سنة 656هـ/1258م، ودخول المغول إليها، خضعت بقية المدن والمناطق العراقية بدون مقاومة تذكر- باستثناء مدينة واسط - والتي أعلن أهلها المقاومة فأرسل إليهم هولاكو قائده بوغاتيمور، الذي أنحدر إليها بعساكره فدخلوا المدينة وقتلوا من سكانها حوالي الأربعين ألفاً( ). وانتهى منها إلى قريب البصرة فقتل ونهب وسبى( ) . أما الولاة والنقباء وأكابر الناس فإنهم انحدروا بأهلهم وأموالهم إلى البصرة والبطائح فسلموا( ) .
وبعد إتمام احتلالهم للعراق، قسَّمه المغول إلى خمسة وحدات إدارية، وضعوا على رأس كل منها موظفاً يسمى (الصدر)( )، ثم عيَّنوا النوَّاب أي الموظفين والنظَّار( )، وهذه المناطق هي: الأعمال الحلية والكوفية، والفراتية، والأعمال الشرقية، والأعمال الواسطية والبصرية، وأعمال الدجيل والمستنصري( ).
غير أن التقسيم الإداري للأعمال الواسطية لم يكن ثابتاً، فقد كان سلاطين المغول أو نوَّابهم يقسمونها في بعض الأحيان، أو يضيفون بعضها إلى بعض حين يعيِّنون نوابهم عليها( )، فمرةً يعيَّن الصدر (النائب) على أعمال واسط، ومرّةً يُضم إليه قوسان والبصرة .
استمرت وظيفة الصدر في العهد الإيلخاني، إلا أن هذه التسمية أطلقت على رئيس الوحدة الإدارية فقط( ) . وأصبحت صلاحية تعيين الصدور وعزلهم خلال هذه المدة من قبل صاحب الديوان( )، بالنسبة للوحدات الإدارية في عموم العــراق، أما في
واسط فقد ظلّ تعيين الصدر محصوراً بيد هولاكو نفسه بالنظر لأهمية المدينة لهم( ) .
ولتسليط الضوء على هذا المنصب المهم في إدارة الدولة الإيلخانية عموما، وفي مدينة واسط خاصة، وكذلك تعامل الحكام المغول معهم، اتخذناه ليكون موضوعاً لبحثنا هذا تحت عنوان: ((منصب الصدارة وأهميته في واسط إبان عهد الدولة الإيلخانية حتى نهاية القرن السابع الهجري)) . وقد استهللنا البحث بمقدمة تعريفية لمنصب الصدر وأهميته قبل الدخول في الموضوع الأساسي .
التعريف بمنصب الصدارة وأهميته
حظيت الأعمال الواسطية بأهمية خاصة عند الإيلخانيين بسبب موقعها الجغرافي المتميز وسعة مساحتها، ولكونها كانت موطناً لبعض القبائل التي تثير المتاعب للمغول . وبموجب هذه الأسباب قام هولاكو شخصياً بحصر تعيين ومحاسبة صدور هذه الوحدة الإدارية بيده، دون تفويض أي جهة أخرى بذلك، حتى أن صاحب ديوان بغداد لم يكن له حق ممارسة أية سلطة إدارية عليه، ولذلك حمل بعض متولي صدور هذه الأعمال لقب ملك، منصب الصدر( ) .
وجدت هذه الوظيفة في العصر العباسي الأخير وأخذت تطلق بدلاً من لفظة الوالي( )، وقد كانت تسمية الصدر خلال هذه الفترة تطلق على رئيس أحد الدواوين المركزية، وفي الوقت نفسه تطلق على رئيس الوحدة الإدارية( ) . أما صلاحية تعيين الصدر خلال هذه المدة فكانت بيد الخليفة العباسي( ) . وكانت وظيفته الإشراف على القوات المسلحة وعلى استتاب الأمن( )، فضلاً عن كل ما يتعلق بالأمور الإدارية والمالية( ) .
بعد سقوط الخلافة العباسية سنة 656هـ/1258م، ودخول المغول إليها، خضعت بقية المدن والمناطق العراقية بدون مقاومة تذكر- باستثناء مدينة واسط - والتي أعلن أهلها المقاومة فأرسل إليهم هولاكو قائده بوغاتيمور، الذي أنحدر إليها بعساكره فدخلوا المدينة وقتلوا من سكانها حوالي الأربعين ألفاً( ). وانتهى منها إلى قريب البصرة فقتل ونهب وسبى( ) . أما الولاة والنقباء وأكابر الناس فإنهم انحدروا بأهلهم وأموالهم إلى البصرة والبطائح فسلموا( ) .
وبعد إتمام احتلالهم للعراق، قسَّمه المغول إلى خمسة وحدات إدارية، وضعوا على رأس كل منها موظفاً يسمى (الصدر)( )، ثم عيَّنوا النوَّاب أي الموظفين والنظَّار( )، وهذه المناطق هي: الأعمال الحلية والكوفية، والفراتية، والأعمال الشرقية، والأعمال الواسطية والبصرية، وأعمال الدجيل والمستنصري( ).
غير أن التقسيم الإداري للأعمال الواسطية لم يكن ثابتاً، فقد كان سلاطين المغول أو نوَّابهم يقسمونها في بعض الأحيان، أو يضيفون بعضها إلى بعض حين يعيِّنون نوابهم عليها( )، فمرةً يعيَّن الصدر (النائب) على أعمال واسط، ومرّةً يُضم إليه قوسان والبصرة .
استمرت وظيفة الصدر في العهد الإيلخاني، إلا أن هذه التسمية أطلقت على رئيس الوحدة الإدارية فقط( ) . وأصبحت صلاحية تعيين الصدور وعزلهم خلال هذه المدة من قبل صاحب الديوان( )، بالنسبة للوحدات الإدارية في عموم العــراق، أما في
واسط فقد ظلّ تعيين الصدر محصوراً بيد هولاكو نفسه بالنظر لأهمية المدينة لهم( ) .