Abstract
يمثل النص العلاقات المترابطة التي تحكم اللغة على وجه الخصوص ، وقد تميّزت اللغة العربية بتلك العلاقات التي جمعت بين المتلقي والقارئ في فهم محتواها ، وقد شرّف الله العربية بأن تكون لغة القرآن الكريم ، لذلك لابد أن تكون آصرة تجمع بين الالتزام بقيم القرآن الكريم ومعانيها التي توحي إلى إعجازها ، وهذا ما تحقق ، فنجد الكثير من العلماء يُقبل عليها فيجد نفسه تائهاً بين مكنوناتها ، ولعلّ من فهم جزءاً منها استطاع أن يؤلف الصفحات تلو الأخرى من دون أن يجد حداً لذلك .
ولما كان القرآن الكريم المدرسة التربوية في تهذيب السلوك الإنسانيّ فإنَّ التوجهات القرآنية اتخذت مسارات متعددة وبدلالات مختلفة في إيضاح الفكر المعرفي وبناء الذات الإنسانية نحو التكامل ، وهذا ما يمكن معرفة مضامينه من خلال التحليل الدلاليّ للنصوص المباركة ومعرفة مدى التطابق التلازمي في اختيار الألفاظ والنصوص مع المفهوم العام للنص ، ويُعد دور الأبعاد النصيّة في الانسجام والائتلاف والمناسبة أساس لبيان مصداقية المفهوم الجوهريّ للفكر التربويّ القرآنيّ .
والحقيقة، لم تكن الدراسات النصية عند العرب تخرج عن المستوى اللغوي الواضح عند الجميع إلا من حَظِي بمكانة في العلم ، ولا يطالعنا كتاب دلائل الإعجاز إلا وتوقفت تلك الدراسات أمامه مبهورة ، فالجرجاني ذلك العالم اللّغوي استطاع أن يحدد صياغة اللغة من نظمها وائتلافها ، ويعتمد الدليل في ذلك ، وهذا ما جعل الدراسات النصية تأخذ سلماً من التطور في مجالات اللغة والأدب والعلوم الأخرى. ولاشك أنّ القرآن الكريم كان المدرسة التي انطلقت منها جهود العلماء ، وبالتالي فإنَّ الدراسة في هذا الميدان شرف للجميع ، وهذا ما دفعني إلى دراسة الأبعاد النصية وبيان أثرها في التوجيه التربويّ للقرآن الكريم من خلال الأبعاد الثلاثة (الانسجام ، والائتلاف ، والمناسبة ) .
والتربية القرآنية عملية اجتماعية تهدف إلى توجيه السلوك في تغييره أو التأكيد عليه ضمن إطارٍ تعليمي غايتُهُ وضعُ أسسٍ متينة لبناء مجتمعٍ سليم. لذلك ستكون الدراسة القرآنية المباركة وفق رؤية شاملة تتحقق من خلالها الأبعاد النصية على إثر التحليل النصيّ لبعض آيات القرآن الكريم .