Abstract
يبسط القانون الجنائي سلطانه على اقليم الدولة, موفراً بذلك الحماية الجنائية بشقيها الموضوعي والاجرائي لضحايا الجرائم من خلال محاسبة الجناة والاقتصاص منهم, بمثولهم أمام القضاء المختص. إلاَّ أن بعض الافعال تخرج من نطاقه ولا يمكن محاسبة مرتكبيها, استناداً الى مبدأ الشرعية الجنائية ( لا جريمة ولا عقوبة الا بنص أو بناءاً عليه), ويبقى الفاعل حر طليق, لاسيما إن كانت تلك الافعال ترقى الى مستوى جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب ذات الطابع الدولي, كالجرائم التي ارتكبت بحق أبناء المكون الإيزيدي وبالتحديد فئة النساء الإيزيديات, في منطقة قضاء سنجار التابع الى محافظة نينوى شمال العراق, إثرَ الهجوم عليها من قبل أفراد تنظيم داعش الإرهابي في 3/آب/2014. ومن المعروف ان هذا النوع من الجرائم يخضع للاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة , لكن تبقى مسألة النظر في تلك الجرائم تصطدم بعقبة عدم انضمام العراق الى النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة, كما ان انضمامه بعد ارتكاب تلك الجرائم لا يُخضعها الى ولاية المحكمة, إذ لا يسري قانون المحكمة بأثر رجعي وينعقد اختصاصها لنظر الجرائم التي ترتكب بعد الانضمام الى نظامها الاساسي, فضلاً عن مبدأ التكامل الوارد في نظام روما الاساسي, فإنه يمنح الاولوية للقضاء الوطني لنظر تلك الجرائم الا في حال عدم قدرة الدولة أو عدم رغبتها في المقاضاة, وبالرغم من صلاحية مجلس الامن في امكانية الإحالة في حال كانت الدولة غير طرف كالعراق والسودان, إلاّ إنه لم يحيل ملف جرائم تنظيم داعش الارهابي ومن ضمنها الجرائم المرتكبة بحق الإيزيديات , وأكتفى في قراره المرقم (2379) سنة 2017, بتشكيل فريق دولي لجمع الادلة وحفظها وتخزينها, وتسليمها بعد ذلك الى المحاكم الوطنية, والاخيرة لا تحاكم عن تلك الجرائم الا بموجب قانون مكافحة الارهاب الاتحادي وبتهمة الانتماء للتنظيم , ومن خلال محاكمات تستند فيها الى اعترافات المتهمين دون اشتراك الضحايا, وبغية عدم افلات الجناة من العقاب ووضع الحلول القانونية ,تناولنا هذا الموضوع بالبحث والدراسة ووضع المعالجات المناسبة التي تحول أو تصطدم بمحاكمة الجناة وإنزال القصاص العادل جاء لما اقترفوا من جرائم.