Abstract
يعد الدستور القانون الأسمى في الدولة، فهو يبين شكل الدولة ونظام الحكم القائم فيها، ويحدد سلطاتها العامة وعلاقة بعضها بالبعض الآخر من جهة, وعلاقتها بالأفراد من جهة أخرى ، وهذا ما نص عليه المشرع الدستوري العراقي وفق دستور عام 2005، إلا أن قد تلجأ احدى سلطات العامة للدولة ـ غالبا ما تكون السلطة رئيس الجمهورية ـ في بعض الظروف الاستثنائية او الطارئة ايقاف العمل بنصوص الدستور جزءَ او كلاً لمدة طويلة او قصير وفق نص دستوري يعطيها صلاحية القيام بذلك وضمن مبدا المشروعية, وهذا ما اصطلح على تسميته بالتعطيل الرسمي للدستور, او تلجأ السلطات الثلاثة العامة للدولة او احدها في قضايا سياسية تؤدي إلى إيقاف العمل ببعض نصوص الدستور دون الاستناد إلى نص دستوري يعطيها صالحية القيام بذلك العمل, وهذا ما أصطلح على تسميته بالتعطيل الفعلي للدستور(غير الرسمي), وقد تطرقنا الى ذلك من خلال بيان ماهية تعطيل الدستور ومفهومه بصورة عامة وفق والمعيار اللغوي والموضوعي وعناصره وما يميزه عن غيره وكذلك بصورة خاصة في بيان صور تعطيل الدستور التي ذكرناها انفا, ومسوغات ( مبررات) كل من الصورة منها. ونظرا إلى أن التعطيل الفعلي لم ينشأ بموجب نص في الدستور، فهو يثير مشكلة موضوعية تتعلق بصعوبة اكتشافه وتشخيصه إذ ينبغي استقراء الواقع السياسي ومقارنته بنصوص الدستور لاستجلاء هذه الصورة من صور التعطيل, وبيان تأثيره مشروعيته من عدمه على سير تطبيق احكام نص من نصوص الدستور او اكثر, اذ ان هذا التعطيل ـ غير رسمي ـ زاد من الازمات السياسية والقانونية تعقيدا عن تطبيق جملة من الاحكام المنصوص عليها في دستور جمهورية العراق عام 2005 عقب عدة دورات انتخابية لمجلس النواب لاسيما ما حصل بعد انتخابات مجلس النواب للسنين 2010, و 2021 من صراعات بين الكتل والأحزاب السياسية, والتي أدت بدورها إلى تعطيل العمل الرقابي لمجلس النواب على أداء السلطة التنفيذية بالإضافة إلى تعطيل ممارسة الدور التشريعي لمجلس النواب لاسيما ما تعلق بإقرار قانون الموازنة العامة الاتحادية، ناهيك عن التعطيل الفعلي لإقرار مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا التي تعتبر الفيصل لباقي السلطات, ولأجل ذلك كله وقع اختيارنا لهذا الموضوع بهدف دراسة ـ اوجه تعطيل الدستور والسلطات الثلاثة للدولة وفق دستور جمهورية العراق لعام 2005 - في إطاره النظري والمفاهيمي العام دراسة علمية مستقلة ، من خلال استقراء الواقع السياسي العراقي ومقارنته بنصوص الدستور المتعلقة بالسلطات الثالثة للدولة، ووضع حلول تكفل معالجة الواقع السياسي المرير على وفق مبدأ المشروعية.